«شيطنة» روسيا وظاهرة «بوتين  فوبيا»

«شيطنة» روسيا وظاهرة «بوتين - فوبيا»

«شيطنة» روسيا وظاهرة «بوتين - فوبيا»

 تونس اليوم -

«شيطنة» روسيا وظاهرة «بوتين  فوبيا»

بقلم : عريب الرنتاوي

لم يصدرعن قيادة حماس ما يفيد بتدخل المخابرات الروسية، وبتوجيه من الكرملين وفلاديمير بوتين شخصياً، في سيرورتها، دعماً لإسماعيل هنية أو تعضيداً لمكانة يحى السنوار، وهذه من المرات النادرة مؤخراً، التي تُجرى فيها انتخابات ولا تتهم موسكو بالتدخل في عملياتها... واشنطن تقف على ساق واحدة تتبع آثار هذا التدخل، خصوصاً بعد الإقالة غير المسبوقة لمدير الإف بي آي، جيمس كومي... الانتخابات الفرنسية لم تخل من شبهة التدخل الروسي، خصوصاً بعد نشر ويكيليكس وثائق من حملة إيمانويل ماكرون... قبلها وبعدها، تطايرت التقارير والتكهنات التي تتناول تدخل أذرع الاخطبوط الاستخباري الروسي في كل انتخابات تقريباً.

آخر «الصرعات» التي قرأت عنها مؤخراً، ما ورد على لسان السياسي العراقي باقر جبر صولانج الزبيدي الذي استذكر بعد مرور ثلاث سنوات على آخر انتخابات برلمانية عراقية، بأن ثمة «شخصا روسيا» قدم إلى بغداد، الأرجح بتكليف من بوتين شخصياً، وبذل كل ما بوسعه من جهد، واستخدم كل ما بحوزته من موارد، من أجل تبديد 130 ألف صوت كان صولانج قد تحصّل عليها، ما أدى إلى خسارته المقعد الانتخابي.

أن يقوم الكرملين بالتدخل ضد هيلاري كلينتون لصالح دونالد ترامب، أمرٌ يمكن أن «يدخل العقل»، طالما أن الأولى تعمل بأجندة «مؤدلجة» مَثلها في ذلك مَثل رئيسها باراك أوباما على حد تعبير سيرغي لافروف... وأن تبدي تفضيلاً لمارين لوبان على أي من خصومها، فهذا أيضاً يمكن تفسيره، وإن كنا نفتقر للمعطيات الدالة على حقيقة التدخل الروسي في الحالتين الأمريكية والفرنسية.

لكن أن يكون الكرملين و»القيصر» في حالة قلق واضطراب من احتمال فوز صولانج في الانتخابات العراقية، وأن يكرسا ما يكفي من الوقت والجهد والموارد، لإسقاطه فهذا أمرُ عصي على الفهم والتصديق، ولا تفسير له خارج قاموس علم النفس ومفرداته وامراضه، ويمكن أن ندرجه كذلك في سياق تفشي ظاهرة «بوتين – فوبيا» التي تنتشر انتشار النار في هشيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والاستفتاءات التي تجتاح العالم، وهي الظاهرة التي تصلح للاستخدام كـ «شمّاعة» يبرر بها كل مهزوم، هزيمته.

نحمد الله أن الزملاء ماجد الأمير وحسين العموش، لم يتهما المخابرات الروسية بالانتصار للنقيب الجديد للصحفيين الأردنيين راكان السعايدة... فإذا كان منع انتخاب باقر الزبيدي من الوصول إلى البرلمان، خدمة توفرها المخابرات الروسية لأصدقائها، فليس من المستبعد أن تقوم بتقديم خدمات مماثلة على مستوى انتخابات النقابات والبلديات واللامركزية وغيرها من استحقاقات تزدحم بها أجندة الأردن والأردنيين.

«بوتين – فوبيا» تكاد تكون تسونامي يجتاح الغرب... البحث دائم عن أصابع الرجل وأذرعه من دون توقف... حملات الشيطنة لروسيا والكرملين و»القيصر» لا تتوقف... مع إن الحرب العالمية انتهت، وصراع الإيديولوجيات حُسم... وروسيا لم تعد قاعدة ومركز الشيوعية العالمية، وهي ذاتها ليست شيوعية وحزبها الشيوعي يكاد لا يُلحظ في مجلس الدوما، أو في عملية صنع القرار والسياسة في البلاد.

قد تكون روسيا بعيدة كثيراً عن معايير كوبنهاجن لعضوية الاتحاد الأوروبي أو مقاييس الغرب للديمقراطية وحقوق الانسان، وهذا صحيح... لكن كثيرا من الدول الحليفة والصديقة للغرب، تقف على مسافة فلكية من هذه المعايير، ولا تثير انتباه الغرب أو تستجلب نقده، خصوصاً في واشنطن... بعض أقرب حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، هم أكثرهم انتهاكاً لحقوق شعوبهم، ويكفي أن «ابنتها المدللة»، إسرائيل، وحدها في القرن الحادي والعشرين من لا تزال تمارس احتلالاً مباشراً، إجلائياً وإحلالياً ضد شعب آخر، وتفرض عليه أقذر القوانين العنصرية والتمييز العنصري، ومع ذلك يجري دائماً وضعها في مصاف الدول الحرة، وتتجدد عضويتها تلقائياً في «نادي الدول ذات القيم الحضارية المشتركة».

مواسم الانتخابات في العالم لا تتوقف، وهي تأتي تباعاً، والأرجح أن حفلات «شيطنة» موسكو، وطوفان الاتهامات بالتدخل في تقرير النتائج أو حرفها عن وجهتها ستتوالى، لكننا لم نكن نعتقد بأنها ستصل إلى العراق، وضد باقر صولانج شخصياً.

المصدر : صحيفة الدستور

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«شيطنة» روسيا وظاهرة «بوتين  فوبيا» «شيطنة» روسيا وظاهرة «بوتين  فوبيا»



GMT 18:13 2021 الإثنين ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد في دمشق: ما الذي حمله في جعبته؟

GMT 14:13 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 14:38 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و"حرب السفن"

GMT 14:41 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

مدرستان في التفكير الإسرائيل حيال الأردن

GMT 15:57 2021 السبت ,03 إبريل / نيسان

الانتخابات الفلسطينية (1-2)

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 19:19 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مراهق فلبيني يدخل فرّامة كفتة لتنتهي حياته

GMT 20:36 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

أفضل أنواع وتصميمات الأحذية الرياضية وطرق العناية بهما

GMT 05:00 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

مجلس الشيوخ الأميركي يقر تعيين أول مسؤول في إدارة بايدن

GMT 05:13 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

نظام غذاء سري لأكبر أنواع أسماك القرش في العالم

GMT 06:08 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يعزز صدارته بفوز شاق على شيفيلد يونايتد

GMT 12:01 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

رونار وفكر الثوار

GMT 19:05 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 10:09 2021 الجمعة ,02 إبريل / نيسان

Isuzu تتحدى تويوتا بسيارة مميزة أخرى

GMT 18:28 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

مجلس الشعب السوري ينفي إصدار بطاقات هوية جديدة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia