البعد التكنولوجي في «صفقة القرن»

البعد التكنولوجي في «صفقة القرن»

البعد التكنولوجي في «صفقة القرن»

 تونس اليوم -

البعد التكنولوجي في «صفقة القرن»

بقلم - عريب الرنتاوي

لم يستعص عليّ فهم «جُلّ» ما قالته السفيرة نيكي هيلي في آخر حضور لها في مجلس الأمن، فقد بتنا نعرف أن الخطة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط، هي خطة موسعة وتفصيلية، وليست بضع صفحات موجزة وإرشادات توجيهيه مملة ... وصرنا نعرف أنها جاءت بعناصر جديدة، لم تأت بها أية خطة من قبل ... وعلمنا أنها ستثير رضى وغضب الأطراف ذات الصلة في الوقت ذاته، مع دعوة لعدم الوقوف عن العناصر المسببة للغضب والرفض في الخطة، ورؤيتها من مختلف جوانبها.
لا يهم، تقول كيلي، إن رفض الفلسطينيون الخطة، فإسرائيل ستواصل النمو، والخطة في الأصل تعترف بالحقائق الجديدة على الأرض (تقصد القدس والاستيطان على الأرجح)، ووحدهم الفلسطينيون سيتعين عليهم الانتظار خمسين سنة قادمة، مثلما قضوا الخمسين سنة الماضية في الانتظار ... وإسرائيل لن تذهب إلى «صفقة» من دون مقابل، وليس عليها أن تفعل ذلك.
النقطة التي استعصى عليّ فهمها في حديث السيدة كيلي، هي الجانب المتصل بالبعد التكنولوجي في «صفقة القرن»، وقد حاولت أن أستطلع آراء أصدقاء وزملاء عمّا فهموه من قولها هذا على وجه التحديد ... بعضهم أجاب ساخراً، ربما تريد السيد كيلي أن تمنح الفلسطينيين وطناً افتراضياً، أو دولة افتراضية «Virtual State or Homeland»، من منطلق أن خطة ترامب تعترف بالحقائق على الأرض والأمر الواقع الجديد، ولا تسعى في تغييره، بل تهتم بتمريره على الفلسطينيين، ومع غياب فرص تجسيد الدولة المستقلة على الأرض فلا بأس من تجسيدها في «العوالم الافتراضية»؟!
بعضهم كان أكثر جدية، وربط التكنولوجيا بالملف الأمني كأن يجري استخدام كثيف للتكنولوجيا على المعابر والنقاط الحدودية، لتسهيل عملية الرقابة والتدقيق الأمني المزدوجة التي يتعين على السلطة القيام بها، تحت رقابة مباشرة من قبل إسرائيل، ومن دون أن يتسبب ذلك باكتظاظ أو اختناقات مرورية، لا على الجسور والمعابر اليوم، ولا في المطارات والموانئ في المستقبل.
فريق ثالث، بدا أكثر منطقية، حين ربط هذا البعد التكنولوجي بالسلام الاقتصادي، فخطة ترامب لا تجد تعويضاً للفلسطينيين عن الحقوق المقتطعة منهم لصالح إسرائيل، سوى برزمة مشاريع اقتصادية، ربما تكون كثيفة التكنولوجيا، من أجل توفير مستويات معيشة أفضل لهم، تبعد شبانهم وشاباتهم عن الشوارع والميادين ونقاط التماس.
مسلسل «التشويق» و»الإثارة» الأمريكي، لا يتوقف عند حد، ولا يبدو أنه سيتوقف قريباً ... كل يوم يخرج علينا مسؤول أمريكي رفيع وأرفع، للتبشير بخطة لم يأت بمثلها الأقدمون والأوائل ... ورغم التأكيدات المتكررة على «فرادتها» و»إبداعيتها» و»وجدتها»، إلا أن أقرب أصدقاء واشنطن وحلفائها، لا يبدو مقتنعاً أو حتى متأثراً بهذه الدعاية الأمريكية الكثيفة، وإلا لما خرج سفراء الاتحاد الأوروبي مباشرة بعد حديث نيكي هيلي، للتأكيد على أن أي خطة لا تقوم على المبادئ المقرة من المجتمع الدولي والشرعية الدولية، لن تكون مقبولة منهم، ولن تفضي إلى تسهيل فرص حل سياسي للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
لفرط عروض الإثارة التشويق والإثارة، وآخرها «البعد التكنولوجي» في «صفقة القرن» بتنا نخشى أن يقال فيها: تمخض الجبل فولد فأراً ... وألا ترقى الخطة العتيدة المنتظرة، عن مستوى وسوية واضعها وعرابها الرئيس جارد كوشنر، ونظرته التبسيطية – التسطيحية - الساذجة، التي إن عكست شيئاً فإنما تعكس سذاجته وقلة خبرته الشخصية أكثر من أي شيء آخر.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البعد التكنولوجي في «صفقة القرن» البعد التكنولوجي في «صفقة القرن»



GMT 12:13 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

ماذا سيفعل العراقيون بعد اقتحام السفارة؟

GMT 12:10 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

أردوغان يعاني في بلاده

GMT 11:56 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

دبلوماسيّون: حراك مكثف على ساحة متأرجحة!

GMT 11:38 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الباجي وخطيئتا بورقيبة وبن علي

GMT 11:29 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الإمارات ملتقى الأمم

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل

GMT 10:23 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

أفكار بسيطة لإضافة لمسة بوهيمية جذابة إلى منزلك

GMT 13:38 2013 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أسوأ إطلالات المشاهير لعام 2013
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia