قمــم ترامــب وفــوز روحـانـي

قمــم ترامــب وفــوز روحـانـي

قمــم ترامــب وفــوز روحـانـي

 تونس اليوم -

قمــم ترامــب وفــوز روحـانـي

بقلم : عريب الرنتاوي

تزامن وصول الرئيس دونالد ترامب إلى السعودية، في أول رحلة خارجية له منذ تسلمه مفاتيح البيت الأبيض، مع الإعلان في طهران عن فوز الرئيس حسن روحاني بولاية ثانية، في انتخابات احتدمت فيها المنافسة بين تيارين محافظ (ثوري) ومعتدل (إصلاحي) ... عند نقطة التقاء هذين الحدثين النوعيين، حرص وزير الخارجية الإيرانية على توجيه رسالة بالعربية، وعبر صحيفة عربية، يعرض فيها السلام كهدية تقدمها إيران لدول الخليج وبالأخص السعودية.

سيجادل البعض حول ما إذا كان فوز الإصلاحيين يعني شيئاً مغايراً أم لا بالنسبة للسياسة الخارجية الإيرانية، وسيبتسم آخرون ساخرين من “الوزير المتبسم” ومن رسالته التصالحية، التي لم تخل بدورها، من اتهامات للأطراف التي خاطبها بها، بنشر التطرف والتدخل في شؤون دول مجاورة وتصعيد حدة التأزم في العديد من الساحات العربية المشتعلة ... لكن ذلك كله لا يعني، ولا يجب أن يعني إدارة الظهر للجدل والانقسام الدائرين في إيران.

وفي ظني أن أحد الأسباب التي أدت إلى فوز التيار الإصلاحي في إيران، إنما يرتبط بنتائج الاتفاق النووي التي لم تقطف طهران ثماره بعد ... تعلق الإيرانيين بوعود الرخاء والتنمية والانفتاح على العالم، ووجود كتلة اجتماعية صلبة تدعم خيارات الإصلاح والانفتاح، كانت السبب الرئيس وراء هزيمة إبراهيم رئيسي وفوز حسين روحاني غير الملتبس... وليس صحيحاً على الإطلاق النظر للخلاف بين التيارين بوصفه لعبة توزيع أدوار، وأنهما من القماشة ذاتها، أو وجهان للعملة ذاتها ... هناك خلافات حقيقية في السياستين الداخلية والخارجية، تدفع كل من يريد لخيار الأمن والاستقرار أن يشق طريقه في المنطقة، مد اليد إلى التيار الإصلاحي الذي يقف الرئيس الإيراني الحالي على رأسه الآن.

وأتمنى أن يكون فوز روحاني ومقال ظريف، بمثابة رسالة إلى المجتمعين في القمم العربية الأمريكية في الرياض أمس واليوم، مفادها أن هذا الإقليم برمته، يقف على عتبة مفترق حاسم: فإما السير قدما في حرب المائة عام حتى آخر سني أو شيعي، وإما البحث في منظومة إقليمية للأمن والتعاون، توفر منصة للحوار بين الأطراف المختلفة، وتسعى في إنشاء نظام قائم على توازن المصالح ومبادئ القانون الدولي المرعية.

لن يكون المشوار سهلاً على الإطلاق، فلا إيران مخلصة في ترجمة أقوالها المعلنة إلى أفعال، ولا بعض العرب يمكن أن يطمئن لإيران مهماً قالت أو حتى فعلت ... لكن مهما كان الجهد الذي سيبذل في سبيل إخراج النظام الإقليمي للأمن والتعاون إلى دائرة الضوء، ومهما كانت كلفة التنازلات المتبادلة التي سيتعين على الأطراف تقديمها على مذبح النظام الجديد، فإنها تظل أقل بكثير، بل وبما لا يقاس، من كلف الاستمرار في حرب المائة عام، حرب داحس والغبراء.

هي فرصة لاتخاذ خطوات تعاكس اتجاه تدهور الأحداث والعلاقات الإقليمية، والذي بلغ حداً مؤسفاً في السنوات الست الفائتة... وأقول فرصة يتعين استنفاذها، إن لم يكن لإنجاز هذا النظام، فلا أقل من سبر أغوار هذا السيناريو، ورسم معالم طريق للخروج من حالة الاستعصاء التي تعيش بها المنطقة ... وأتمنى أن تنجح قمم الرياض في “أخذ العيّار الإيراني إلى باب الدار” كما يقول المثل الشعبي، طالما أن البديل عن ذلك، هو نقل المعركة إلى الداخل الإيراني كما تعهد مسؤول خليجي رفيع قبل أيام، وكما تشير كافة التقارير إلى أن جهداً امنياً واستخباريا، يجري العمل عليه بكثافة من أحل استهداف إيران وإضعافها، الأمر الذي سيفتح الباب حتماً لطهران، لكي تنقل المعركة بدورها إلى الدواخل العربية، ولديها في هذا المجال ، الكثير من الأوراق والوسائل.

الانتقال من إقليم مستقطب ومنقسم على نفسه، من الصراعات المباشرة وحروب الوكالة إلى إقليم يسعى في تخطيط شبكة مصالحه المشتركة، لن تكون عملية سهلة، وستستغرق بعض الوقت ... لكن دولا أخرى مرت بظروف أشد تعقيدا مما نمر به اليوم، ونجحت في تخطي “إرثها التاريخي” والتأسيس لعلاقات مستقبلية قائمة على التكامل والتعاضد والاندماج، وإذا كانت أوروبا تقدم النموذج الكلاسيكي الأكثر جاذبية في هذا الاتجاه، برعم البريكست”، فإن دولة كيوغوسلافيا السابقة، تقدم تجربة أخرى في هذا المجال ... منها انطلق مصطلح “البلقنة” في إشارة إلى التفكك والاحتراب والحروب الأهلية، وحروب الجميع ضد الجميع، ومنها انطلقت “البلقنة” أيضاً ولكن بوصفها قصة نجاح في تجميع أطراف مختلفة، داخل بوتقة واحدة، بمساعدة من أوروبا والناتو كما هو معروف... فهل نستفيد من التجارب من حولنا، أم أننا سنمضي في خطط التصعيد والحسم والحروب والمعارك المتنقلة؟

المصدر : صحيفة الدستور

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قمــم ترامــب وفــوز روحـانـي قمــم ترامــب وفــوز روحـانـي



GMT 18:13 2021 الإثنين ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد في دمشق: ما الذي حمله في جعبته؟

GMT 14:13 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 14:38 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و"حرب السفن"

GMT 14:41 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

مدرستان في التفكير الإسرائيل حيال الأردن

GMT 15:57 2021 السبت ,03 إبريل / نيسان

الانتخابات الفلسطينية (1-2)

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:22 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:53 2014 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

"Facebook messenger" سيكون متاحًا لويندوز فون بعد أسابيع

GMT 11:08 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

وقف الهدر والتبذير..شعار الكويت الجديد

GMT 16:21 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

اجتماع تقني يجمع مسؤولي منتخبَي مالي وتونس

GMT 11:21 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عقدة حياتو والكامرون

GMT 14:25 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فيلم الرعب "Jigsaw" يحقق 32 ميلون دولار في أسبوع عرضه الأول

GMT 09:26 2017 الخميس ,13 إبريل / نيسان

سوسيج تري كامب السحر الحقيقي للحياة البرية

GMT 20:34 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

"HER" BURBERRY عطر المرأة الجريئة الباحثة عن التميز

GMT 12:54 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

أبسط وأسهل طريقة لاختيار الحجاب الملون بأناقة

GMT 13:37 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

كأس ألمانيا: دورتموند وشتوتغارت وبوخوم إلى ربع النهائي

GMT 03:00 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة "الإرهاب" كلفت تونس 4 مليارات دينار
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia