هل أسقطت غزة «صفقة القرن»

هل أسقطت غزة «صفقة القرن»؟

هل أسقطت غزة «صفقة القرن»؟

 تونس اليوم -

هل أسقطت غزة «صفقة القرن»

عريب الرنتاوي
بقلم : عريب الرنتاوي

لم تتوقف حملة "التهويل" لنتائج وتداعيات معركة اليومين الأخيرة في غزة عند حد القول إنها ألحقت "هزيمة كبرى" بإسرائيل وأصابتها بـ"الفشل" و"الانهيار"، وإنها أودت بحكومة نتنياهو إلى الهلاك ... الحملة متواصلة، إذ قد أطلّ علينا من يقول إن غزة انتصرت على "صفقة القرن" وأسقطتها ... إن كان الأمر استخفافاً بعقول الناس ومشاعرهم، فتلك مصيبة، وإن كان أصحاب هذه التقديرات المجنّحة مؤمنون بما يقولون فالمصيبة أعظم.

ومن غرائب الصدف والأقدار، أن طوفان التصريحات المحتفية بهزيمة إسرائيل وسقوط صفقة القرن، جاء متزامناً مع تحرك لافت للبيت الأبيض، دعا خلاله الرئيس ترامب أركان إدارته ذوي الصلة، لاجتماعات مكثفة لوضع اللمسات الأخيرة على مشروعه المثير للجدل ... وأنه لم يتوقف حتى بعد أن نجح نتنياهو في "توضيب" حكومته، وإعادة الإمساك بزمام الحكومة والانتخابات المقبلة ... هذه التطورات، لا يتوقف عندها على ما يبدو، بعض الذين لا يرون أبعد من أنوفهم.

والحقيقة أن "صفقة القرن" قائمة فعلاً، ويجري تنفيذ فصولها الرئيسة على الأرض، قبل إعلانها ... وسواء أتم الكشف عنها قريباً أو بعد حين، فإن أخطر ما في هذه الصفقة، هو أنها تشق طريقها في ملفات القدس واللاجئين و"الأونروا" وما يعد لغزة ذاتها، من حلول إنسانية، لا تزيد على كونها غطاء لأخطر الحلول السياسية، حيث "التهدئة مقابل الغذاء والدواء والكهرباء"، يراد لها وبها، أن تكون مدخلاً لتحويل الانقسام إلى انفصال، وتأبيد حالة "ازدواج السلطة" وانفصالها، فيما تمضي إسرائيل قدماً، ومن دون رادع تقريباً، في تنفيذ أوسع مخططات الزحف الاستيطاني في الضفة، وأشمل عمليات التهويد والأسرلة للقدس.

كيف لمسؤول فلسطيني أن يدّعي بأن مواجهة محدودة في الزمان والمكان، لم تلحق تلك الخسائر البشرية والمادية المؤلمة بإسرائيل، قد نجحت في إسقاط مشروع ترامب وإحباط مراميه؟ ... وإن كان الأمر كذلك، فهل نحتاج لأكثر من بضع مواجهات على هذه الشاكلة، لكي ندحر إسرائيل ونستعيد فلسطين التاريخية؟ ... ولماذا الإصرار والحالة كهذه، على طلب التهدئة، وضبط عمليات إطلاق النار، وتوخي الحذر وأدق الحسابات في اختيار الأهداف عند الرد على العدوان الإسرائيلي؟ ... لماذا لا نشعلها حرباً شاملة، فنريح ونستريح، وندفع بالجملة ما يتعين علينا دفعه بالتقسيط من خسائر في الأرواح والممتلكات؟

هل هذا ما يريده الشعب الفلسطيني في الوطن المحتل والمحاصر والشتات؟ ... هل نحن بحاجة لاستعادة خطابات أحمد سعيد، أم أننا بحاجة لخطة استنهاض وطني شامل، عاقلة ورشيدة، تلحظ مواطن القوة والضعف عندنا وعند عدونا؟ ... إن كنا في ذروة الحصار والانقسام قادرين على التسبب بهزيمة إسرائيل وإسقاط صفقة القرن، فما حاجتنا للوحدة الوطنية، وما حاجتنا للمصالحة، وما حاجتنا للوسيط المصري أو الأممي أو للمال القطري؟ ... ما حاجتنا لبذل الجهود المضنية على مسار الوساطات والوسطاء تارة للتهدئة وطوراً للمصالحة؟

أيها السادة! .... غزة صمدت وقاومت، وحماس أبلت بلاء حسناً في التصدي لعملية خان يونس اللئيمة، أو في الرد على الغارات الإسرائيلية ... غزة لم تعد لقمة سائغة للاحتلال ولا طريقاً مفروشاً بالحرير لجنوده وضباطه ... هذه حقيقة يلمسها القاصي والداني، ولا ينكرها إلا كل خائب أو مكابر.

لكن شتان بين كسب معركة تكتيكية مع الاحتلال، وإعلان النصر المشفوع بادعاءات لا يقبلها عقل ولا يصدقها عاقل ... المشاعر الجيّاشة مطلوبة، لكن العقل البارد مطلوب أكثر في هذه المرحلة، حتى لا يختلط حابل الأوهام بنابل الشعارات البرّاقة، التي ينطفئ مفعولها قبل أن يجف حبرها.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل أسقطت غزة «صفقة القرن» هل أسقطت غزة «صفقة القرن»



GMT 18:13 2021 الإثنين ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد في دمشق: ما الذي حمله في جعبته؟

GMT 14:13 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 14:38 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و"حرب السفن"

GMT 14:41 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

مدرستان في التفكير الإسرائيل حيال الأردن

GMT 15:57 2021 السبت ,03 إبريل / نيسان

الانتخابات الفلسطينية (1-2)

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:11 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان الخميس29 -10-2020

GMT 14:42 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

أفكار جديدة وملفتة لديكورات ربيع 2019

GMT 15:25 2019 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

انتحار طالب داخل لجنة للثانوية العامة في الغربية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia