عن نكباتنا المتناسلة

عن نكباتنا المتناسلة

عن نكباتنا المتناسلة

 تونس اليوم -

عن نكباتنا المتناسلة

بقلم :عريب الرنتاوي

ترددت طويلاً قبل الشروع في الكتابة عن الذكرى السبعين للنكبة ... أصدقكم أنني لا أتوافر على جديد أشرككم به ... لكن وقع المناسبة، وتزامنها مع نقل السفارة الأمريكية – رسمياً – إلى القدس، جعل النكبة نكبتين، وبصورة لم تترك متسعاً لأي عناوين أخرى، أتناولها في مقالة اليوم.

هل أحدثكم عن عنصرية إسرائيل وعدوانيتها وشهيتها المفتوحة على التوسع والاستيطان ... هل أحدثكم عن غطرستها و”مروقها” ودور “أزعر الحي” الذي تضطلع به مذ أن قامت على المجازر والتشريد والتهجير ... لن أضيف جديداً إلى ما يعرفه كل واحد منكم، أو واحدة منكن.

هل أحدثكم عن نفاق الغرب، ودوره المؤسس للمشروع الصهيوني و”وعد بلفور”، سليل “سايكس بيكو” وتقاسم المنطقة بين الدول المستعمرة ... هل أحدثكم عن الدور الأمريكي في المنقلب الثاني من القرن الفائت في حماية إسرائيل وتشجيعها على العدوان والاستيطان والتوسع .... هل أحدثكم عن “وعد ترامب” وكيف انتقل الانحياز الأمريكي الأعمى لإسرائيل، إلى انحياز أعمى آخر، ولكن لمستوطنيها وعنصرييها ويمينها المتطرف دينياً وقومياً... جميعكم تعرفون ذلك، وقد عشتوه وعايشتوه، ولدى كل واحد منكم، وواحدة منكن، ما يمكنه ويمكنها أن تضيفه إلى هذه العجالة.

هل أحدثكم عن الانقسام الفلسطيني، والحاجة للمصالحة واستعادة الوحدة الوطنية، لا شك أن إحساساً بالغثيان سيصيبكم، ودوارٌا في الرأس قد يطيح بقدرتكم على القراءة والتركيز ... أم هل أحدثكم عن لحظة الاستحقاق والحقيقة، بعد أن وصل المشروع الوطني الفلسطيني إلى طريق مسدود، وانعدمت الفوارق بين ما كان يعرف بـ “خيار التفاوض” و”خيار المقاومة”، في صراع الضواري على “سلطة لا سلطة لها”... ما الذي سأقوله لكم، إن كان مشروع ترامب وضياع الأرض والحقوق، والقدس والمقدسات، ليست جميعها عوامل كافية لتوحيد “الإخوة الأعداء” ... ما الذي سأحدثكم به إن كان ما يفعله هذا الفريق، لا يمكن فهمه وإدراك كنهه إلا في سياق الصراع والتنافس و”نهش القطط” مع الفريق الآخر ... لم تعد لدي الطاقة النفسية والمعنوية والأخلاقية، على الحديث في هذا الشأن بأكثر مما تحدثتم وتحدثنا.

هل أحدثكم عن “منظمة التحرير”، الممثل الشرعي الوحيد، وطن الفلسطينيين الى أن يتحرر وطنهم السليب، وما الذي بقي منها على الأرض، خارج الـ “غرفتين وصالة” في رام الله... هل أذكركم بالوعود “العرقوبية” التي طالما قًطعت جزافاً، بالجملة والتقسيط، من دون أن ترى طريقها للترجمة، أو تستحق الحبر الذي كتبت به ... ما الذي سأضيفه إلى ذاكرتكم الحية واليقظة في هذا الصدد

هل أتوقف وإيّاكم، أم تهتك الحال العربي وتفسخه ... هل أنبئكم بمحاولات البعض من قادتنا إعادة قراءة التاريخ والسرديات، بما ينسجم مع الرواية الإسرائيلية ومنطوق “وعد بلفور” ويعيد انتاجهما، بل و”يشرعنهما” ... هل أحدثكم عن مسلسل الهرولة المذهلة نحو التطبيع مع سلطات الاحتلال وعناق الفرق الرياضية وتبادل الأنخاب في الغداءات والعشاءات التي باتت تلتئم تحت ضوء الشمس وليس خلف الأبواب المغلقة ... هل أحدثكم عن هزيمة النظام العربي الرسمي، أو بالأحرى “اللا نظام العربي” بعد أكثر من سبعين عاماً على قيامه من أجل فلسطين وبهدف تحريرها ... هل أحدثكم عن الجدل المخجل بشأن مكانة القدس، وأيهما أكثر تعلقاً بالمدينة، العرب والمسلون أم اليهود والإسرائيليون، الذي يدور في أوساطنا، ويندرج على ألسنة علمائنا... هل أذكركم ببعض مقولات فقهاء الظلام، الذين ينكرون على الأقصى مكانته كأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ... ما الذي سأخبركم به في هذه العجالة.

وبم سأعدكم في نهاية المقال، بحرب لن تبقي حجراً على حجر في إسرائيل، من سيشنها ومن سيخوضها ... بموقف عربي “مزلزل” من ترامب ونتنياهو ... بيقظة العالم الإسلامي ومليار ونصف المليار مسلم، أين هم هؤلاء ... بيقظة الضمير العالمي وتدخل المجتمع الدولي، أنتم الذين اكتويتم بنيران غفلة الضمير ونفاق المجتمع الدولي ومعاييره المزدوجة ... هل أعدكم بيقظة الحس الوطني، واحتكام الكل الفلسطيني إلى المصلحة الوطنية العليا (نكتة سمجة) لم تعد تطرب أحداُ ... بم سأعدكم ... لا شيء في جعبتي سوى الرهان على الأجيال الفلسطينية الشابة والناشئة، وعلى الضمير الجمعي والذاكرة الجمعية للشعب الفلسطيني، لا شيء لدي سوى الرهان على أن شعباً طارد حقوقه الوطنية لأكثر من مائة عام من دون كلل أو ملل، لن يموت ولن يستكين.

المصدر : جريدة الدستور

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن نكباتنا المتناسلة عن نكباتنا المتناسلة



GMT 12:13 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

ماذا سيفعل العراقيون بعد اقتحام السفارة؟

GMT 12:10 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

أردوغان يعاني في بلاده

GMT 11:56 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

دبلوماسيّون: حراك مكثف على ساحة متأرجحة!

GMT 11:38 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الباجي وخطيئتا بورقيبة وبن علي

GMT 11:29 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الإمارات ملتقى الأمم

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 03:04 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مبتكرة لجعل مداخل المنازل أكثر جاذبية

GMT 11:39 2021 الإثنين ,27 أيلول / سبتمبر

القبض علي عملية هجرة غير شرعية في سواحل صفاقس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia