كيف ستتصرف إسرائيل حيال القرار الأردني التاريخي والشجاع

كيف ستتصرف إسرائيل حيال القرار الأردني التاريخي والشجاع؟

كيف ستتصرف إسرائيل حيال القرار الأردني التاريخي والشجاع؟

 تونس اليوم -

كيف ستتصرف إسرائيل حيال القرار الأردني التاريخي والشجاع

بقلم - عريب الرنتاوي

أحدث قرار الدولة الأردنية، التاريخي والشجاع، بعدم تجديد ملحق المعاهدة حول الغمر والباقورة صدمة في إسرائيل ... رئيس حكومتها تعهد إجراء مشاورات مع الأردن لتمديد الملحق لربع قرن آخر، وزير الزراعة في حكومته، رأى أن القرار «استفزازياً»، فيما وسائل الإعلام الإسرائيلية من صحف ومواقع، تذهب في تحليلاتها في شتى الاتجاهات.
سيل الاتصالات الهاتفية من إعلاميين ودبلوماسيين مع كاتب هذه السطور، لم ينقطع منذ تلك «التغريدة» التي قطعت الشك باليقين، تكشفت جميعها عن معنى «المفاجأة» وأحياناً «الصدمة» ... فالمتصلون على ما يبدو، لا يتابعون حركة الرأي العام الأردني، بل ولا يقيمون وزناً لمفهوم «الرأي العام» في بلداننا العربية ... حتى أن بعضهم، حاول قاصداً أو غير متعمد، تصوير القرار الملكي بوصفه خضوعاً لضغط الشارع الأردني، وهم يتحدرون من دول ومجتمعات، للرأي العام فيها، دور وازن ومقرر في صنع المواقف والسياسات الداخلية والخارجية، لكأن ما يليق بهم لا يليق بنا... جوابي على هذه الملاحظة بالذات جاء كالتالي: لدينا رأي عام كما لديكم، والاستجابة لنبضه من قبل قيادته، يسجل لها لا عليها، فلماذا الإحساس بالصدمة يأتي مشوباً بالاستغراب ويحمل في طياته معاني «اتهامية»؟
على أية حال؛
الأنظار تتجه الآن، لما سيكون عليه رد الفعل الإسرائيلي ... نتنياهو، الخبير بالمشاورات المفرغة من أي مضمون، يعرض علينا جولة منها، لا نعرف متى ستنتهي بهدف تجديد «عقد الإيجار» لخمسة وعشرين عاماً إضافية ... أما التعبير الأصدق عن حقيقة الموقف الإسرائيلي فقد ورد على لسان وزير الزراعة، الذي وصف القرار بالاستفزازي، ولا أدري لماذا «استفزازياً» طالما أن الأردن مارس حقه في رفض تجديد العقد/الملحق، واستخدم لهذا الغرض، الآليات المنصوص عليها بموجب العقد، والعقد شريعة المتعاقدين، ومن حق الأردن أن يجدد ويمدد، ومن حقه أن يرفض التجديد والتمديد، ودائماً من ضمن معاهدة السلام، وليس خروجاً عنها.
الأردن، بخلاف إسرائيل، دولة تحترم الشرعية والقانون الدولي والاتفاقات المبرمة، وقد فعل ما فعل من ضمن هذا السياق وعلى هذه الخلفية، وفي إطار هذه الثوابت الحاكمة لسياسته الخارجية وعلاقاته الدولية ... ومن الحكمة والمنطق، إن كان في إسرائيل من لا يزال يفكر بمنطق وحكمة، أن تكون الاستجابة الإسرائيلية للقرار الأردني، إيجابية وفورية، ومن دون مماطلة أو تسويف.
لكننا نعرف أن إسرائيل لا تفكر على هذا النحو، بل وأجزم بأن من وقّع المعاهدة عن الجانب الإسرائيلي، كان يأمل تحويل «المؤقت» إلى «دائم»، و»عقد الإيجار» إلى «عقد ملكية»، أو «وضع يد»، تماماً مثلما درجت عليه السياسة الإسرائيلية في فلسطين، كل فلسطين، فالمؤقت دائم، والترتيبات الانتقالية، تتحول إلى ترتيبات نهائية.
إزاء وضع كهذا، فإننا نتوقع أن تقابل إسرائيل القرار الأردني بعدة سيناريوهات منها: (1) الدخول في مشاورات «لا تنتهي» لتغيير القرار الأردني من دون تغيير الوضع القائم في الغمر والباقورة، وقد تستعين بالولايات المتحدة التي قد تعرض وسطاتها من أجل تفادي اندلاع أزمة بين حليفين مهمين لواشنطن ... (2) وفي حال لم يستجب الأردن لهذه الوساطة أو لهذا الاقتراح، ستلجأ إسرائيل إلى سلاح الضغط والابتزاز، ستلوح بما لديها من أوراق في ملف المياه والطاقة، ولطالما حذرنا من مغبة «الاعتمادية» على إسرائيل في ملفات استراتيجية من هذا النوع ، وقد تلجأ إلى تحشيد اللوبي الصهيوني المساند لها في الولايات المتحدة، لنقل الموقف الأمريكي من «الوساطة» إلى «الضغط» على الأردن، وللأردن علاقات لا داعي للتوسع في الحديث عنها، مع الولايات المتحدة، ... (3) أما السيناريو الثالث، فهي أن تستمر إسرائيل في وضع اليد على هذه الأراضي الأردنية، وكأن شيئاً لم يصدر عن عمان، وتمارس في الوقت ذاته، أوسع عمليات «الخداع» تحت ستار كثيف من الأحاديث عن النوايا والاستعدادات والرغبة في الوصول إلى حلول تفاوضية.
الأردن في المقابل، ليس مجرداً من الأوراق، فلديه «منطق الحق» والقانون الدولي والقضاء الدولي، ولديه أيضاَ مكانته في حسابات المجتمع الدولي، ومن ضمنه الولايات المتحدة ... ولديه قدرة على تعطيل المشاريع الإسرائيلية في غير محفل وصعيد ... وما تستطيع الدعاية الإسرائيلية السوداء ترويجه ضد الفلسطينيين، لن يكون بمقدورها ترويجه ضد الأردن بحال من الأحوال، فالدولة الأردنية لديها رصيد من الاحترام الدولي، يكفي لجعل مهمة نتنياهو وعصابته، صعبة للغاية.
الأصل ألا يثير القرار الأردني إشكالاً من أي نوع، لكن علينا أن نتوقع أن إسرائيل لن تدع هذا القرار يمر بيسر وسهولة، وعلينا أن نحضر أنفسنا لمعارك إعلامية ودبلوماسية وقانونية وسياسية قاسية في قادمات الأيام، والأهم علينا أن نتسلح بالوعي والتضامن والوحدة في مواجهة أحد أهم استحقاقات العلاقة الأردنية الإسرائيلية خلال نصف القرن الفائت، وفي ظني أننا أهلٌ لهذه المواجهة، وأننا قادرون على كسب الرهان.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف ستتصرف إسرائيل حيال القرار الأردني التاريخي والشجاع كيف ستتصرف إسرائيل حيال القرار الأردني التاريخي والشجاع



GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

GMT 08:29 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

ترامب يدّعي نجاحاً لم يحصل

GMT 08:24 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

فلسطين وإسرائيل بين دبلوماسيتين!

GMT 08:23 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

أزمة الثورة الإيرانية

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 03:04 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مبتكرة لجعل مداخل المنازل أكثر جاذبية

GMT 11:39 2021 الإثنين ,27 أيلول / سبتمبر

القبض علي عملية هجرة غير شرعية في سواحل صفاقس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia