«التجربة البولندية»

«التجربة البولندية»

«التجربة البولندية»

 تونس اليوم -

«التجربة البولندية»

بقلم - عريب الرنتاوي

قدّمت بولندا لإسرائيل ما لم تكن تحلم به ... سعت (تحت رعاية واشنطن بالطبع) إلى حشد أكبر تظاهرة دولية في مواجهة إيران، ووفرت لبنيامين نتنياهو ما لم يحلم به عشية انتخابات حاسمة سيخوضها مجللاً بفضائحه وفساد عائلته، وضعته إلى جانب وزير خارجية اليمن، وعلى مأدبة واحدة مع تسعة وزراء خارجية عرب، معظمهم لا تقيم بلدانهم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
وارسو باتت عنواناً لمحطة جديدة في مسيرة «التطبيع» العربي الإسرائيلي، ومحوراً من محاور حملة نتنياهو الانتخابية، ومنصة يفرد من فوقها «ريش الطاووس»، مطلقاً صيحات النصر على الفلسطينيين الذي غابوا وغابت قضيتهم عن وارسو، ولم يعد حلها متطلباً للتطبيع العربي الإسرائيلي بخلاف كثير من المزاعم الرسمية العربية.
كل تلك الخدمات الجليلة، لم تمنع رئيس حكومة اليمين واليمين المتطرف، من إطلاق تغريدته المسيئة لبولندا قبل أن يغادرها، محمّلاً الشعب البولندي قسطاً وافراً من المسؤولية عن «الهولوكست»، بل وأن يمضي وزيره إسرائيل كاتس للحديث عن «جينات» العداء للسامية التي تجري في عروق البولنديين جيلاً بعد جيل ... فتتأزم العلاقة، ويُستدعى السفراء وتبدأ حرب الاتهامات بين الجانبين، وتعلن بولندا انسحابها من قمة «فيشغراد» التي تضم قادة بولندا وهنغاريا وتشيكيا وسلوفاكيا التي كانت مقررة في تل أبيب، لتجهض القمة في بعد، سيما بعد أن وجهت وارسو لتل أبيب أشد العبارات المغمّسة بالخزي والعنصرية.
ما الذي يمكن أن نستخلصه من «التجربة البولندية» في التعامل مع إسرائيل؟ ... وما الدرس الذي يتعين على «عرب التطبيع» أن يتعلموه من تلك الوقائع الكاشفة؟
باختصار شديد، ليس لإسرائيل حليف أو صديق، سوى مصالح وأولويات مشروعها الاستعماري – التوسعي، هي دولة لا تحترم الاتفاقات والمواثيق، ولا تحفظ وداً أو جميلاً، وهي دولة تتجه على نحو منهجي منظم صوب التطرف الديني والقومي العنصري ... وهي دولة لا قيمة عندها للحلفاء والأصدقاء بذاتهم، بل بقدرتها على توظيفهم واستخدامهم لخدمة أغراض تكتيكية واستراتيجية، تصب في قلب مشروعها العدواني.
ليس هناك من وصف للسياسات الإسرائيلية سوى «الابتزاز» والابتزاز وحده دون سواه ... ابتزت ألمانيا وسط قبول المجتمع الدولي المروّع بجرائم النازية ... وها هي اليوم تبتز بولندا وتطالب بالمزيد ... وهي امتهنت ابتزاز الفلسطينيين والعرب على الدوام وفي كل مناسبة، وآخر جولات الابتزاز اقتطاع رواتب الأسرى والشهداء من حصيلة الضرائب الفلسطينية التي تجمعها إسرائيل ... لا حدود ولا نهايات لمنطق الابتزاز والمقايضة، ومن دون مراعاة لحسابات الطرف الآخر أو حساسياته، مصالحه أو اعتباراته.
ألا تذكرون قاتل الأردنيين في السفارة، وكيف استقبل استقبال الأبطال من قبل نتنياهو شخصياً وفي مكتب رئيس الحكومة، ضارباَ عرض الحائط بمشاعر ملايين الأردنيين الذي لم يكونوا قد دفنوا شهيديهم بعد، وبخلاف التفاهمات التي أنهت مشكلة تطويق السفارة ... هل تذكرون محاولة اغتيال خالد مشعل في قلب عمان، واغتيال محمود المبحوح في قلب دبي؟
«التوظيف» و»الاستخدام» هو مفتاح فهم تحالفات إسرائيل وعلاقاتها مع دول العالم القريبة والبعيدة، وعلى الذين يظهرون سذاجة مفرطة في تصوير حجم وأهمية الانفتاح الإسرائيلي عليهم، الفرحين بالشهية الإسرائيلية المفتوحة للتطبيع معهم، أن يسترجعوا بعض هذه الصفحات، علهم يخففون من حدة اندفاعتهم، وعلهم أن يتعظوا بدروس آخر التجارب: التجربة البولندية.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«التجربة البولندية» «التجربة البولندية»



GMT 12:13 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

ماذا سيفعل العراقيون بعد اقتحام السفارة؟

GMT 12:10 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

أردوغان يعاني في بلاده

GMT 11:56 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

دبلوماسيّون: حراك مكثف على ساحة متأرجحة!

GMT 11:38 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الباجي وخطيئتا بورقيبة وبن علي

GMT 11:29 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الإمارات ملتقى الأمم

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:11 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان الخميس29 -10-2020

GMT 14:42 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

أفكار جديدة وملفتة لديكورات ربيع 2019

GMT 15:25 2019 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

انتحار طالب داخل لجنة للثانوية العامة في الغربية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia