أبعد من مجرد تهديدات و«تسريبات»

أبعد من مجرد تهديدات و«تسريبات»

أبعد من مجرد تهديدات و«تسريبات»

 تونس اليوم -

أبعد من مجرد تهديدات و«تسريبات»

بقلم - عريب الرنتاوي

تعتمد إسرائيل «تكتيك التسريبات» في ردها على القرار الأردني الجريء، بعدم تجديد ملحق المعاهدة الخاص بالغمر والباقورة ... تقول شئياً وتنفيه، وتقول كل شيء في التصريحات المنسوبة «لمصادر فضلت عدم الكشف عن هويتها»... هذا أسلوب معروف ومتداول، سيما حين تكون الجهة المسؤولة عنها، لا تريد «قطع شعرة معاوية» مع الطرف المقابل، وأنها تفضل ترك الباب «موارباً» لخيارات أخرى.
سمعنا أوصافاً جزافية للقرار الأردني، فهو تارة «عدواني» وأخرى «استفزازي»... لم يقل أحدٌ في إسرائيل بأن الأردن مارس حقاً طبيعياً من حقوقه، وأنه استند في قراره للمعاهدة وملاحقها، ولجأ إلى أدواتها والآليات المنصوص عليها، لإنهاء العمل بالملحق المذكور ... إسرائيل لم تعترف يوماً بحق الأردن في أرضه ومياهه في هذين الشريطين الحدوديين، ومن وقع المعاهدة من الجانب الإسرائيل، كان ينتوي تحويل «الترتيب المؤقت» إلى «وضع يد دائم» ... هنا تكمن عناصر الصدمة والمفاجأة في ردود الأفعال الإسرائيلية.
ولقد أخبرني زملاء مهنة فلسطينيون، أنهم في معرض تغطيتهم لردود الأفعال الإسرائيلية على القرار الأردني، استمعوا لأقوال وتصريحات ملؤها التهديد والوعيد، تارة بحبس مياهنا، وأخرى بالانسحاب من البرتوكولات المبرمة في ميادين تجارية واقتصادية وفي حقلي المياه والطاقة، من أجل إرغام الأردن على التراجع عن قراره، والجلوس على مائدة مفاوضات عبثية مفتوحة، من طراز تلك التي أجلسوا الجانب الفلسطيني عليها، لمدة تزيد عن ربع قرن، ومن جدوى أو نتيجة.
على أية حال؛
لا أظن أن صانع القرار الأردني، كان يجهل ما يمكن أن تقدم عليه إسرائيل عندما اتخذ قراره التاريخي الشجاع ... لا شك أن استعراضات تفصيلية قد أجريت لمعرفة وقياس ردود الأفعال الإسرائيلية وأحجامها ... ولا شك أن سيناريوهات عديدة قد جرى التداول بشأن كل واحدٍ منها، والأهم، كيفية الرد عليه، وما هي الأوراق التي يتوفر الأردن عليها للتعامل مع كل بديل من هذه البدائل ... لا أزعم معرفتي بهذه «التمارين» ولم أشارك في أي منها، لكنني أفترض أن قراراً بهذا الحجم، ما كان ليتخذ من دون دراسة على هذا المستوى من التدقيق والتفصيل.
وليس المهم ما إن كانت إسرائيل ستقدم فعلياً على استخدام أوراقها ضد الأردن، كما يتهدد ويتوعد غير مسؤول فيها، صراحة وتسريباً ... لكن الدرس الأهم الذي يتعين إدراكه، والعمل به، ومنذ اليوم، وليس غدٍ أو بعد غدٍ، هو أنه لا يجوز الركون إلى نوايا هؤلاء ولا إلى الاتفاقات المبرمة معهم، فهم أبناء المدرسة الأكثر سوءاً في هذا الحقل، وهم الخبراء المجربون، في نكث الوعود وعدم الوفاء بالالتزامات ونزع «القداسة» عن أي موعد أو استحقاق أو اتفاق، ومن لديه شك في ذلك، فليراجع تجربة ربع القرن الأخير، في مسيرة السلام والمفاوضات مع الجانب الفلسطيني.
«لا للاعتمادية» على إسرائيل، وفي كل المجالات، سيما تلك الاستراتيجية كالمياه والطاقة ... هذا هو الدرس الأول والأهم من تجربة الساعات الثماني والأربعين الفائتة ... وعلى الدولة أن تثمن وإن بأثر رجعي، ما قامت به النخب والطلائع الشعبية الأردنية، عندما شرعت في المطالبة برفض تجديد ملحق الباقورة الغمر، وعندما رفعت شعار «غاز العدو احتلال»، وعندما طالبت بفك الارتباك المائي بين الأردن وإسرائيل.
وعلى الدولة، أن تستنفر إداراتها وأجهزتها الإعلامية والدبلوماسية والحقوقية، لمقارعة إسرائيل، وربما لسنوات عديدة قادمة... إسرائيل لن تسلم بسهولة بقرارنا، وعلينا الاستعداد للدخول في مغامرة «مكاسرة الإرادات»، وأن نكون جاهزين لكل الخيارات والبدائل، ومنطلقين قبل كل شيء آخر، من ثقة أكيدة بقدرتنا على كسب هذا الجولة، في إطار المعركة المفتوحة، ومتعددة الجبهات، مع الاحتلال والعنصرية والتوسع، فمستقبل علاقات بإسرائيل إلى تأزم، وعلينا أن نتصرف على هذا النحو.
وعلى الدولة كذلك، أن تضع باعتبارها، ما كنا أشرنا إليه ذات مقال ومحاضرة، من أن الزمن الذي كان فيه أمن الأردن واستقراره جزاء من «نظرية الأمن الإسرائيلية» قد ولّى أو هو على وشك أن يفعل ذلك ... وأن انجراف إسرائيل نحو التطرف الديني والقومي، وغلبة «لوبي الاستيطان» على عملية صنع القرار والسياسة في إسرائيل، قد يفضي إلى الاستخلاص بأن «الفوضى» في الأردن ربما تكون مصلحة إسرائيلية أعلى، طالما أن التوسع والضم والتهويد للضفة والقدس، هو في رأس «الأولويات» الإسرائيلية، سلطة وأحزاب حاكمة ورأيا عاما على حد سواء.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبعد من مجرد تهديدات و«تسريبات» أبعد من مجرد تهديدات و«تسريبات»



GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

GMT 08:29 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

ترامب يدّعي نجاحاً لم يحصل

GMT 08:24 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

فلسطين وإسرائيل بين دبلوماسيتين!

GMT 08:23 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

أزمة الثورة الإيرانية

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:11 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان الخميس29 -10-2020

GMT 14:42 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

أفكار جديدة وملفتة لديكورات ربيع 2019

GMT 15:25 2019 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

انتحار طالب داخل لجنة للثانوية العامة في الغربية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia