الأقصى  لحظة الحقيقة والاستحقاق

الأقصى ... لحظة الحقيقة والاستحقاق

الأقصى ... لحظة الحقيقة والاستحقاق

 تونس اليوم -

الأقصى  لحظة الحقيقة والاستحقاق

عريب الرنتاوي

يبدو أن لحظة "السطو" على الأقصى قد أزفت ... تقسيم المسجد بات موضوعاً للتداول الرسمي في مؤسسات صنع القرار الإسرائيلي، وعمليات "التهيئة" التي أجرتها مختلف الجهات الصهيونية ذات الصلة، لقياس ردود أفعالنا على "الجريمة الجارية"، أظهرت للإسرائيليين، وبما لا يدع مجالاً للشك، أن الطريق بات سالكاً وآمناً لتنفيذ قفزة كبرى في المسعى لتهويد أولى القبلتين و"أسرلة" ثالث الحرمين الشرفين. منذ الحريق الذي أعقب الاحتلال، وحتى أيامنا هذه، وعمليات القضم المتدرج للمسجد، رمز المدينة المقدسة وأيقونتها، تجري على قدم وساق، وبوتائر متصاعدة ومنتظمة، تتقدم حيناً وتتراجع في بعض الأحيان تحت ضغط حسابات السياسة وردود أفعال مختلف اللاعبين ... ولم تنجح مسارات السلام والمفاوضات في وقف الزحف الإسرائيلي على المسجد ... ولم تَحل "أوسلو" ولا "وادي عربة" في كبح اندفاعة المشروع التهويدي، وضربت إسرائيل، كدأبها دوماً، بكل الاتفاقات والعهود والمعاهدات، ومضت في طريقها المرسوم، وصولاً لما نحن فيه وعليه. الفلسطينيون لاهون عن مسجدهم، نصفهم يطارد خيط دخان المفاوضات العبثية، فيما نصفهم الآخر، غارق في أوهام "التمكين" و"النهضة" و"الصحوة" ... والانقسام الفلسطيني لا يترك للأقصى سوى وظيفة واحدة: بوابات تعلوها صور الرئيس المصري المعزول، وساحات تطارد عزام الأحمد والوفد الأردني الزائر ... أما مقاومة الاحتلال الجاثم على صدر المسجد والمصلين والأهل والناس، فتلكم، مسألة متروكةً للأساطير والخرافات والأجيال القادمة. ولولا "حفنة" من المجاهدين عن حق، وليس على طريقة الظواهري و"النصرة" و"إمارات الظلام" التي تُفرخ على عجل، حتى وإن في قرية بمساحة "دلجا" المصرية، لكان المسجد المستباح، قد صار أثراً بعد عين ... هؤلاء هم الصابرون المرابطون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، هم الذين ما زالوا يقفون في وجه الأنياب الفولاذية لجرافات الاستيطان، هم الذين يتصدون لقطعان المستوطنين المدججين بإيديولوجيا الكراهية والتمييز العنصري والتعصب الديني الأعمى، هم الذي بأكفهم وصدورهم العارية، يتلقون رصاصات الاحتلال وهراوته. ليست القدس أو الأقصى على رأس جدول أولويات أحد، بمن في ذلك القوى الفلسطينية الفاعلة ... الجميع لديه أولويات أخرى في مكان آخر ... وثمة إحساس "بليد" بأن الأمر الجلل قد لا يقع الآن أو غداً، وقد لا يقع أبداً ... لا أدري من أين يأتي هؤلاء بكل هذه الطمأنينة ... وهل هي طمأنينة في الأصل، أم أنها نوع من "التسليم بالأمر الواقع والاستسلام لتصاريف الدهر والقدر الإسرائيليين"؟ ولولا بضعة بيانات تنديد واستنكار، معدة مسبقاً، يستنسخ جديدها القديم منها، لما رأينا حركة لأي من القوى والأطراف الفاعلة في هذا المضمار ... العرب غارقون في حروب داحس والغبراء وصراعات المذاهب والطوائف الأقوام ... وشيوخ الأمة و"علمائها" منصرفون إلى معارك "أمراء الطواف" وحروبهم وجيوشهم، يسخرون فتاواهم الجاهزة لخدمة هذا الحاكم أو ذاك الحساب المصرفي ... والشوارع العربية يتربص أحدها بالآخر، فيما "قضية العرب المركزية الأولى"، يتوالى مسلسل انهياراتها، وقد يتوّج قريباً بالانهيار الكبير لثالث الحرمين الشريفين ... وبالمناسبة، ثمة من يريد أن ينسى أن هناك حرمٌ ثالث، بحاجة للخدمة والرعاية والحماية أولاً، لكأن "عقيدة المسلم" يمكن أن تكتمل بحرمين اثنين فقط، ولا أستبعد أن يفاجئنا أحد شيوخ "الناتو" ومفتي البلاطات النفطية، بما يقطع ويجزم، بجواز إرجاء "الجهاد" لتحرير القدس وأكناف بيت المقدس، وكيف لا يفعلون ذلك، وهم الذي قدموا الجهاد لتحرير المسجد الأموي ومسجد رابعة على الجهاد في سبيل القدس والأقصى. قبل أيام قلائل، كان نواب عرب في الكنيست يخوضون معركة ضارية ضد ممثلي التطرف الديني والقومي اليهودي في الكنيست، الذين يعرضون لتقسيم الأقصى "زمانياً"، أي بمعنى تخصيص أيام لليهود وأخرى للمسلمين للصلاة فيه ... وسيلي ذلك اقتراح تقسيم الأقصى "مكانياً" وفقاً لسيناريو المسجد الإبراهيمي الشريف في خليل الرحمن ... كل ذلك توطئة لهدم المسجد وإعادة تشكيل صورة المدينة المقدسة، وفي قلبها الهيكل السليماني المزعوم. والحقيقة أن العدوان على الأقصى لا ينتقص من القانون الدولي ويتعدى على الاتفاقيات المبرمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين فحسب، بل ويشكل عدواناً على "الدور الأردني" في رعاية المقدسات وحمايتها ... وهو دور أعيد ترسيمه في معاهدة وادي عربة 1994، وجرى التذكير به في الاتفاق الفلسطيني – الأردني الأخير ... يومها قلنا أن هذا الاتفاق يملي على الأردن مسؤوليات جسام، يتعين التفكير بها ملياً، قبل إطلاق العنان للتصريحات الاحتفالية التي رافقته وأعقبته ... فالمسألة هنا تتعدى الاعتراف الفلسطيني بالدور الأردني في الرعاية، إلى نقل المسؤولية عن الحماية للجانب الأردني، فهل نحن قادرون على تحمل هذه الأعباء والاستعداد لدفع أكلافها، والتي قد تصل في لحظة ما، إلى وضع المعاهدة والسلام والسفارات والسفراء في كفة، وبقاء المسجد آمناً ومصاناً، بهويته العربية – الإسلامية في كفة ثانية. نحن نقترب من لحظة الحقيقة والاستحقاق، والمؤكد أن أدواتنا القديمة في التعامل مع العدوان الإسرائيلي المتكرر على الأقصى ما عادت كافية أو فاعلة، بدلالة أنها لم توقف التعديات فعلياً ... فهل آن أوان التفكير ببدائل أخرى وأوراق أخرى قد نلجأ إليها لحماية دورنا في "الرعاية" و"الحماية"؟ نقلا عن  موقع القدس للدراسات  السياسية  

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأقصى  لحظة الحقيقة والاستحقاق الأقصى  لحظة الحقيقة والاستحقاق



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia