«أستانا 4» اكتمال النصاب لا يعني حدوث «الاختراق»

«أستانا 4» اكتمال النصاب لا يعني حدوث «الاختراق»

«أستانا 4» اكتمال النصاب لا يعني حدوث «الاختراق»

 تونس اليوم -

«أستانا 4» اكتمال النصاب لا يعني حدوث «الاختراق»

بقلم : عريب الرنتاوي

النسخة الرابعة من اجتماعات أستانا، تنعقد بنصاب كامل، وفي مناخات أكثر إيجابية من تلك التي أحاطت بنسختها الثالثة... ويعود السبب وراء “نفحة التفاؤل” المبثوثة في ثنايا التقارير ونشرات الأخبار، إلى عودة الروح لقناة الكرملين – البيت الأبيض، بعد فترة من الانحباس والانسداد، سبقت حادثة خان شيخون والضربة الصاروخية الأمريكية لمطار الشعيرات، وأعقبتهما ... مناخات الاتصال الهاتفي الأول بين بوتين – ترامب منذ أزيد من شهر، اتسمت بالإيجابية ووصفت بالبناءة، وقيل أنها أسفرت عن تفاهمات حول الحاجة لتفعيل مسار التهدئة في أستانا ومسار الحل السياسي في جنيف.

واشنطن، رفعت مستوى تمثيلها في “أستانا 4”، ليمثلها نائب وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، بعد أن اقتصر تمثيلها في الجولات السابقة على سفيرها في كازخستان، لكنها لم تنتقل بعد إلى “قائمة الضامنين” للاتفاق، خصوصاً في ظل الخلاف الروسي – الإيراني حول مشاركة الولايات المتحدة في هذا المسار ... في المقابل، عملت موسكو على خلق أجواء ممهدة للقاء، من خلالها عرضها لمبادرة المناطق الأربع المعروفة باسم “مناطق تخفيف التصعيد”، والموزعة على إدلب وريف حمص الشمالي والغوطة الشرقية والجبهة الجنوبية (تركيا اقترحت منطقة خامسة قريبة من الساحل السوري”، في اقتراب ملحوظ من مطلب المحور الآخر، دون أن يصل إلى حد تبني فكرة المناطق الآمنة المصحوبة بالحظر الجوي والمفروضة بقوة الحديد والنار على دمشق.

مشاركة المعارضة في أشغال الجولة الرابعة من المحادثات، بعد أن قاطعت الجولة الثالثة، يردها البعض إلى سلسلة الاتصالات رفيعة المستوى التي أجرتها موسكو مع كل من أنقرة والرياض والدوحة، وهي العواصم الثلاث التي ترعى المعارضة وتدعمها، وتقرر نيابة عنها إن لم لزم الأمر ... وعلى الرغم مما يعتمل بين هذه الأطراف من خلافات وتباين في الأولويات، انعكست في “حرب الإخوة الأعداء” في الغوطة الشرقية، إلا أنها باتت أكثر ميلاً للتجاوب مع المسعى الروسي، خصوصاً بعد مبادرة “المناطق الأربعة”، والتي يقال أن الوزير السعودي عادل الجبير ونظيره القطري، بحثاها كل على حدة مع نظيرهما الروسي سيرغي لافروف، وأبديا قدراً من التفهم والقبول لمضامينها.

وتعتقد أوساط مطلعة في المعارضة، أن ترجمة “المبادرة الروسية” بدأت مبكراً وقبل اجتماع أستانا بوقت طويل، وتحديداً في الغوطة الشرقية، حيث يخوض “جيش الإسلام” حرباً ضروس ضد “هيئة تحرير الشام” وداعمه الأول “فريق الرحمن”، في مسعى منه للتأهل للانخراط في المسار السياسي وتحضير الغوطة لاستقبال “منطقة تخفيف التصعيد”، وهو الأمر الذي سمح للفريق الآخر، بالموافقة على إدخال قافلة للمساعدات الإنسانية إلى دوما، معقل جيش علوش، لأول مرة منذ ستة أشهر، ويبدو أن الأمرين معاً (الحرب على النصرة، وتقديم المساعدات) إنما يندرجان في سياق التفاهمات الروسية – السعودية، توطئة لتوسيع مظلة الضامنين لمسار أستانا من جهة، وتحضيراً لخطوات عملية لتثبيت التهدئة ووقف إطلاق النار من جهة ثانية، ومن دون أن يؤثر ذلك على الجهد الدولي للقضاء على داعش والنصرة ومن يواليهما من المنظمات والجماعات الإرهابية من جهة ثالثة.

ما يجري في الغوطة الشرقية، قد يصلح نموذجاً لمواقع ومحاور أخرى، فالجبهة الجنوبية على سبيل المثال، قد تكون الأولى بالرعاية في إطار المبادرة الروسية لتخفيف التصعيد، لكن محاربة جيش خالد بن الوليد والنصرة غرباً، وملاقاة فلول داعش في البادية والصحراء شرقاً، قد يكونا شرطاً أو نتيجة لترتيب من هذا النوع، وإذا ما جرى ذلك في سياق مسار أستانا، وفي ظلال التوافق الروسي الأمريكي، وبعد توسيع شبكة الضامنين لهذا المسار لتشمل الأردن والسعودية وربما قطر، الأقرب للنصرة، صار بالإمكان العودة للتفكير مجدداً بفكرة “المناطق الآمنة التوافقية”، وهو الخيار الذي يستجيب أكثر من غيره، لمصالح الأردن وحاجاته لتعزيز أمنه واستقراره وضبط حدوده الشمالية.

والمتتبع لمسار التحضير الروسي لمسار أستانا، يلمس ميلاً روسياً متعاظماً لتوسيع مظلة الضامنين والمشاركين في هذا المسار، مثلما سيلحظ تراجعاً روسيا عن فكرة توسيع “ولاية” محادثات أستانا وحصرها في وظيفتها الأولى: التهدئة وإجراءات بناء الثقة وتثبيت وقف النار، ذلك أن روسيا جنحت ذات يوم، إلى محاولة توسيع “التفويض” الممنوح لهذا المسار، وأرادت له أن يكون مظلة لمناقشة دستور جديد لسوريا، وربما أن يكون بديلاً لمسار جنيف، وهو أمر أثار قلق أطراف عديدة، من محاولات تفرد روسية بالملف السوري ... مثل هذا الخيار، لم يعد ممكنا، خصوصاً بعد خان شيخون – الشعيرات، وهذا ما أدركته موسكو وبدأت العمل بوحي منه.

في كل الأحوال، ليس منتظراً أن يحدث الاختراق الأكبر، لا على مسار أستانا ولا على مسار جنيف، في المستقبل القريب، ذلك أن الانخراط الأمريكي النشط والفاعل في مسار بحث الحلول واستكشاف التسويات الممكنة، مرجأ إلى حين الانتهاء من معركة الرقة والشرق السوري ... بعدها، وبعدها فقط، سيكون بمقدور الولايات المتحدة الجلوس من موقع الند القوي مع موسكو في سوريا، والبحث عن حلول سياسية، تسبقها وتمهد لها، خطوات ميدانية على الأرض، إن لجهة تثبيت التهدئة أو إجراءات بناء الثقة بين الطرفين، لكن ذلك لا يمنع أبداً من إشغال الأطراف المختلفة في مفاوضات وسجالات، تارة في أستانا وأخرى في جنيف، إلى أن يجري الإمساك بالأرض وملء الفراغ الذي سيخلفه داعش في الشمال الشرقي لسوريا، وهي مهمة منوطة بواشنطن وحلفائها من وحدات الحماية، حصرياً على ما يبدو.

المصدر : صحيفة الدستور

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أستانا 4» اكتمال النصاب لا يعني حدوث «الاختراق» «أستانا 4» اكتمال النصاب لا يعني حدوث «الاختراق»



GMT 18:13 2021 الإثنين ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد في دمشق: ما الذي حمله في جعبته؟

GMT 14:13 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 14:38 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و"حرب السفن"

GMT 14:41 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

مدرستان في التفكير الإسرائيل حيال الأردن

GMT 15:57 2021 السبت ,03 إبريل / نيسان

الانتخابات الفلسطينية (1-2)

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia