«بروفة» المقاومة الشعبية والوحدة في الميدان

«بروفة» المقاومة الشعبية والوحدة في الميدان

«بروفة» المقاومة الشعبية والوحدة في الميدان

 تونس اليوم -

«بروفة» المقاومة الشعبية والوحدة في الميدان

عريب الرنتاوي
بقلم ـ عريب الرنتاوي

الفلسطينيون في الوطن المحتل والمحاصر والشتات، قالوا كلمتهم يوم أمس: هم شعب واحد موحد، أكبر من انقسامات فصائله وقياداته وصراعاتها العبثية ... وهم، وهذا هو الأهم، ما زالوا يمسكون بجمر قضيتهم وحقوقهم الوطنية المشروعة، من مات من كبارهم نقل إلى أبنائه وأحفاده “الرواية الفلسطينية” بكامل فصولها، والجيل الثاني والثالث وحتى الرابع للنكبة، لم ينس ولن ينسى، بل هو أكثر استمساكاً بهويته وحقوقه وأشواق آبائه وأجداده من الراحلين.

مائة عام على وعد بلفور، سبعون عاماً على النكبة، خمسون على الهزيمة/ النكسة، لم تفتّ في عضد الشعب الفلسطيني، ولم تخلف وراءها سوى العزيمة والإصرار على متابعة مسيرة الحرية والكرامة والاستقلال ... فالفلسطينيون لا ينسون ولا يهزمون، يخسرون معركة أو عدة معارك، بيد أنهم واثقون تماماً من أنهم سيكسبون الحرب في نهاية المطاف، مهما تعاظمت قوة أعدائهم وجبروتهم، ومهما تطاول الظلم والإجحاف الدوليين.

أمس، تجاوز الفلسطينيون في الضفة والقدس والقطاع وداخل الخط “الأخضر، ومخيمات اللجوء والشتات، كل “الجدل البيزنطي” حول المصالحة والحوار ... توحدوا في الميدان، وهل ثمة أعمق وأصلب من وحدة يعمدها الميدان ودماء الشهداء وأزيز الرصاص الحي والمطاطي وسحب الدخان والغازات المسيلة للدموع ... أمس قال الشعب كلمته، نحن أكبر من الانقسام، وقضيتنا أكبر من الانقسام، وجسدوا ذلك على الملأ وعلى الهواء مباشرة، في يوم يعد بحق، من أيام فلسطين، وما أكثر الأيام الفلسطينية الفوّاحة بالعزة والكرامة والتضحية والفداء.

وأمس أيضاً، في الضفة وغزة والقدس، عاصمة فلسطين الموحدة والأبدية، قدّم الفلسطينيون، ولأول مرة منذ بضع سنوات، “بروفة” عمّا يقصدونه بالمقاومة الشعبية السلمية ... جنود الاحتلال المدججين بالكراهية والسلاح وأوامر أطلاق النار المباشر على رؤوس المتظاهرين السلميين وصدورهم، وقفوا عاجزين أمام “قوة الحشد الشعبي” ... وإسرائيل منذ أيام وأسابيع، تعيش كابوس يوم الأرض من جديد، والمؤكد أن الذين راهنوا منهم على صمت الشعب الفلسطيني وسكوته، أصيبوا بصدمة شديدة، وهو يرون عائلات بأجيالها، تخرج عن “بكرة أجيالها”، للانتصار للأرض والحق الفلسطينيين، أجداد وأبناء وأحفاد، رجال ونساء، شيوخ وشبان ... خرج الفلسطينيون يشقون طريقهم للمقاومة الشعبية السلمية، التي تتحول يوماً إثر آخر، إلى عنصر “توحيد” للقوى الفلسطينية، بعد ان كانت مبعثاً على الانقسام.

ما حصل أمس في عموم المناطق الفلسطينية المحتلة والمحاصرة، وفي بلدان اللجوء والشتات، ليس سوى بداية انطلاقة فعاليات ممتدة حتى الذكرى السبعين للنكبة ... ستة أسابيع سيتعين على إسرائيل أن تعيشها في ذروة الاستنفار الأمني والنفسي والمعنوي والتعبوي ... زمن الاحتلال المريح، الخمسة نجوم، في طريقه للتلاشي، وزمن المقاومة الشعبية و”قوة الماس”، او الحشد الشعبي، يشرق على مدن الفلسطينيين وبلداتهم ومخيمات اللجوء والشتات، ويحفز أعداداً متزايدة منهم للانخراط في معمعان الكفاح من أجل الاستقلال الناجز والحرية والكرامة.

والمؤكد أن تجربة يوم الأرض 2018، المحمَلة بالدروس والعبر، ستكون ملهمة للفلسطينيين، وأجيالهم الشابة على وجه الخصوص ... فما الذي سيمنع الفلسطينيين بعد اليوم، من تحويل جميع أيامهم إلى “يوم أرض”، وما الذي سيحول دون تطوير “رزنامة” فلسطينية كفاحية متنقلة في الزمان والمكان والشعارات، لتنظيم الاحتشاد وضرب المواعيد الجماعية لعشرات الألوف منهم ... اليوم لصلاة الجمعة في المسجد الأقصى، وغداً لصلاة الأحد في كنيسة القيامة، وبعد غدٍ على موعد عند حدود الجدار، واليوم الذي يلي أمام هذه المستوطنة أو تلك البؤرة الاستيطانية ... ودائماً على امتداد جدار العزل العنصري الذي يخنق غزة ... لا بديل عن تصعيد وتطوير مقاومة الشعب، الجماهيرية السلمية ... هنا، وهنا بالذات، تنتفي الخطوط بين الفصائل وتتلاشى ألوانها وراياتها، وترتسم خريطة الوطن وترتفع راية فلسطين ... هنا وهنا بالذات، تجري مقارعة صفقة القرن وقرار ترامب حول القدس ...هنا وهنا بالذات، “يكسر الجليد” الذي تراكم طول سنوات الانقسام العشر العجاف.

ما حدث بالأمس، ويتواصل على مدى الأسابيع القادمة، يسجل بوصفه قصة نجاح وإبداع فلسطينية، ويؤكد أن العنقاء الفلسطينية “تكبُر أن تُصادا” ... وأن طائر الفينيق الفلسطيني، لن يتوقف عن الانبعاث من تحت الرماد والركام، ليحلق على ارتفاعات شاهقة، يتعذر معها على سهام الغدر والتخاذل أن تطاله أو تلحق به ضرراً.

المصدر : جريدة الدستور

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«بروفة» المقاومة الشعبية والوحدة في الميدان «بروفة» المقاومة الشعبية والوحدة في الميدان



GMT 18:13 2021 الإثنين ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد في دمشق: ما الذي حمله في جعبته؟

GMT 14:13 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 14:38 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و"حرب السفن"

GMT 14:41 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

مدرستان في التفكير الإسرائيل حيال الأردن

GMT 15:57 2021 السبت ,03 إبريل / نيسان

الانتخابات الفلسطينية (1-2)

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:22 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:53 2014 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

"Facebook messenger" سيكون متاحًا لويندوز فون بعد أسابيع

GMT 11:08 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

وقف الهدر والتبذير..شعار الكويت الجديد

GMT 16:21 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

اجتماع تقني يجمع مسؤولي منتخبَي مالي وتونس

GMT 11:21 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عقدة حياتو والكامرون

GMT 14:25 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فيلم الرعب "Jigsaw" يحقق 32 ميلون دولار في أسبوع عرضه الأول

GMT 09:26 2017 الخميس ,13 إبريل / نيسان

سوسيج تري كامب السحر الحقيقي للحياة البرية

GMT 20:34 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

"HER" BURBERRY عطر المرأة الجريئة الباحثة عن التميز

GMT 12:54 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

أبسط وأسهل طريقة لاختيار الحجاب الملون بأناقة

GMT 13:37 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

كأس ألمانيا: دورتموند وشتوتغارت وبوخوم إلى ربع النهائي

GMT 03:00 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة "الإرهاب" كلفت تونس 4 مليارات دينار

GMT 16:40 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

"برجر كينج" تعلن عن وظائف جديدة

GMT 16:54 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

شهر واعد يحمل لك فرصة جديدة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia