زحمة مبادرات المصالحة

زحمة مبادرات المصالحة

زحمة مبادرات المصالحة

 تونس اليوم -

زحمة مبادرات المصالحة

بقلم : عريب الرنتاوي

في تطور بدا أنه نوع من “الهجوم المضاد”، تتحدث المصادر الفلسطينية عن مبادرة قطرية جديدة تستأنف جهود المصالحة بين حركتي فتح وحماس ... المصادر تربط بين هذه المبادرة من جهة، ومبادرة “الرباعية العربية” التي هدفت إلى إنجاز المصالحة الداخلية في فتح، بين الرئيس محمود عباس والعقيد المفصول محمد الدحلان من جهة ثانية.

الربط بين المبادرتين يبدو منطقياً تماماً، سيما إذا أدخلنا بنظر الاعتبار، مواقف الرباعية العربية المناهضة لجماعة الإخوان المسلمين عموماً، وفرعها الفلسطيني لا على وجه الخصوص ... ولقد قلنا في معرض التعليق على مبادرة الرباعية في حينه، أنها تتحوط لسيناريو انهيار السلطة وتستبق نجاح حماس في فرض هيمنتها على الضفة الغربية، عبر صناديق الاقتراع، مثلما حصل بنتيجة انتخابات 2006 التشريعية الفلسطينية.

ولأن قطر، ومن خلفها تركيا، هما الراعيان الأساسيان لحركات الإسلام السياسي “الطبعة الإخوانية بخاصة”، فإن من الطبيعي أن “تنتفض” الدولتان الحليفتان، في مسعى مشترك، لإدراك ما يمكن تداركه، وقطع الطريق على المسعى الرباعي الهادف تطويق حليفتهما الفلسطينية: حركة حماس.

ويمكن أن نضيف بعداً آخر إلى هذا المسعى المتجدد، والمتصل بالصراع الإقليمي (العربي أساساً) على ترتيب “مرحلة ما بعد عباس”، حيث تسعى أطراف عربية وإقليمية، لضمان أن تأتي الترتيبات القيادية الفلسطينية الجديدة، مواتية لمصالحها وسياساتها في عموم الإقليم، ومنسجمة مع خريطة تحالفاتها وأولوياتها التي لم تعد خافية على أحد.

ليس حباً بفتح وعباس، ولا حرصاً على وحدة شعب فلسطين الوطنية ... دوافع هذه المبادرات والتحركات تندرج في سياق حروب المحاور والمذاهب والمعسكرات المتقابلة، فيما المصلحة الوطنية الفلسطينية العليا تكمن في مكان آخر ... ومن دون أن تتنبه قيادات الشعب الفلسطيني من مختلف فصائله إلى أهمية ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي وتحصينه في مواجهة الاختراقات ومختلف أشكال التدخل الضارة في الشؤون الفلسطينية الداخلية، فإن من المرجح أن تتحول الساحة الفلسطينية بدورها، إلى ساحة تصفية حسابات بين هذه المحاور، وأن تضيع “قضية العرب المركزية الأولى” بين أرجل اللاعبين المتحاربين في هذه المنطقة.

مرحلياً، نجحت القيادة الفلسطينية في “صدّ” كرة الرباعية العربية، وأغلقت الباب في وجه اختراق “نوعي” كان يمكن أن يعيد تشكيل صورة المشهد الفلسطيني الداخلي، لصالح مشاريع ومخططات، لا صلة لشعب فلسطين بها، ولا مصلحة له في الترويج لها أو الانخراط فيها ...بيد أننا لا نعرف ما إذا كانت هذه القيادة ستقوى على صد المزيد من هذه الهجمات، سيما وأن المنخرطين فيها، هي أطراف فاعلة ومؤثرة للغاية على ساحة الإقليم، ولديها القدرة على التأثير في الداخل الفلسطيني بشكل لا يمكن إنكاره.

اليوم، سنختبر قدرة هذه القيادة، ومعها قيادة حماس، على فصل ملف المصالحة الوطنية عن ملفات الصراع الإقليمي المحتدم في المنطقة، و إن أمل أن تتمكن من فعل ذلك، وأن تسعى قدر جهدها للابتعاد عن الانخراط في أي من المحاور المصطرعة، أو إعطاء الانطباع بذلك، أقله، حتى تستكمل عجلة المصالحات الإقليمية دورتها، فنشهد تقارباً تركياً مصريا، واستتباعاً مصرياً قطرياً، ونرى بداية “حلحلة” في العلاقات شديدة التوتر بين الرياض وطهران، وثمة من المؤشرات، ما يدفع على الاعتقاد بأن مصالحات من هذا النوع، لم تعد مستحيلة، في إقليم منهك، وبين أطراف إقليمية أنهكتها الحروب والصراعات المتنقلة، التي لا غالب فيها ولا مغلوب.

وفي مطلق الأحوال، فإن الفلسطينيين ليسوا بحاجة لوساطات ولا وسطاء، من أجل استئناف الحوار أو إتمام المصالحة واستعادة الوحدة، لديهم قنوات تواصل مباشرة، ولديهم مبادرات “صنعت في فلسطين”، ومن داخل الخط الأخضر، وجل ما ينقصهم هو الإرادة السياسية للتصالح والتوحد، وهي إرادة لا يمكن تخليقها في القاهرة والرياض ولا في الدوحة أو إسطنبول، بل في رام الله وغزة، إن كانت فلسطين ما زالت “قضية مركزية أولى” لفصائل العمل الوطني والإسلامي الفلسطينية ذاتها.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زحمة مبادرات المصالحة زحمة مبادرات المصالحة



GMT 18:13 2021 الإثنين ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد في دمشق: ما الذي حمله في جعبته؟

GMT 14:13 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 14:38 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و"حرب السفن"

GMT 14:41 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

مدرستان في التفكير الإسرائيل حيال الأردن

GMT 15:57 2021 السبت ,03 إبريل / نيسان

الانتخابات الفلسطينية (1-2)

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia