هل من صفقة حول عفرين ومن الرابح والخاسر فيها

هل من "صفقة" حول عفرين؟ ومن الرابح والخاسر فيها؟

هل من "صفقة" حول عفرين؟ ومن الرابح والخاسر فيها؟

 تونس اليوم -

هل من صفقة حول عفرين ومن الرابح والخاسر فيها

بقلم - عريب الرنتاوي

ثمة ما ينبئ بأن “صفقة ما” قد تم إبرامها بين دمشق وأنقرة والحركة الكردية في عفرين، سمحت بتوافق الأخيرة مع النظام في دمشق، على إرسال قوات له أو محسوبة عليه إلى المدينة، لتفادي اجتياحها من قبل الجيش التركي وحلفائه، وإلا لما “قامرت” سورية بالدخول في حرب مفتوحة مع تركيا، ولما صدر عن أنقرة ذاك “الترحيب المشروط”، بعودة الدولة السورية إلى تلك المنطقة، بل ووصولها إلى ضفاف الحدود الدولية بين البلدين.

والمؤكد أن “مايسترو” الصفقة وعرابها، هي موسكو وقاعدة “حميميم” ... موسكو تولت التنسيق “رفيع المستوى” مع الأطراف، وربما من ضمنها واشنطن، راعية الأكراد وحليفهم الأهم والأقوى... فيما تولى فريق القاعدة الروسية، أمر الاتصالات مع الجانب الكردي، وترتيب الجوانب العملية واللوجستية، وتذليل ما قد ينشأ من عقبات في منطقة حساسة للغاية، قد يتحول فيها “خطأ غير مقصود” إلى شرارة تشعل حرباً إقليمية أوسع نطاقاً، لا تريدها تركيا ولا سوريا، والمؤكد أن روسيا في غنى عنها تماماً.

ما كان لأكراد سوريا أن يقبلوا بتسليم عفرين لقوات الجيش السوري وحلفائه، لولا ضيق خياراتهم، وانسداد آفاق البدائل والخيارات الأخرى أمامهم، سيما مع التقدم الذي سجله الجيش التركي والقوى الرديفة له في القرى والبلدات الأمامية... ولقد سبق لهؤلاء أن رفضوا عرضاً روسياً – سورياً قبل بدء عملية “غصن الزيتون”، ومن أجل تفاديها، ويقضي بنشر الجيش السوري في هذه المناطق، وسحب أية ذريعة من بين يدي أنقرة ... الأكراد المتشككون في نوايا دمشق، ظنوا أن تركيا لن تذهب إلى هذا الحد، سيما أن أمكن لهم إطالة أمد المعركة، وتكبيد القوات الغازية خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، لكن حسابات الأكراد ورهاناتهم، “طاشت” هذه المرة كذلك، مثلما كان عليه الحال في مرات سابقة عديدة.
وتركيا ما كان لها في المقابل، أن تجنح راغبة أو طائعة، لإبرام اتفاق وتفاهمات، تعيد خصمها في دمشق، إلى مناطق حدودية أو قريبة من الحدود، وما كان لها أن ترسل بجحافلها إلى سوريا، لتقدم للأسد، وعلى طبق من فضة، مناطق جديدة من سوريا، يضمها إلى المناطق التي يسيطر عليها، أو يستعيد سيطرته عليها ... لكن طول أمد المعركة التي تكاد تدخل شهرها الثاني، وارتفاع الخسائر في الأوساط التركية، وفشل الحملة في تحقيق اختراقات كبيرة، وتزايد الأصوات في الداخل المحذرة من “مستنقع سوري لتركيا”، وعدم تفهم المجتمع الدولي لدوافع الحملة التركية، كل ذلك، جعل بالإمكان التوصل إلى “اتفاق الجنتلمان” الذي نعتقد أن التطورات الأخيرة على هذه الجبهة، ما كان لها أن تحدث، لولا توصل الأفرقاء إليه .

يفسر ذلك إلى حد كبير، مواقف كل من دمشق وطهران وموسكو، من الاختراق التركي لخط الحدود مع سوريا ... فردود أفعال هذه الأطراف المتحالفة، جاءت أقل مما هو متوقع ... سوريا تكتفي بالإدانة وموسكو وطهران تكتفيان بحث أنقرة على التزام “ضبط النفس”، وعدم التوسع في العمليات الحربية، واحترام سيادة سوريا ... جميع هذه الأطراف تخشى “المشروع الكردي” المدعوم بقوة من واشنطن، وترى فيه رأس حربة أمريكية ضد نفوذها ومصالحها في سوريا ... لكن جميع هذه الأطراف، تبدي مخاوف حيال النوايا التركية الخبيئة، ومحاولات أنقرة اللعب على حبال المحاور والعواصم الدولية، وتحديداً بين واشطن وبروكسيل وموسكو.

سيكون بمقدور تركيا أن تقول إنها نجحت في إبعاد شبح الإرهاب الكردي عن حدودها، وقد يشمل ذلك، سحب الأسلحة الثقيلة من بين يدي الفصائل الكردية، وهذا أمر تريده دمشق، بالقدر ذاته ... وتستطيع تركيا أن تزعم، بأنها حفظت وحدة سوريا، ومنعت التحام جيب عفرين ببقية جغرافيا الكيان الكردي، وان الكرة الآن في ملعب واشنطن، لحل استعصاء “منبج” ... في المقابل، تستطيع دمشق، أن تدعي بأنها ما فرطت ولا هادنت مع “العدو التركي”، وأنها بسطت سيادتها على جزء من ترابها الوطني، وأنها قطعت الطريق على أحلام أردوغان التوسعية ... كما سيكون بمقدور الأكراد، الطرف الأضعف في المعادلة، الادعاء بأنهم فعلوا ما فعلوا، من منطلق أنهم جزء من الشعب السوري، وجزء من الدولة والسيادة السوريتين، وأنهم “استدعوا” الجيش السوري من باب حث دمشق على القيام بمسؤولياتها في حفظ أمن شعبها ووحدة ترابها وصون رموز سيادتها واستقلالها.

إن سار “اتفاق الجنتلمان” على ما يرام، فإن الأكراد سيخرجون كخاسر أكبر في هذه المواجهة، وتركيا ستحل في المرتبة الثانية في قائمة الخاسرين، لأنها قدمت الكثير ولم تتحصل إلا على القليل، وأنها جعلت من جيشها “بلدوزر” يمهد الطريق لعودة نظام الأسد إلى مناطق أخرج منها منذ أزيد من أربع سنوات ... أما موسكو فهي تبرهن من جديد، أنها قادرة على الإفادة من حروب أصدقاء واشنطن وحلفائها وتناقضاتهم المحتدمة، وأنها هي من يقطف الثمار في نهاية المطاف.

لسنا على ثقة من أن “الاتفاق” المذكور سيبلغ خواتيمه السعيدة، فتعقيدات الميدان، وما يصاحبها من حسابات وحساسيات متناقضة، قد تطيح به في أية لحظة، وربما بصورة تعيد الوضع إلى ما هو أسوأ وأخطر مما كان عليه قبله، سيما أن اقتراب القوات النظامية التابعة لكل من سوريا وتركيا من بعضها البعض، تجعل البلدين يقفان على “حافة هاوية” ولا يحتاجان سوى لدفعة صغيرة للأمام، حتى ينزلقا إلى قعرها ... الأيام القادمة، ستوضح في أي اتجاه ستتتالى الأحداث والتطورات، ومن هم المدرجة أسماؤهم على قوائم الرابحين والخاسرين في أحدث جولة من جولات الحروب الساخنة والمتنقلة، في سوريا وعليها.

المصدر : جريدة الدستور

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل من صفقة حول عفرين ومن الرابح والخاسر فيها هل من صفقة حول عفرين ومن الرابح والخاسر فيها



GMT 18:13 2021 الإثنين ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد في دمشق: ما الذي حمله في جعبته؟

GMT 14:13 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 14:38 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و"حرب السفن"

GMT 14:41 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

مدرستان في التفكير الإسرائيل حيال الأردن

GMT 15:57 2021 السبت ,03 إبريل / نيسان

الانتخابات الفلسطينية (1-2)

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 03:04 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مبتكرة لجعل مداخل المنازل أكثر جاذبية

GMT 11:39 2021 الإثنين ,27 أيلول / سبتمبر

القبض علي عملية هجرة غير شرعية في سواحل صفاقس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia