عن التمسك المراوغ بمبادرة السلام العربية

عن التمسك "المراوغ" بمبادرة السلام العربية

عن التمسك "المراوغ" بمبادرة السلام العربية

 تونس اليوم -

عن التمسك المراوغ بمبادرة السلام العربية

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

لم يبق للنظام الرسمي العربي من تصور مشترك للحل النهائي للمسألة الفلسطينية وما يحيط من قضايا عالقة في الصراع العربي – الإسرائيلي (الجولان ومزارع شبعا) ...مبادرة قمة بيروت، لم تعد هذا القاسم المشترك الأعظم، وربما لم تكن يوماً كذلك...من العرب من أصابها في مقتل، بإقدامه على "التطبيع" قبل إنها الاحتلال، ومنهم من سيفعل ذلك قريباً، وربما بأقرب مما نظن وتظنون، أما بقيتهم فتقف في طابور الانتظار "وما بدّلوا تبديلا...".
 
من "طبّع" من العرب علاقاته مع إسرائيل، ومن ثمّن وأيد الاتفاقات المبرمة في واشنطن، مباشرة أو مداورة، فرادى أو في إطار "بيانات مشتركة" مع آخرين...من صَمَتَ صَمتُ العاجز أو الخائف أو المتواطئ، كان يعرف بأنه يطلق رصاصة الرحمة على مبادرة السلام العربية، حتى وإن ظلّ على تمسكه الظاهر بحل الدولتين وواصل إلحاحه على وجوب قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
 
مبادرة السلام العربية "نصٌ وروح"...روح المبادرة استخدام "التطبيع" كعصا وجزرة في الوقت ذاته...لن نتعامل معكم قبل أن تنهوا احتلالكم، وإن فعلتم فلكم علاقات طبيعية مع 22 دولة عربية، بل ومع 57 دولة إسلامية كذلك...بهذا المعنى، فقدت المبادرة روحها وبقيت بعض نصوصها الميتة التي تتحدث عن دولة وعاصمة، وحل عادل لقضية اللاجئين.
 
هذا يتيح لبعض "المطبعين العرب" القول اليوم، إنهم لم يغيروا موقفهم ولم يتخلوا عن ثوابتهم حيال فلسطين (ما زلنا نؤيد الدولة المستقلة والقدس العاصمة)، وربما يكون هذا صحيحاً، وربما تكون نوايا البعض منهم ما زالت تفضل خياراً كهذا...لكن التطبيع المجاني أسقط من يد العرب العصا والجزرة سواء بسواء، هذا إن افترضنا أن التطبيع استُخدم يوماً كعصا في وجه إسرائيل.
 
يجادل بعض "المطبعين العربين"، أنهم سيكونون في وضع أفضل، إن لجهة تقديم العون والغوث لـ"الإخوة الفلسطينيين" أو لجهة توظيف العلاقة مع إسرائيل لطمأنتها وحفزها على إنهاء احتلالها...وهم بهذا، إنما يستعيرون بعضاً مما يستبطنه الخطاب المصري والأردني، الذي طالما لجأ للمنطق نفسه لتفسير الإبقاء على السفارات والسفراء والعلاقات الطبيعية، ولكن من دون الأخذ بالفارق الذي تمليه الجغرافيا والديموغرافيا على الأردن ومصر سواء بسواء، والذي يعطي خطاب الدولتين بعضاً من الصدقية النابعة من منطق "الضرورات تبيح المحظورات" حتى وإن اختلف البعض معه أو عليه، في حين يخلو خطاب الآخرين من حيثيات مماثلة.
 
قطار التطبيع سيبلغ محطاته الرسمية العربية تباعاً، معظمها إن لم نقل جميعها، المسألة مسألة وقت، اللهم إلا إذا طرأ ما ليس في الحسبان، كأن تنفجر الشوارع العربية، إن لم يكن بسبب التطبيع المذل مع دولة الاحتلال والعنصرية، فبسبب تردي أوضاعها المعيشية، واشتداد قبضة الحكم في رقاع عربية شتى، وعلى الفلسطينيين، شعباً وقيادة وفصائل، أن يصوغوا سياساتهم واستراتيجيتهم وفقاً لهذا المعطى الجديد.
 
وليس من المفيد أبداً، أن يستمر التشدق بمبادرة من المشكوك فيه أنها وضعت أصلاً لحل القضية والصراع العربي الإسرائيلي، بقدر ما كانت محاولة لتحسين صورة بعض الأنظمة العربية أمام الغرب في لحظة ما بعد (11 سبتمبر) الفارقة...ونحن نخدع أنفسنا وشعوبنا، ولا "نزعج" خصومنا وأعدائنا إن واصلنا الحديث عن مبادرة ماتت منذ زمن ودفنت تحت ركام الاتفاقات الأخيرة، وبدلاً من ذلك، فليعمل الرسميون العرب على بلورة تصور مشترك جديد يقوون على حَملِه وتحمل تبعاته، حتى لا يظل الفلسطيني وحده، يدفع ثمن عجز أشقائه عن الثبات على مواقفهم والدفاع عن مبادراتهم أمام الصلف الإسرائيلي والتعنت الأمريكي.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن التمسك المراوغ بمبادرة السلام العربية عن التمسك المراوغ بمبادرة السلام العربية



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:11 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان الخميس29 -10-2020
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia