“النكاية” بديلاً عن السياسة

“النكاية” بديلاً عن السياسة

“النكاية” بديلاً عن السياسة

 تونس اليوم -

“النكاية” بديلاً عن السياسة

بقلم : عريب الرنتاوي

تتحول السياسة إلى “نكاية” في عالمنا العربي، حتى التصويت في الانتخابات العامة، والمفروض أنه يحتكم للبرامج والتوجهات، يأخذ طابعاً “نكائيا” مناكفاً، في بعض الأحايين .

.. في فلسطين صوتوا لحماس نكاية بفتح، وفي لبنان، صوتوا لقوائم عوائلية ومدنية، نكاية بالأحزاب السياسية الكبرى، أحزاب الطوائف وأمرائها، وكذا الحال في أماكن وأوقات أخرى.

أهل السلطة الفلسطينية، بعضهم على الأقل، فرحون بالتقارب التركي – الإسرائيلي، تشتم ذلك من رائحة تعليقاتهم وردود أفعالهم، وكتاباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي “الكاشفة” لبواطن الأمور وظواهرها ... مع أن تقارب دولة إقليمية بحجم تركيا مع إسرائيل، أمر ينبغي أن يدفع على القلق والتحسب، وليس على البهجة والحبور ... أما لماذا هم فرحون بهذا التقارب، فـ “نكاية” بحماس، التي بلغت علاقاتها بأنقرة، حداً عظيماً في السنوات الأخيرة، وأصبحت بعد القطيعة مع إيران، أهم حليف إقليمي للحركة.

الشعور ذاته، تجده عند بعض أنصار “محور المقاومة والممانعة”، الذي نشأ بحكم تعريفه، على قاعدة العداء لإسرائيل ومقاومتها ... ثمة احتفالية مضمرة، بعودة العلاقات بين أنقرة وتل أبيب إلى طبيعتها، مع أن اقتراب دولة بحجم تركيا وهرولتها صوب إسرائيل، أمر ينبغي أن يتسبب بانزعاج هؤلاء ... لكنهم وقد أبرموا فيما بينهم، أوراق “الوكالة الحصرية” لـ”المقاومة والممانعة”، لا يريدون لأحدٍ أن يشاطرهم وكالتهم هذه، ولا يترددون في إظهار الفرح الشامت بـ “عودة الابن الضال” إلى أحضان معسكره القديم، وكل ذلك على خلفية الأزمة السورية وانقساماتها السياسية والمذهبية العميقة، التي أطاحت بالعقل والوعي، قبل أن تزهقأرواح مئات ألوف الأبرياء في أتونها الدامي.

تعددت الأسباب و”النكاية” واحدة ... أركان في 14 آذار، يجهدون اليوم لـ “تبرئة” داعش من “فرية” استهداف قرية القاع المسيحية البقاعية/ الشمالية ... مع أن الهجمات الانتحارية المتعددة التي شهدتها البلدة، تنهض كشاهد بشع ودامٍ على ضراوة الاستهداف، الذي لا هدف من ورائه، سوى القتل من أجل القتل، وترويع الأبرياء وضرب نظرية الأمن اللبناني وإشاعة الفوضى والانقسامات الطائفية والمذهبية والتحريض على فريق من اللبنانيين ... حزب الله وجدها مناسبة لتأكيد مقولته القديمة بأن لبنان مستهدف من قبل “الدواعش” الكثر، سواء صعد بمقاتليه إلى سوريا أم بقي في خنادقه في لبنان ... هذا أمر لا يروق لساسة لبنانيين من المعسكر الآخر، فتراهم ينبرون لتفنيد مقولة الحزب، حتى وإن اقتضى الأمر، إصدار صكوك غفران للتنظيم الإرهابي من تهمة استهداف البلدة المسيحية، كل ذلك من باب “النكايات” و”المناكفات”، لا أكثر ولا أقل.

داعش” يتفوق على نفسه في عملية الكرادة الإرهابية، من حيث “إدارة التوحش”، وهو الذي لم يعد يجد من ينافسه أو يتفوق عليه، من بين جميع الجماعات الإرهابية ... إحدى صحفنا المحلية، تفضل الصدور بمانشيت يتحدث عن “طرد العبادي” من الكرادة التي جاءها متفقداً، ولكأن هذه الواقعة، هي “الخبر”، مع أن جوهر الخبر، يقع في مكان آخر، حيث تتناثر أشلاء مئات العراقيين من الجرحى والشهداء، لكن مقتضيات “النكاية” تقتضي تركيز الانتباه في مكان آخر، طالما أن رئيس الوزراء العراقي، ينتمي لمعسكر آخر ومذهب مغاير.

في مصر، يبدو منطق “النكايات” حاكماً لسلوك بعض السياسيين من المعارضات المهجوسة بـ “عقدة السيسي”... ترى أخبارهم وتصريحاتهم تتمنى الخراب لمصر والمصريين، طالما ظل السيسي متربعاً على رأس هرم السلام في “المحروسة”، لا تمييز هنا بين “وطن” و”مصالح وطنية” و”ثوابت”، وتكتيكات سياسية، ولا فرق بين خلاف مع النظام وصراع من أجل السلطة من جهة، وحرب على الدولة والكيان والشعب من جهة ثانية ... من بعدي الطوفان، هو الشعار النظام لعمل هؤلاء وتفكيرهم ... و”النكاية” هي البديل الوحيد للسياسة في سلوكهم ومواقفهم ... وما ينطبق على الحالة السورية بـ “قراط واحد”، تجده متجلياً على الساحة السورية بـ “24 قيراط” ... هنا النكاية، والنكاية وحدها، هي من يحكم سلوك قوى محتربة ومصطرعة، دخلت منذ أعوام في لعبة “الخيار الصفري”.

في زمن “حروب الجميع ضد الجميع”، لا منطق يحكم السياسة والمواقف، ولا تمييز بين “عدو حقيقي” وآخر “مفتعل” أو “مفبرك” ... في زمن الانقسامات والصراعات المذهبية والطائفية و”الاقوامية”، يغيب العقل والمنطق، وتغيب السياسة، لتحل محلها النكايات والمناكفات.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

“النكاية” بديلاً عن السياسة “النكاية” بديلاً عن السياسة



GMT 18:13 2021 الإثنين ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد في دمشق: ما الذي حمله في جعبته؟

GMT 14:13 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 14:38 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و"حرب السفن"

GMT 14:41 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

مدرستان في التفكير الإسرائيل حيال الأردن

GMT 15:57 2021 السبت ,03 إبريل / نيسان

الانتخابات الفلسطينية (1-2)

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia