ما الذي تريده الدوحة من بروكسيل

ما الذي تريده الدوحة من بروكسيل؟

ما الذي تريده الدوحة من بروكسيل؟

 تونس اليوم -

ما الذي تريده الدوحة من بروكسيل

بقلم : عريب الرنتاوي

تسعى الدوحة إلى طلب عضوية “الناتو”، وهي تجهد لحث أنقرة على تبني رغبتها تلك، فيما مصادر قطرية إعلامية تمني النفس بإمكانية حصول الإمارة الثرية على عضوية الاتحاد الأوروبي، وتربط ما بين زيارة الأمير تميم لأنقرة والرغبة الأولى، وزيارتيه لباريس وبرلين والرغبة الثانية.

لا الرغبة الأولى قابلة للتحقق ولا الرغبة الثانية كذلك ... فعضوية الناتو دونها عوائق جيو-استراتيجية، وعقيدة الناتو تضع روسيا وإيران في صدارة لائحة الأعداء، بالضد مما تفعله قطر وتبني عليه “استراتيجية المخرج” من قبضة المقاطعة الخليجية – المصرية، لكن بمقدور قطر أن تدخل نادي أصدقاء الناتو وشركائه، من دون التزام من بروكسل بحفظ أمنها وسلامة حدودها، أو اعتبار أي اعتداء عليها اعتداءً على الناتو.

وجود قاعدة عسكرية تركية على أرض قطر، لا يعني أن الأطلسي قد مدّ مظلته الحِمائية لتشمل قطر، حتى وإن كانت تركيا عضواً فاعلاً ومؤسساً في معاهدة حلف شمال الأطلسي ... فالحلف يحمي أعضاءه، ويغطيهم بشبكة أمان كونية، داخل حدود دولهم، أو في المهمات التي يطلبها الحلف وتقررها دوله الأعضاء، أما أن تتطوع دولة من دوله لمد نفوذها على نحو منفرد، ونشر قواعدها وجنودها أينما شاءت ومن جانب واحد، فهذا لا يلزم الحلف، لا بحماية هذه القواعد، ولا بحماية الدول التي تحتضنها.

أما حكاية عضوية الاتحاد الأوروبي، فهي ضرب من “أحلام اليقظة”، فالمسافة بين قطر ومعايير كوبنهاجن، تقاس بالسنوات الضوئية، دع عنك حكاية البعد الجغرافي عن بروكسيل، إذ حتى سياسة “الجوار الأوروبي” ومن قبلها عملية برشلونة، لم تلحظا نطاقاً جغرافياً يتخطى جنوب المتوسط وشرق أوروبا، فكيف سيلوي الاتحاد عنق الجغرافيا، ويتوسع صوب الخليج وقطر، حيث لا أحزاب ولا برلمانات ولا نظم ملكية دستورية، فيما ملف حقوق الانسان ونشر التطرف ودعم الحركات الجهادية، ما زالت قضايا تؤرق المستويين السياسي والأمني في كل دولة من الدول الاتحاد.

“لهفة” الدوحة على عضوية الناتو والاتحاد، لا صلة لها بعواقب المقاطعة أو تداعياتها، ولا هي جزء من استراتيجية المخرج في مواجهة المقاطعة ، وقطر لا تخشى اجتياحاً عسكرياً لأراضيها وأجوائها ومياهها من قبل مجموعة دول (3 + 1)، فالخيار العسكري ممنوع دولياً ودونه خرط القتاد... خشية قطر التي تدفعها للتفكير المتلهف للالتحاق بركب هذه المنظمات الدولية، تقع في مكان آخر ... أخشى ما تخشاه قطر هو انتقال الصراع مع الرباعي العربي، من الإجراءات التأديبية والعقوبات الجماعية والحصار البري والبحري والجوي، إلى محاولة قلب نظام الحكم، وتدبير انتقال للسلطة في الدوحة من فخذ إلى فخذ داخل العائلة الحاكمة ذاتها، وبأدوات أمنية ومالية ناعمة في الغالب.

فمن محاولات تركيز الأضواء على الشيخ أحمد بن علي ثاني، وتقديمه على أنه حكيم حكماء العائلة ووجهها التوافقي المقبول، وإعطائه دون غيره، حظوة الالتقاء مع كبار الشخيصات والقادة الأوائل في دول الرباعي ، وتقديم موسم الحج القطري هدية له على طبق من فضة ... إلى مؤتمر ما يسمى “المعارضة القطرية في الخارج” والذي حظي باهتمام إعلامي يفوق حجمه بكثير، وجندت في سبيل التئامه، كل جماعات الضغط في أوروبا والولايات المتحدة ومختلف وسائل الإعلام ومؤسسات العلاقات العامة، المدعومة والممولة من دول الرباعي ذاته، يتأكد أن الخطاب السياسي والإعلامي لدول المقاطعة، ما انفكّ يتحدث عن فقدان القيادة القطرية لأهليتها، مقابل وجود قيادات وأفخاذ من العائلة ذاتها، أكثر جدار بحكم الإمارة.

ثم وصلنا إلى التأليب العشائري على النظام الحاكم في قطر، حيث برزت عشيرة مرة إلى صدارة الأخبار في الأيام والأسابيع القليلة الفائتة، ورأينا بعض العشائر الخليجية العابرة للحدود تتبارى في إعلان البراءة من الأمير وصحبه، وإطلاق التأكيدات والتعهدات بإعادة الأمور إلى نصابها، والانضواء ثانية تحت عباءة “الوحدة الخليجية”، ما يعني الاستسلام للشروط الثلاثة عشرة للدول الأربعة.

هذا الحراك هو أكثر ما يقلق القيادة القطرية ويثير مخاوفها، ويدفعها للبحث عن الأمان والطمأنينة بأي ثمن كان، ومن أي مصر أتيا ... هذا السيناريو لا تنفع معه لا قاعدة تركية ولا قواعد أمريكية ... لكن الدوحة مع ذلك، ما زالت تفكر ببناء منظومة دفاعية ردعية، تشكل نوعاً من شبكة الأمان الدولية للنظام الحاكم.

كنا نظن أن لعبة تغيير الأنظمة ، انتهت مع انطواء عقد الثمانينيات من القرن الفائت، يبدو أننا كنا مخطئين على ما يبدو، فالتغييرات الدرامية التي رافقت الربيع العربي وأعقبته، أعادت الاعتبار لهذه اللعبة  في العلاقات العربية البينية، ومن الآن فصاعداً، لن نستغرب أن نرى المزيد من المعارضات العربية في الخارج، تزامناً مع حراكات وتحركات ذات طابع مدني وعشائري، مدعومة سياسياً ومادياً وإعلاميا من الدول المتخاصمة، ودائماً في سياق الصراع على السلطة داخل البلد الواحد، أو في الصراعات العابرة للحدود الإقليمية للدول القائمة بخرائطها المعروفة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما الذي تريده الدوحة من بروكسيل ما الذي تريده الدوحة من بروكسيل



GMT 18:13 2021 الإثنين ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد في دمشق: ما الذي حمله في جعبته؟

GMT 14:13 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 14:38 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و"حرب السفن"

GMT 14:41 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

مدرستان في التفكير الإسرائيل حيال الأردن

GMT 15:57 2021 السبت ,03 إبريل / نيسان

الانتخابات الفلسطينية (1-2)

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia