المعارضة السورية وإرهاصات التحوّل في المواقف الخليجية

المعارضة السورية وإرهاصات التحوّل في المواقف الخليجية

المعارضة السورية وإرهاصات التحوّل في المواقف الخليجية

 تونس اليوم -

المعارضة السورية وإرهاصات التحوّل في المواقف الخليجية

بقلم : عريب الرنتاوي

سربت مصادر سورية معارضة مضامين لقائها في الرياض مع الوزير السعودي عادل الجبير ... المعارضة كعادتها، انقسمت على نفسها حتى في فهم وتفسير ما قاله الدبلوماسي السعودي الرفيع ... ليأتي مصدر في الخارجية، لم يكشف عن هويته كالعادة أيضاً، نافياً تخلي المملكة عن ثوابت موقفها من الأزمة السورية وليعيد التأكيد على مقررات “جنيف 1” وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، من دون الدخول في التفاصيل.

بين التسريب والنفي، لا يصعب على القارئ الحصيف استقراء التحوّلات في المواقف السعودية، ويمكن تلخيصها بثلاثة:

الأول: رغبة المملكة في إعادة ترميم جسد المعارضة الهزيل، الذي أصيب بانتكاسة حادة إثر تفاقم الخلاف بين قطر (ومن خلفها تركيا) من جهة وكل من مصر والسعودية والإمارات من جهة ثانية ... الترميم سيحرص بالأساس على قصقصة الأجنحة القطرية – التركية في المعارضة، أوتحجيمها على أقل تقدير ... ما شهدناه من هجوم على تركيا من قبل خالد المحاميد عضو الائتلاف المقيم في الإمارات، يؤشر على الوجهة التي ستتخذها عملية الترميم المنتظرة.

الثاني: بحرصها على دعوة منصتي القاهرة وموسكو لاجتماع المعارضة السورية المقبل في الرياض، في أوساط تشرين أول القادم، تكون الرياض قد اقتربت خطوة واسعة من المقاربة المصرية للأزمة السورية، وهي مقاربة تضع في صميم أولوياتها حفظ الدولة ومؤسساتها، ووحدة سوريا أرضا وشعباً، وتعطي الأولوية لمحاربة الإرهاب وليس لإسقاط النظام أو تغييره، حتى أن القاهرة نشطت مؤخراً في إنجاز مصالحات وتهدئات ومناطق تخفيف تصعيد في سوريا، بالتعاون والتنسيق مع النظام وليس في مواجهته ... أما دعوة منصة موسكو لاجتماعات الرياض، فهي بداية تسليم بالدور الروسي المقرر في الأزمة السورية، وأن لا حل لسوريا أو فيها، لا يمر عبر بوابة الكرملين.

الثالث: ويتصل بما يمكن تسميته بالمقاربة الواقعية للأزمة السورية، وهنا نستشف نصيحة للمعارضة بقراءة دلالة ما يجري في الميدان من اختراقات واسعة حققها النظام السوري وحلفاؤها من جهة أولى، وإلى التغييرات في المواقف الدولية التي بدأت تعطي الأولوية للحرب على داعش والنصرة وليس على الأسد من جهة ثانية، ولأهمية الاستجابة من جهة ثالثة، للموقف الأممي المطالب بتوحيد المعارضة في وفد واحد وتحت راية واحدة، حتى تتفادى الوقوع في مستنقع التهميش والإلغاء، فالعالم لن ينتظر سبع سنوات عجاف أخرى، حتى تتفق المعارضات والمنصات فيما بينها ... إما الذهاب في وفد موحد، وإما القبول بمفاوضات يجلس فيها ممثلو النظام على جانبي الطاولة، للوصول إلى ما يشتهيه من صيغ ونتائج.

ليس المهم إن صدر عن الجبير ما يفيد بدعوة المعارضة لتقبل حقيقة أن الأسد باقٍ في موقعه لسنوات قادمة، قالها تصريحاً بالحرف الواحد أم قالها تلميحاً بعبارات أكثر ضبابية وعمومية، النتيجة واحدة، وعلى المعارضة أن تتكيف مع المعطيات الجديدة، ميدانياً وسياسياً، محلياً وإقليمياً ودولياً ... المعارضة لم تعد موجودة على الأرض، سوريا تتقاسمها أربع قوى هي: النظام الذي بات يسيطر على أكبر وأهم جزء من الأرض والسكان، داعش والنصرة اللذان يسيطران على مساحات لا بأس بها من البادية وبقايا الرقة ودير الزور مروراً بإدلب وحتى القنيطرة المتاخمة للحدود مع الجولان المحتل، وقوت سوريا الديمقراطية التي تفرض سيطرتها على أكثر من 20 بالمائة من الأراضي السورية ... أما بقية المعارضات المعتدلة، والتي هي في واقع الحال أقرب للسلفية الجهادية مثل جيش الإسلام (الغوطة ودوما) وأحرار الشام (في أرياف إدلب وحلب وبعض الجنوب)، فلم يعد لها وزن كبير على الأرض، ليكون لها تمثيل وازن في المفاوضات.

ليس مهماً ما تقوله المعارضة عن نفسها، ولا ما يقوله بعض الكتاب والإعلاميين المحسوبين على الدول الراعية لهذه الفصائل، هذه حقائق يعرفها القاصي والداني ... اللعبة في سوريا انتهت كما تقول مصادر المعارضة، وما يجري في الميدان والسياسة والدبلوماسية، هي محاولة لترجمة مكاسب الأطراف الفاعلة محلياً وإقليمياً ودولياً، إلى صيغة تسوية نهائية، من المؤكد أن النظام، رئيساً ومؤسسات، سيكون حاضراً فيها بقوة، وأن الأكراد لن يعودوا إلى ما كانوا عليه قبل الأزمة، أما بقية المعارضات، فإن حصتها من النظام السياسي الجديد لسوريا، ستقرره الكيفية التي ستتطور فيها العلاقات الأمريكية – الروسية.

لا ندري أين نضع الموقف السعودي الجديد، وفي أي سياق؟ ... هل هو إقرار بغلبة المحور الآخر في الحرب الدائرة في سوريا وعليها، أم أنه حلقة في سلسلة من الاستدارات السعودية، بدأت بالذهاب إلى العراق والانفتاح على مكونه الشيعي، ولم تنته بالمصافحة الحارة والحميمة بين الوزيرين عادل الجبير ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف في اسطنبول... من السابق لأوانه القطع بهذه المسألة، بل ومن التطيّر الحديث عن “استدارات”، ربما استخدام “إرهاصات” يكون أكثر دقة وتعبيراً .

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعارضة السورية وإرهاصات التحوّل في المواقف الخليجية المعارضة السورية وإرهاصات التحوّل في المواقف الخليجية



GMT 18:13 2021 الإثنين ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد في دمشق: ما الذي حمله في جعبته؟

GMT 14:13 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 14:38 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و"حرب السفن"

GMT 14:41 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

مدرستان في التفكير الإسرائيل حيال الأردن

GMT 15:57 2021 السبت ,03 إبريل / نيسان

الانتخابات الفلسطينية (1-2)

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia