عن «غوغل» وأخواته

عن «غوغل» وأخواته

عن «غوغل» وأخواته

 تونس اليوم -

عن «غوغل» وأخواته

بقلم : عريب الرنتاوي

ما أن وطـأت أرض الصين، حتى شعرت بصعوبة الحياة من دون «غوغل» و»هوتميل» و»ياهو» و»فيسبوك» و»تويتر» و»وواتس آب» و»فايبر» و»أيمو» وغيرها من التطبيقات التي تربطنا بالعالم من حولنا، وتبقينا على تواصل مع بعضنا البعض، ومن خلالها نتتبع لحظة بلحظة آخر التطورات وعلى أية ساحة أردنا.
قضيت سحابة بعد الظهر، محاولاً الاتصال بالمكتب أو المنزل، أو أي من الأصدقاء ... قضيت معظم فترة المساء أبحث عن طريقة لإيصال مقالي عبر أي وسيلة إلى الجريدة ... أردت أن أبلغ العائلة بأنني وصلت سالماً، فلم أجد سوى الوسائل القديمة والمكلفة «كلفة الدقيقة تجوال خمسة دنانير غير شاملة للضرائب»، لكـأنني عدت إلى عهد ما قبل الانترنت، حين كانت كلفة إرسال المقال الواحد، المكتوب بخط اليد بالطبع، وعبر جهاز الفاكس إياه، تصل أحياناً إلى ثلاثين وأربعين دولار.
حياتنا باتت تتمحور حول هذه التطبيقات، تكتشف أنك لا تستطيع فعل شيء على الإطلاق من دونها، يا إلهي؟! من كان يظن قبل سنين قلائل أن أمراً كهذا يمكن أن يحدث؟ ... من كان يعتقد أن «تطبيقاً» يمكن يتعلق به ملايين البشر، ويصبح زادهم وزوادتهم ... من كان يعتقد أن حياتنا الواقعية، باتت مرهونة بالحياة الافتراضية، التي تحيط بنا وتحاصرنا من أرجائنا الأربعة.
خبرت في دول أخرى من قبل، تجربة تعطيل عمل بعض التطبيقات، وخصوصاً المكالمات الهاتفية أو «مكالمات الفيديو»، حيناً لأسباب اقتصادية تتعلق بضغوط «لوبي الاتصالات» الذي يجني أرباحاً فلكية، وأحياناً أخرى لأسباب اجتماعية وأخلاقية، تتصل بالطبيعة المحافظة لبعض المجتمعات، ومرات قليلة لأسباب أمنية، حيث باتت السيطرة على هذه التطبيقات المتكاثرة، تزداد صعوبة.
بيد أنني لم أختبر من قبل تجربة تعطيل جميع هذه التطبيقات دفعة واحدة، لا نص ولا صوت ولا صورة ولا فيديو.. هنا شعرت بالاختناق ... فأنا أضع جميع ملفاتي على «غوغل»، واستخدم «الجيميل» كمستودع لذاكرتي، وجميع أرقام الأهل والأصدقاء على تطبيقات المحادثات، وحين تتعطل جميع هذه الأدوات، بما فيها الفيس وتوتير وانستغرام، ما الذي سيظل لدي من قنوات أتابع فيها الأخبار والتطورات، الشخصية منها والاجتماعية أو السياسية المحلية والدولية... أعترف أن الحياة من دون هذه التطبيقات، باتت صعبة للغاية، وتعيدنا للوراء سنوات وعقود ... اعترف أن التجربة قاسية إن أخذتنا على حين غرة، وإن لم نكن قد أجرينا مسبقاً الاستعداد للالتفات على قوانين الحظر والمنع والتعطيل.
كنت من الذين يعتقدون بأننا نصرف وقتاً ثميناً في ملاحقة هذه التطبيقات وما تفيض به من معلومات ومعطيات، صحيحة وزائفة، عميقة وسطحية، «رزيلة» ومحترمة، وهذا الاعتقاد ما زال قائماً ... وهو صحيح طالما أنك أنت من يتحكم بمقدار الوقت الذي ستصرفه في تقليب صفحاتها وتنبيش محتوياتها ... ولكن حين تنتصب السدود والأسوار شاهقة بينك وبينها، تجد نفسك في لحظة «انعدام الجاذبية»، قليل الحيلة، مجرداً من قنواتك وأسلحتك الثقيلة ومصادر معرفتك وذاكرتك، ونظام حياتك ... كنت أسخر من الذين اقترحوا إزالة العبارة المكتوبة على الدولار، واستبدالها بعبارة تمجد «غوغل» وتمنحه ملء الثقة ... من يتأمل حجم اعتماديتنا على «غوغل»، لا يجد سبباً للسخرية، خصوصاً حين تصدر أفكار كهذه عن شباب وفتيان، يبدو أن «غوغل» هو من بات ينتظم حياتهم، أكثر من أي شيء آخر.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن «غوغل» وأخواته عن «غوغل» وأخواته



GMT 12:13 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

ماذا سيفعل العراقيون بعد اقتحام السفارة؟

GMT 12:10 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

أردوغان يعاني في بلاده

GMT 11:56 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

دبلوماسيّون: حراك مكثف على ساحة متأرجحة!

GMT 11:38 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الباجي وخطيئتا بورقيبة وبن علي

GMT 11:29 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الإمارات ملتقى الأمم

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:11 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان الخميس29 -10-2020

GMT 14:42 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

أفكار جديدة وملفتة لديكورات ربيع 2019

GMT 15:25 2019 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

انتحار طالب داخل لجنة للثانوية العامة في الغربية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia