عن زحمة المبادرات الخاصة بغزة ومسيرة العودة

عن "زحمة" المبادرات الخاصة بغزة ومسيرة العودة

عن "زحمة" المبادرات الخاصة بغزة ومسيرة العودة

 تونس اليوم -

عن زحمة المبادرات الخاصة بغزة ومسيرة العودة

بقلم - عريب الرنتاوي

حملت وسائل إعلام مختلفة، أنباءً عن عروض ومبادرات لوقف “مسيرة العودة الكبرى” واحتواء تداعياتها، في مسعى من أصحابها، لمنع انزلاق الأطراف إلى أتون مجابهة دامية، لا تكف إسرائيل عن التلويح بها، إن تجرأ شبان القطاع على اجتياز السياج الأمني، وتدمير البنى التحتية الأمنية الممتدة على طول حدود القطاع المحاصر، مع سلطة الاحتلال.

بعض هذه المصادر، تحيل المبادرة إلى دولة عربية أو أكثر، تقترح وقف المسيرة وإنهاء أنشطتها، نظير فتح “معبر رفح”، وتخفيف قبضة الحصار المضروب على القطاع، ورفع بعض العقوبات التي يرزح تحت نيرها ... بعضها الآخر، يتحدث عن مبادرة أخرى، عن الاتحاد الأوروبي هذه المرة، والبعض اختصرها بثلاث كلمات: “الغذاء مقابل السلاح”، بمعنى رفع العقوبات وفتح المعابر، نظير القبول بالعودة إلى الآليات السابقة للانقسام، للإشراف على المعابر والحدود، بما يعني، تسليمها للسلطة وعودة الوحدات الشرطية الأوروبية لمزاولة عملها.

يصعب التيقن من دقة وفحوى هذه المبادرات، في ظل امتناع مختلف الأطراف عن الكشف عن حقيقة ما يجري من مداولات، لكن لا دخان من دون نار، والدخان في السماء الفلسطينية (المحتلة أيضاً) لا يتصاعد بكثافة، إلا عندما تكون إسرائيل في مأزق، وغني عن القول، أن “مسيرة العودة الكبرى” تسببت بخلق مأزق لإسرائيل، فإن هي استخدمت القوة المفرطة كما فعلت في الأيام الماضية، قامرت بفقدان “شرعيتها” وافتضاح زيف ادعاءاتها... وإن هي التزمت “ضبط النفس”، ستجد عشرات ألوف الشبان اللاجئين يقرعون أبواب مستوطنات “غلاف غزة”، وربما ما هو أبعد من ذلك.

على أننا سنكتفي في هذه العجالة، بتظهير أمرين اثنين: الأول، أن غزة بدأت تضغط على الرأي العام والمجتمع الدولي، من بوابة ضغطها الشعبي السلمي على إسرائيل، وهذا تطور جيد، يعلي من شأن المقاومة الجماهيرية السلمية، ويعزز هذا الخيار، بوصفه خياراً استراتيجياً قابلاً للاستدامة وإعادة الإنتاج في الضفة والقدس، وحتى في الشتات والمغتربات والمهاجر.
والثاني، أن هذه المبادرات، تسعى في تفكيك أطواق العزلة والحصار عن القطاع وأهله، وليس عن حماس وحكومتها وكتائبها، فلا واحدة من هذه المبادرة، ولا أحد من المبادرين، معنيٌ باستنقاذ حماس، وتفكيك أطواق العزلة التي تحيط بها، وتكاد تختنق بها، وعلى حماس ألا تخطئ في قراءة مرامي هذه المبادرات وأجندات المبادرين.

من هذا المنطلق، نرى أنه يتعين على حماس أن تقف وقفة مراجعة مسؤولة، فيما القضية الفلسطينية تلج عتبات مرحلة استراتيجية جديدة، عنوانها “صفقة القرن” وقرارات ترامب بشأن القدس والسفارة، وأحسب أن ثمة عناوين ثلاثة، يتعين على الحركة أن تأخذها بنظر الاعتبار:

الأول؛ على حماس أن تدرك أن هذا الوضع الشاذ في غزة، والانقسام على المستوى الوطني، من المحال أن يستمر، فهي قد تستطيع إطالة أمد بقائها كـ “سلطة أمر واقع” في القطاع، بيد أنها تٌغرق القطاع معها، فضلاً عن كونها، تغرق فيه، أكثر من أي وقت مضى.

الثاني؛ إن لمسيرة العودة الكبرى، التي شاركت فيها جميع القوى والفصائل والفعاليات ومواطنون أفراد غير محسوبين على أي من مكونات الخريطة الفصائلية الفلسطينية، هدف رئيس واحد: إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية من حيث أولويتها ومكانتها، وتوجيه صفعة لـ”صفقة القرن”، وليس لتعويم حماس، وتفكيك عزلتها وحصارها، مع أن هذا هدف مشروع، لطالما أقدمت عليها أحزاب وقوى وفصائل، في فلسطين والمنطقة والعالم.

والثالث؛ إن أيٍا من المشاريع والمبادرات المطروحة، لن يلحظ دوراً لحماس في حفظ الحدود والسيطرة على المعابر، بل وبعضها يشترط عودة السلطة بقضها وقضيضها إلى القطاع، وبعضها الثالث، يلحظ تجفيف مصادر التسلح، إن لم نقل نزع السلاح الموجود، ومن الأفضل لحماس وفلسطين، قضية وشعباً، أن تبادر حماس إلى تقديم التنازلات لشعبها وإخوانها في الحركة الوطنية، على أن تقدمها لمحاور عربية معروفة لحماس، كما هي معروفة لنا، أو لجهات دولية، لم تتحرك على وقع أنّات أطفال القطاع ونسائه وشيوخه، بل على ضجيج المأزق الإسرائيلي مع جماهير غزة المنتفضة في مسيرة العودة الكبرى ... بانتظار قرارات تاريخية من حماس، قبل فوات الأوان، بانتظار وقفة وطنية مسؤولة، بعيداً عن الفصائلية الضيقة، بانتظار تغليب “الوطني” على “الإخواني” في خطاب الحركة وسلوكها.

المصدر:جريدة الدستور

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن زحمة المبادرات الخاصة بغزة ومسيرة العودة عن زحمة المبادرات الخاصة بغزة ومسيرة العودة



GMT 12:13 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

ماذا سيفعل العراقيون بعد اقتحام السفارة؟

GMT 12:10 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

أردوغان يعاني في بلاده

GMT 11:56 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

دبلوماسيّون: حراك مكثف على ساحة متأرجحة!

GMT 11:38 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الباجي وخطيئتا بورقيبة وبن علي

GMT 11:29 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الإمارات ملتقى الأمم

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia