الفلسطينيون والجمعية العامة مقاربة أخرى

الفلسطينيون والجمعية العامة... مقاربة أخرى

الفلسطينيون والجمعية العامة... مقاربة أخرى

 تونس اليوم -

الفلسطينيون والجمعية العامة مقاربة أخرى

بقلم - عريب الرنتاوي

احتفى الفلسطينيون بهزيمة مشروع القرار الأمريكي الذي يدين حماس وصواريخها الموجهة ضد أهداف مدنية إسرائيلية، وهو المشروع الذي أرادت نيكي هيلي أن تتوج به حملة الكراهية للفلسطينيين التي دشنتها منذ أن وطأت قدماها عتبات المنتظم الدولي ... الانتصار الفلسطيني تفوح من ثناياه رائحة الهزيمة، والنصر هنا، كما الهزيمة هناك، نسبي بامتياز.
الإسرائيليون بدورهم، احتفوا بنتائج التصويت في الجمعية العامة، الكمية والنوعية إن جاز التعبير، وهذا يفسر ما ذهبنا إليه من قول، بأن نصر الفلسطينيين جاء بطعم الهزيمة ونكهتها، والسبب أنها المرة الأولى في تاريخ الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تحظى بها إسرائيل وحليفتها الاستراتيجية: الولايات المتحدة، بكل هذا الدعم من أعضاء الجمعية العامة، لقد «استبشر الإسرائيليون خيراً» في قادمات الإيام، الحبلى بالتحولات في مواقف دول العالم وتكتلاته من المسألة الفلسطينية وصراع الفلسطينيين في سبيل حريتهم واستقلالهم.
من أصل 193 دولة كاملة العضوية في الجمعية العامة، تمتلك الحق في التصويت، صوتت 87 دولة لصالح مشروع القرار الأمريكي ... هذه نسبة غير مسبوقة على الإطلاق، وتضم هذه القائمة إلى جانب الولايات المتحدة وجزر المحيط الهادي التي اعتادت التصويت تلقائياً إلى جانب واشنطن، دول أوروبا بشرقها وغربها، ودولاً صديقة وازنة مثل البرازيل، وكثير من هذه الدول، اعتادت التصويت لصالح فلسطين وقضيتها.
ورفضت القرار 57 دولة فقط، من ضمنها روسيا والصين، وربما في إطار المناكفة للولايات المتحدة، وليس كدلالة على «تدهور» في العلاقات مع تل أبيب ... وامتنعت 33 دولة، بينها دول كبرى صديقة للفلسطينيين كالهند، وآثرت 16 دولة أخرى الغياب عن المشهد كلياً، ربما تفادياً للحرج أو «قلةً في الاهتمام».
لقد قيل الكثير، وسيقال أكثر عن أسباب هذه «النكسة» التي أصابت الفلسطينيين في «ملاذهم الدولي الآمن»: الجمعية العامة ... من نوع: الانقسام الفلسطيني، ترهل السلطة و80 سفارة فلسطينية في العالم، غيبوبة منظمة التحرير، الوضع العربي المتآكل والمتهتك و»المهرول» على التطبيع مع إسرائيل، إدارة ترامب الأكثر انحيازاً في التاريخ ليمين إسرائيل المتطرف، وغير ذلك من أسباب وذرائع وحجج جرى حشدها لتفسير هذه الانتكاسة، وجميعها عوامل وأسباب صحيحة بهذا القدر أو ذاك، ولا يمكن التقليل من شأنها.
والصحيح كذلك، أن الانتكاسة كانت لتكون أكبر من ذلك بكثير، لولا حدوث أمرين اثنين: الأول؛ ترفع السلطة عن الحسابات الفئوية، وتغليب المصلحة الوطنية الأعلى، على مقتضيات الانقسام الأدنى، وهذه نقطة تسجل للرئيس عباس ... والثانية؛ الدور الكويتي النشط والحازم، امتداداً لأدوار كويتية مشرفة في المسألة الفلسطينية، ومبادرتها الإجرائية التي سبقت التصويت على القرار، باشتراط حصوله على أغلبية الثلثين بدل الأغلبية المطلقة، ولولا تصويت الجمعية، وبأكثرية ثلاثة أصوات فقط، لكان المشروع صدر، ولكانت الإدانة لحماس وعملياتها، قد سطرت في أرشيف المنتظم الدولي... وليس مستبعداً أبداً، بل يبدو مرجحاً، أن تعاود واشنطن وتل أبيب الكرة مرة ثانية، وسط حظوظ متزايدة للنجاح، إن استمر الحال على هذا المنوال.
في ظني، وهنا «مربط الفرس» و»بيت قصيد» هذا المقال، أن نتائج التصويت على مشروع القرار الأمريكي، تظهر بما لا يدع مجالاً للشك، بأن حماس ليست العنوان الأنسب للقضية الفلسطينية على الساحة الدولية، ولا هي الراية التي يمكن أن يستظل بها الشعب الفلسطيني، هي حقيقة مؤلمة عند البعض، و»تحصيل حاصل» عند البعض الآخر، بيد أنها حقيقة يجب أن تقرع «نواقيس الإنذار» في غزة  قبل رام الله، وأن المجتمع الذي ما زال يبدي تعاطفاً وتضامناً مع حقوق الفلسطينيين ونضالاتهم العادلة والمشروعة، 
ما زال على موقفه، رغم بعض النكسات والتراجعات التي سجلت في السنوات الأخيرة، وأن كثيرٍا من الدول التي صوتت إلى جانب المشروع الأمريكي، أو امتنعت عن التصويت أو «غابت عن الأسماع والأنظار» في الاجتماع الأخير، ستصوت لصالح الحق الفلسطيني في جولات قادمة.
حماس بخاطبها ومرجعياتها ووسائل عملها وتحالفاتها، جزء من النسيج الوطني والاجتماعي الفلسطيني، شئنا ذلك أم أبينا ... وحماس مكون رئيس في الحركة الوطنية الفلسطينية رغبنا في ذلك أم لم نرغب، لكن مصائر صعبة للغاية، تنتظر الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، إن صارت حماس هي عنوانه وقيادته الرسمية الأولى.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفلسطينيون والجمعية العامة مقاربة أخرى الفلسطينيون والجمعية العامة مقاربة أخرى



GMT 12:13 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

ماذا سيفعل العراقيون بعد اقتحام السفارة؟

GMT 12:10 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

أردوغان يعاني في بلاده

GMT 11:56 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

دبلوماسيّون: حراك مكثف على ساحة متأرجحة!

GMT 11:38 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الباجي وخطيئتا بورقيبة وبن علي

GMT 11:29 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الإمارات ملتقى الأمم

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل

GMT 10:23 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

أفكار بسيطة لإضافة لمسة بوهيمية جذابة إلى منزلك

GMT 13:38 2013 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أسوأ إطلالات المشاهير لعام 2013
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia