العرب ونقل المواجهة إلى الداخل الإيراني تكتيك أم استراتيجية

العرب ونقل المواجهة إلى الداخل الإيراني... تكتيك أم استراتيجية؟!

العرب ونقل المواجهة إلى الداخل الإيراني... تكتيك أم استراتيجية؟!

 تونس اليوم -

العرب ونقل المواجهة إلى الداخل الإيراني تكتيك أم استراتيجية

بقلم : عريب الرنتاوي

في الجدل الدائر بين عدد من الدول العربية وإيران، يساجل بعض العرب بأن إيران هي من تتدخل في شؤونهم الداخلية، ويتحدّون طهران أن تأتي بوقائع دالّةعلى تدخلهم في أي من شؤونها الداخلية ... العرب يقولون أنهم في موقف دفاعي، يحاربون النفوذ الإيراني على أرضهم وفي اوطانهم، تماماً مثلما هو الحال في كلٍ من العراق ولبنان وسوريا واليمن والبحرين وغيرها ... إيران تنفي من جهتها هذه التهمة، وتدرج كل ما تفعله في سياق “الدعم الأخوي” المستند إلى طلب حكومات هذه الدول، أو على الأقل أطراف فاعلة ووازنة فيها، ودائماً في مواجهة “الكيان الصهيوني أو الاستكبار العالمي”.

احتدام الصراع بين دول “الاعتدال العربي” وإيران في السنوات الأخيرة، دفع بهذه الدول إلى التخلي عن هذه “المقاربة الحذرة”، ذات الطبيعة الدفاعية كما يقول أصحابها ... والحديث في هذه العواصم عن “تفكيك إيران” و”اللعب على مكوناتها”، ودعم معارضاتها المختلفة، بمن فيها المسلحة، بدأ يخرج من السر إلى العلن، ويأخذ شكل التهديد المباشر... ولقد شهدنا إعلام هذه الدول، يفرد مساحات واسعة لتغطية أخبار “الداخل الإيراني”: خلافات داخل صفوف النظام، انشقاقات النخبة الحاكمةوانقساماتها، أنشطة المعارضة، سيما في الأقاليم العربية، عمليات في بعض المناطق الحدودية لقوى انفصالية، وهذه بالمناسبة شهدت انتعاشاً لافتاً في الآونة الأخيرة، خصوصاً تلك المنسوبة منها للأكراد الإيرانيين.

الحضور العربي الكثيف والرفيع المستوى، في مؤتمر باريس للمعارضة الإيرانية (مجاهدي خلق)هذا العام، والتصريحات التي أدلى بها الأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق، من على منصة المؤتمر، وردد خلالها شعار “نحن أيضاً نريد إسقاط النظام” رداً على هتاف المشاركين: “الشعب يريد إسقاط النظام”... وضعت المواجهة العربية (قل السعودية) الإيرانية، على سكة أخرى، ورفعتها إلى مستوى أخطر من التصعيد، ربما ينذر بأوخم العواقب وأشدها فداحة على البلدين بخاصة، والمنطقة بأزماتها المفتوحة على وجه العموم.

لكأننا في واحدة من حلبات المصارعة الحرة، حيث لا قواعد ولا قيود على أداء المصارعين وحركاتهم، طالما أن “الغلبة بالنقاط” أو بـ “الضربة القاضية”، هي الهدف الأول والأخير ... لم يعد أحدٌ يلتفت إلى ضربة تحت الحزام هنا، أو “مداخلة” غير مشروعة هناك ... الغاية (وهي هنا الغلبة)، تبرر الوسيلة ... “لا حصانة لأحد”، و”إن يمسسكم قرحٌ فقد مسّ القوم قرحٌ مثله”، هذه هي القواعد الجديدة للاشتباك العربي – الإيراني.

العرب (دول الاعتدال على وجه التحديد)، لم يحققوا الكثير من المنجزات في “حروب الوكالة” التي خاضوها ضد إيران ... في لبنان، ما زال حزب الله لاعباً رئيساً، إن لم نقل اللاعب الرئيس على الساحة ... في سوريا، ما زال “الأسد في عرينه” بعد أزيد من خمس سنوات من محاولات اقتلاعه والقضاء على نظامه، وهو يسجل تقدما على جبهات الحرب وفي ميادين السياسة ... في العراق، لم تفلح محاولات إسقاط “الغلبة الشيعية” على النظام السياسي الجديد، حتى جاء “الحشد الشعبي” ليعطي مزيداً من الضمانات لبقاء الحال على ما هو عليه ... وفي اليمن، ما زالت “الشرعية” في المنفى بعد 16 شهراً من الحرب المدمرة، و”الشرعية اليمينة” هي من تجد نفسها في حالة اشتباك مع “الشرعية الدولية”، وليس “المتمردين” الحوثيين الذي يريدون تحويل اليمن، إلى محمية فارسية، كما في الخطاب الإعلامي والسياسي لهذه الدول.

هي قصة فشل حتى الآن، ستأخذ طابعاً أكثر “درامية” بعد توقيع إيران على اتفاق مع المجتمع الدولي حول برنامجها النووي، وعودتها إلى ساحة المصارف والنظام المالي العالمي والتجارة الدولية والانفتاح السياسي على دول العالم والإقليم، مقابل تزايد الانتقادات لبعض “دول الاعتدال العربي” على خلفية حقوق الانسان والحرب في اليمن والمسؤولية عن نشر ثقافة التطرف السلفية، كما نقرأ ونشاهد ونسمع في العديد من العواصم الغربية الكبرى.

في هذا السياق المضطرب والمأزوم، يندرج تكتيك “الانتقال من الدفاع إلى الهجوم”، ويجد تعبيراته وتجسيداته من خلال ما يجري توجيهه من رسائل عبر وسائل الإعلام أو من على منصة مؤتمر باريس إلى جوار مريم رجوي أو عبر “الروابط والصلات” التي تُجاهر بها أطراف عربية، مع المعارضات الإيرانية ... تكتيك جديد، ينطلق على ما يبدو، من فرضية أنه لا يجوز الاستمرار في إدارة معارك وحروب، وقودها الناس العرب والحجارة العربية، وأنه لا بد من نقل المواجهة إلى الأرض الإيرانية، لتكون المدن والناس الإيرانيين، هم وقودها، وهم من يدفع أكلافها المرتفعة.

لا ندري إن كنا أمام “تكتيك تفاوضي” يستهدف الضغط على إيران للحد من اندفاعتها و”ضبضبة” انتشارها في المنطقة ... أم أننا أمام “استراتيجية” قوامها الاستعداد لخوض “حرب المائة عام ضد إيران وهلالها” ... لكننا ونحن نراقب العجز والفشل العربيين في قطف ثمار “حروب الوكالة” المتنقلة من ساحة إلى أخرى، تساورنا شكوك عميقة، في أن نرى نتائج مغايرة لـ “حرب الأصالة” التي يبدو أن بعض العرب قد قرر خوضها مباشرة ضد إيران، على الأرض الإيرانية، وبأدوات إيرانية هذه المرة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العرب ونقل المواجهة إلى الداخل الإيراني تكتيك أم استراتيجية العرب ونقل المواجهة إلى الداخل الإيراني تكتيك أم استراتيجية



GMT 18:13 2021 الإثنين ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد في دمشق: ما الذي حمله في جعبته؟

GMT 14:13 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 14:38 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و"حرب السفن"

GMT 14:41 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

مدرستان في التفكير الإسرائيل حيال الأردن

GMT 15:57 2021 السبت ,03 إبريل / نيسان

الانتخابات الفلسطينية (1-2)

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia