الكونفدرالية الخطرة  ثنائية كانت أم ثلاثية

الكونفدرالية الخطرة ... ثنائية كانت أم ثلاثية

الكونفدرالية الخطرة ... ثنائية كانت أم ثلاثية

 تونس اليوم -

الكونفدرالية الخطرة  ثنائية كانت أم ثلاثية

بقلم - عريب الرنتاوي

حين تكون الكونفدرالية أو حتى الفيدرالية، خياراً طوعياً مستقلاً للشعبين الأردني والفلسطيني، فلا غبار عليها ولا خوف منها، وأحسب أنها ستحظى بتأييد غالبية واسعة من شعبين متجانسين، بينهما من الروابط والمشتركات ما يوحدهما ويجمعهما.
لكن حين تكون الكونفدرالية أو الفيدرالية، خياراً مفروضاً عليهما، مستجيباً لمصالح إسرائيل، وإسرائيل وحدها، ومخرجاً لها من «مأزق الديموغرافيا» الفلسطينية، ومكافأة لها على ضمها الزاحف لـ»الجغرافيا الفلسطينية»، فتلكم واحدة من أخطر التهديدات التي لا تجبه المشروع الوطني الفلسطيني وحده، مشروع العودة وتقرير المصير وبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، بل وتطاول بتأثيراتها أسس الكيانية والهوية الأردنيتين، وتمس أمن الأردن واستقراره.
لا جدال في دعم أي مشروع وحدوي أردني فلسطيني، وعلى أي مستوى جاء أو شكلاً اتخذ ... لكن اليقظة والحذر، يمليان على الأردنيين والفلسطينيين على حد سواء، التنبه لما يحاك لهما في غرف نتنياهو – كوشنير – جرينبلات السوداء المغلقة: إنهم يريدون تصفية قضية الشعب الفلسطيني الوطنية، على حسابه وعلى حساب الأردن والأردنيين ... أنهم يريدون تحويل الصراع التناحري القائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إلى صراع ممتد بين الأردنيين والفلسطينيين، فالحذر الحذر.
الولايات المتحدة في عهد إدارة اليمين الشعبوي – الإنجيلي – الصهيوني، المنحاز كلياً إلى جانب اليمين الإسرائيل المتطرف دينياً وقومياً، ماضية في تفكيك أركان المشروع الوطني الفلسطيني الثلاثة: العودة وتقرير المصير والقدس ... بدأت العملية بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إليها ... وتمر الآن باستهداف «حق العودة» من خلال استهداف الرمز الأممي لنكبة الفلسطينيين ولجوئهم: الأونروا، أو محاولات إعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني، لحصره بالجيل الأول، الآيل للرحيل عن هذه الدنيا، توطئة لشطب العودة والتعويض بعد نزع صفة اللجوء عن الغالبية الساحقة من اللاجئين، وستتواصل غداً بالعمل على إجهاض حلم الاستقلال الوطني والدولة السيدة وتقرير المصير لملايين الفلسطينيين في الوطن المحتل والمحاصر والشتات.
اليوم، تفوح من جولات كوشنير ولقاءاته في الغرف المغلقة، رائحة الانقضاض على مشروع تقرير المصير والدولة، فلا مطرح للدولة الفلسطينية القابلة للحياة بعد كل هذا الزحف الاستيطاني السرطاني، ولا قبول إسرائيلياً بفكرة «الدولة الواحدة ثنائية القومية» ... ليبقى الخيار، بحث عن «شريك عربي» لاستيعاب فائض الديموغرافيا الفلسطينية، وإدارة بقايا الضفة الغربية وكانتوناتها.
من أسف، أننا لم نسمع عن أطروحات كوشنير وعروضه، إلا مؤخراً، مع أنها طرحت قبل عدة أشهر على أقل تقدير، ولم نسمع بها من مصدر فلسطيني أو عربي، بل قرأناها في صحيفة «هآرتس» وبعض المواقع الإسرائيلية ... من المؤسف أن الرئيس الفلسطيني اختار إبلاغ شعبه بهذه العروض «التصفوية» من خلال وفد إسرائيلي زاره مؤخراً، مع أنه كان حرياً به مكاشفة شعبه عبر منبر فلسطيني، وبلسان عربي مبين، وليس من خلال منابر إسرائيلية، ومترجمة عن العبرية.
مؤسف أن الرئيس يتخذ في جلسة مع وفد زائر (كوشنير وصحبه) قراراً بقبول الكونفدرالية مشترطاً أن تكون ثلاثية (مع إسرائيل أيضاً) وليست ثنائية فحسب، مع أن أي مؤسسة فلسطينية لم تبحث الأمر ولم تتخذ بشأنه أي قرار، وهو قرار يمس صميم المشروع الوطني الفلسطيني وعنوان نضال شعب فلسطين منذ أربعين عاماً أو أكثر.
وسوأ أقصد الرئيس إحراج الجانب الأمريكي لمعرفته المسبقة بتعذر قبول إسرائيل بكونفدرالية ثنائية أو ثلاثية، أو أنه كان يعني ما يقول، فالنتيجة واحدة: الرئيس يتفرد بقرار، أو موقف، كان حرياً به أن يخضعه لدراسة معمقة في المؤسسات الفلسطينية، بل وربما احتاج الأمر استفتاء الشعب الفلسطيني على أمر جلل بهذا الحجم.
والخلاصة، أن معالم وأركان «صفقة القرن» تتضح يوماً إثر آخر، ليس بالأقوال فحسب، وإنما بالأفعال كذلك، ومع ذلك يخرج علينا بين الحين والآخر، هذا المسؤول أو ذاك، ليقول لنا بأننا لم نطلع على هذه المبادرة، ولم تُعرض علينا رسمياً، ومن المبكر اتخاذ موقف حيالها قبل ذلك ... والمعيب أن موفد الرئيس الأمريكي لعملية السلام جيسون جرينبلات، ينتقد الفلسطينيين في مقالة له نشرت مؤخراً في صحيفة شيلدون إديلسون، «إسرائيل هيوم»، لأنهم يرفضون الصفقة قبل الاطلاع عليها ... تلك أثاركم تدل عليكم، وما تفعله واشنطن، هو أوقح تعبير عن الصفقة، وأسوأ وسيلة لعرضها والكشف عن مضامينها.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكونفدرالية الخطرة  ثنائية كانت أم ثلاثية الكونفدرالية الخطرة  ثنائية كانت أم ثلاثية



GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

GMT 08:29 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

ترامب يدّعي نجاحاً لم يحصل

GMT 08:24 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

فلسطين وإسرائيل بين دبلوماسيتين!

GMT 08:23 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

أزمة الثورة الإيرانية

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 03:04 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مبتكرة لجعل مداخل المنازل أكثر جاذبية

GMT 11:39 2021 الإثنين ,27 أيلول / سبتمبر

القبض علي عملية هجرة غير شرعية في سواحل صفاقس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia