الحرب تبدأ فـــي العقــــول والسلام كذلك

الحرب تبدأ فـــي العقــــول... والسلام كذلك

الحرب تبدأ فـــي العقــــول... والسلام كذلك

 تونس اليوم -

الحرب تبدأ فـــي العقــــول والسلام كذلك

بقلم : عريب الرنتاوي

الحرب تبدأ في العقول، والسلام أيضاً ... ومن يتتبع ما يدور في عقول القادة العراقيين من عرب وكرد، لا يستبعد خيار الحرب أبداً ... مسعودة البرزاني يريد أن يرسم حدود الإقليم بالدم، وهو يستعير من «الإسرائيلي» عبارته، حدودنا حيث تقف دباباتنا ... والجماعة الحاكم في بغداد، داخل الحكومة ومن خارجها، تبقي كافة الخيارات على الطاولة، في استعارة مستوردة من قاموس «العم سام»، ودائماً في إشارة للغة السلاح، وعندما يبدأ الحوار بالدم والدبابات وخيار القوة، فمن غير الحكمة استبعاد خيار المواجهة وإراقة الدماء بين الجانبين.

الرؤوس «الحامية» كثيرة، وعلى ضفتي معادلة الانقسام العربي – الكردي ... الشوفينية العربية، باتت مطعمة بأبعاد دينية ومذهبية ... من العروبة الطاردة، إلى الإسلام السياسي الطارد كذلك ... فيما الشوفينية الكردية، بنت إرثها التاريخي على خطاب المظلومية، وبهذا فهي أشد خطراً وعدوانية على ما عداها من أقليات قومية ودينية، وقد لاحت في الأفق بوادر كاشفة عن مضمون ومحتوى هذه الشوفينية، ومن المتوقع أن تتفاقم وتصبح أشد خطراً في المستقبل.

في غياب العقل والحوار والحلول السياسية، تصبح الكلمة العليا لهؤلاء الشوفينيين، ومن تتبع خلال الأيام والأسابيع القليلة الفائتة، حرب التصريحات والاتهامات على مختلف الشاشات والموجات وصفحات الجرائد، يدرك تمام الإدراك، معنى المقولة التي بدأنا بها هذه المقالة: الحرب تبدأ بالعقول والسلام يبدأ بها كذلك.

الطرفان، وبعد سنوات من الاشتباك مع داعش، أخذا يستعيران بعض مفرداته: تمجيد الشهادة والتضحية بالدماء والأرواح ... يتحول المواطنون إلى جثث لا يمكن لمشاريع الآخر إلا أن تمر فوقها ... بناء الأوطان وحفظ سيادتها ووحدتها، دونه المال والبنون ... مثل هذه اللغة لا تنتج عيشاً مشتركاً، ولا تبني أوطاناً ولا تعبد طريقاً للمستقبل ... مثل هذه اللغة، تجعل خيار الوحدة، كما خيار الانفصال، مدمراً في مختلف الحالات والسيناريوهات ... إذ كيف سيتعايش هؤلاء جنباً إلى جنب إن استمر العراق موحداً، وأية علاقة ستكون بين الطرفين في حال الانفصال أو الاستقلال وفقاً للتعبير المحبب للكرد العراقيين.

قلنا من قبل، ونقول اليوم، أن طلاقاً توافقياً حضارياً، أفضل بكثير من وحدة قسرية ... يبدو أن العراقيين ما زالوا بعيدين عن كلا الخيارين، فلا الطلاق الحضاري وارد في قاموس العراقيين عرباً وكرداً ... ولا يبدو أن الوحدة القسرية خياراً يسيراً على بغداد، فزمن «الأنفال» ولّى ... ولكلا الطرفين جيوشاً من الأصدقاء والحلفاء ... والأرجح أن يدخل الجانبان في دوامة الاحتراب والتدمير الذاتي لسنوات عديدة قادمة، ما لم يتدخل المجتمع الدولي والإقليمي بكامل ثقله، ويضع حداً لغياب العقل وتغييبه.

لم نفاجئ باندلاع الصراع العربي – الكردي في مرحلة «ما بعد داعش»، قلنا وقال غيرنا، أن هذا الصراع سيتصدر أجندة العراق والعراقيين فور صمت المدافع ... لكن المفاجئ لنا جميعاً أن هذا الصراع قد اندلع بأسرع مما توقعنا وتوقعوا ... وقبل أن تضع الحرب على داعش أوزارها ... لكأنه مكتوب على العراقيين، عرباً وكرداً، ألا يلتقطوا أنفاسهم، وألا يحظوا بهدنة أو وقف لإطلاق النار، منذ عشريات أربع من السنين.

على أية حال، ما زال في الوقت متسع لصوت عاقل يمكن أن يصدر عن المجتمع الدولي ... العقلاء في العراق باتوا عملة نادرة، والكل في المركز والإقليم، منشغل بحساباته الانتخابية وبتجديد شرعيته وبموقعه ومكانته في النظام السياسي الجديد ... صوت العقل يمكن أن يأتي فقط من المجتمع الدولي، إن كان هذا المجتمع معنياً بمستقبل العراق ومصائر شعبه ... وثمة بقية من الوقت لمثل هذه التدخلات، وثمة في الأفق ما يشي بوجود مبادرات ومحاولات لقطع الطريق على الانفجار الكبير، ومنع تداعي الوضع في العراق والإقليم برمته ... ودعونا نأمل أن تستيقظ عقول القادة العراقيين قبل خراب البصرة وكركوك والسليمانية وبغداد وأربيل.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب تبدأ فـــي العقــــول والسلام كذلك الحرب تبدأ فـــي العقــــول والسلام كذلك



GMT 18:13 2021 الإثنين ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد في دمشق: ما الذي حمله في جعبته؟

GMT 14:13 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 14:38 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و"حرب السفن"

GMT 14:41 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

مدرستان في التفكير الإسرائيل حيال الأردن

GMT 15:57 2021 السبت ,03 إبريل / نيسان

الانتخابات الفلسطينية (1-2)

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia