انصتوا جيداً إلى حمد بن جاسم

انصتوا جيداً إلى حمد بن جاسم

انصتوا جيداً إلى حمد بن جاسم

 تونس اليوم -

انصتوا جيداً إلى حمد بن جاسم

بقلم : عريب الرنتاوي

لا يتوقف رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم عن الكلام هذه الأيام ... في كل حديث صحفي، يكشف تفاصيل محاولة انقلاب في بلاده، أو يعرض لما كان يجري خلف كواليس الأزمة السورية ... حتى أننا بتنا نعرف كم بلغ “سعر” بعض المنشقين عن النظام، من الجنود وحتى رئيس الحكومة الأسبق وقائد الحرس الجمهوري ... ومع كل اعتراف من اعترافاته، تنفضح أسماء وأدوار على اختلاف أحجامها، من السي آي إيه وأقمارها الصناعية الستة التي تراقب سوريا على مدار الساعة، وحتى عقاب صقر وغرفة عملياته في غازي عنتاب.

في ظني أن الرجل لا يكذب، كل ما يفعله هذه الأيام هو محاولة البرهنة على أن ما تُتهم به قطر اليوم، فعلت مثله مختلف الأطراف ... كل ما فعلته الدوحة كان بالتنسيق مع واشنطن، بل بأوامر منها، وقطر ليست وحدها من اختص بتلقي هذه الأوامر، هكذا هو لسان حال السياسي الأقوى والأنشط الذي مر على هذه الإمارة الصغيرة... الذي يعمل اليوم بوحي من “مبدأ شمشون” أو نظرية “هدم المعبد”، بعد أن أحسن بأن السكين الحادة باتت تقترب من حبل الوريد.

لا مجال لحصر اعترافات الرجل والتعليق على كل واحد منها، لكن بالإمكان القول أن هذه الاعترافات أكدت لنا ما كنا نعرف، على الرغم من ضآلة المعلومات التي كانت بحوزتنا قياساً بما توفر عليه الرجل من حضور كثيف ولسنوات عديدة، وفي أرفع مستويات القرار في بلاده والإقليم، حتى بلغ به الأمر حد إصدار الأوامر لجامعة الدول العربية، فيُطاع، ولكأنه رئيس وزراء لدولة عربية كبرى وليس لإمارة صغيرة على أطراف الخليج.

الربط بين “الحرب العالمية” التي شنّت على سوريا، والتي قدر كلفتها حتى الآن بـ 137 مليار دولار من جهة، ونتائج حرب تموز  2006 من جهة ثانية، واحدة من الاعترافات المهمة للمسؤول القطري السابق ... بعيد اندلاع الأزمة قلنا وكتبنا، أن سوريا تشهد عمليتان متوازيتان: ثورة شعب ثائر في سبيل حريته وكرامته، ومؤامرة يراد لها وبها، تدفيع دمشق ثمن دعمها لحزب الله وتصريحات الاسد الهجومية... حمد يؤكد هذه الحقيقة.

والقول أن بأن احتضان قطر لحركة حماس الفلسطينية، تم بالتنسيق مع واشنطن وتل أبيب، ومن أجل تدوير الزوايا الحادة في مواقف حماس، وتأهيلها للانخراط في مسارات السلام والتسوية والمصالحة، كان أيضاً من ضمن ما قلنا وجادلنا بصوابيته ... حمد يقول أن احتضان قادة حماس جاء بطلب أمريكي، وللغاية ذاتها، وأرجو أن يستذكر الإخوة في حماس ويذاكروا ما يتردد في مقابلات المسؤول القطري السابق وتصريحاته.

الشيء ذاته ينطبق على افتتاح مكتب لحركة طالبان في الدوحة، يومها ظن البعض أن قطر ذهبت بعيداً في التغريد خارج السرب الأمريكي، وقلنا أن الدوحة ما كان لها أن تنشئ مكتباً كهذا على مبعدة أمتار من قاعدة العديد، إن لم يكن بطلب أمريكي مباشر، وبهدف توفير قناة تواصل بين الحركة الأصولية والبيت الأبيض ... حمد يقول بذلك في اعترافاته الأخيرة.

حين شككنا في صدق انتماء كثير من المعارضين السوريين، أفراداً وفصائل، مسلحين وسياسيين، أخذ البعض علينا موقفنا المتحفظ من الثورة السورية ... حمد يعرض في مقابلاته وتصريحات “لائحة أسعار” تشمل معظم هؤلاء، ومنهم من صار من أثرياء الحرب وأصحاب الملايين ... الحكاية افتضحت، وهي برسم من لديه ذرة كرامة من المعارضين السوريين الشرفاء، حتى يتحسسوا مواطئ أقدامهم، ويعرفوا مع من يتعاملون.

ليس لقطر مشروعها الخاص، لقطر دور مرسوم في مشروع أمريكي أكبر وأعرض، شأنها في ذلك شأن بعض خصومها ومجادليها ... ومشكلة قطر لا تكمن في أنها فعلت ما فعلت بالضد من إرادة الآخرين، ومشكلتها ليست في أنها “تغيرت” ولم تعد ذاك البلد النشط والحاضر بقوة في انشطة محور بأكمله.

واشنطن هي من تغير، وليست قطر ... رهانات واشنطن على الإسلام السياسي (الإخواني بخاصة) هي من سقطت، ورهانات حلفاء واشنطن على إحداث تغيير سريع وماحق في كل من العراق وسوريا واليمن لصالحهم، هي من سقط وفشل ... أما قطر فعليها أن تدفع ثمن “ريادتها” و”تصدرها لصفوف” معسكر بأكمله، ولسنوات عدة، وها هي تجد نفسها مرغمة على شرب الكأس المرة التي أرادت أن تجبر كل من الأسد وصالح والحوثي والمالكي والعبادي والقذافي على احتسائها.

وإذ حذر الأمير تميم بالأمس من أن بلاده باتت عرضة لمؤامرة “تغيير النظام” من قبل خصومها، فقد كنا أشرنا قبل أكثر من أسبوع إلى انتقال الأزمة القطرية من مرحلة “تغيير السياسات” إلى مرحلة تغيير النظام”... وحبذا لو أن الأمير الشاب، يسترجع دور بلاده النشط في الترويج لسياسة “تغيير الأنظمة” بالقوة المسلحة و”التدخل الأجنبي” وبالاعتماد على “الناتو” وبناء التحالفات التي لا تستثني إسرائيل من “غرف عملياتها”.

وأخيراً؛ ليت “المؤلفة جيوبهم” من مفكرين وشيوخ، المرابطين في فنادق الدوحة وبيوتها الفاخرة، الذين تحولوا إلى أدوات فعالة لتنفيذ السياسات القطرية في المرحلة التي كشف بن جاسم بعضاً من فصولها، أن يتأملوا جيداً بعضاً من اعترافاته، ليعرفوا أية أوامر كانوا ينفذون، وأية تعليمات كانوا يطيعون، ومع أي حلفاء وأصدقاء  كانوا يتعاونون.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انصتوا جيداً إلى حمد بن جاسم انصتوا جيداً إلى حمد بن جاسم



GMT 18:13 2021 الإثنين ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد في دمشق: ما الذي حمله في جعبته؟

GMT 14:13 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 14:38 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و"حرب السفن"

GMT 14:41 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

مدرستان في التفكير الإسرائيل حيال الأردن

GMT 15:57 2021 السبت ,03 إبريل / نيسان

الانتخابات الفلسطينية (1-2)

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia