خطوط واشنطن الحمراء في سورية

خطوط واشنطن الحمراء في سورية

خطوط واشنطن الحمراء في سورية

 تونس اليوم -

خطوط واشنطن الحمراء في سورية

بقلم : عريب الرنتاوي

السؤال حول “جدية” الخطوط الحمراء في سوريا، يعود لطرق الأذهان في ضوء تطورين نوعيين حدثا خلال الأيام القليلة الفائتة ... الأول، ويتعلق بوصول وحدات من الجيش السوري و”القوات الرديفة” إلى خط الحدود مع العراق شمالي “التنف” ... الثاني، ويتصل بوصول الجيش السوري و”القوات الرديفة” إلى درعا كذلك، وسط معلومات عن وجود مقاتلين لحزب الله في حي المنشية أو على مقربة منه.

بالنسبة للتطور الأول، كنا تحدثنا من قبل عن معادلة “التنف مقابل البوكمال” ... لا ندري إن كانت هذه هي حقيقة التفاهمات الروسية – الأمريكية فعلياً أم لا، ولكن وصول الجيش السوري إلى مناطق الحدود مع العراق، يعني واقعياً على الأرض، أن الولايات المتحدة، لم تكن جادة في مشروعها لقطع “الحزام البري” الإيراني، وإسقاط محاولة طهران، خلق طريق واصل بين بحري قزوين والمتوسط.

بالنسبة للتطور الثاني، لا شك أن وصول “القوات الرديفة” إلى منطقة درعا، كما تقول مصادر مقربة من دمشق، شديدة الاطلاع، وإن لم تكن لدينا مصادر ثانية تؤكد أو تنفي المعلومة يعني أن إبقاء حلفاء إيران وحلفائها خارج شريط بعرض 70 كم في الداخل السوري، لم يعد بدوره خطاً أحمر، أردنياً وإسرائيلياً، واستتباعاً خطاً أحمر أمريكياً.

في الحالتين، وقفت روسيا إلى جانب حلفائها، في الجبهة الشرقية – الجنوبية، حمل الكرملين بقوة على الضربات الجوية الأمريكية لقوات الجيش السوري وحلفائه، واتهمت واشنطن بـ “الاستعانة” بداعش من أجل منع تقدم حلفائها، وحملتها مسؤولية “توظيف” داعش في حربها للسيطرة على أجزاء واسعة من سوريا، سيما بعد أن تأكد لموسكو، أن داعش وقوات سوريا الديمقراطية “قسد” توصلا إلى اتفاق يقضي بترك ممرات آمنة لمقاتلي التنظيم للانسحاب صوب دير الزور والبادية الشرقية، وهي معلومات استتبعت بأخرى، لا تستبعد أن يقضي الاتفاق بقيام داعش بإخلاء الرقة، وتأمين خطوط انسحابها لمقارعة الجيش السوري وحلفائها الإقليميين والدوليين.

وفي الجنوب، والجنوب الغربي، لطالما تحدثت موسكو عن تفهمها للمخاوف الأمنية الأردنية والإسرائيلية ... لكن ذلك لم يمنع سلاح الجو الروسي من تقديم التغطية الكاملة لقوات الجيش والميليشيات الرديفة له، من اجتياز الخطوط الحمراء، والتفكير بمواصلة التقدم إلى مناطق حدودية أردنية، بدءاً بالجمرك القديم بين درعا والرمثا ... الأمر الذي يثير عدة أسئلة دفعة واحدة، وتتعلق جميعها بصحة أو عدم صحة وجود تفاهمات روسية – أمريكية مفصلة على هذه المحاور والجبهات، وبمدى التزام موسكو بتعهداتها لواشنطن وحلفائها في المنطقة، وتحديد عمان وتل أبيب، فيما خص الميليشيات المحسوبة على إيران وحزب الله.

التطورات المتسارعة على جبهتي الجنوب والشرق، تطرح تساؤلات حول ما إذا كانت واشنطن ماضية في استعدادها لخوض الحرب ضد داعش حتى النهاية، حتى وإن تطلب الأمر الانزلاق إلى مواجهات أكبر ... كما أنها تطرح تساؤلات عمّا إذا كانت للمضي في مسعاها لملء فراغ داعش، مع كل ما ينطوي عليه من مخاطر الانزلاق إلى مواجهة أوسع وأشمل مع موسكو وطهران ودمشق والضاحية الجنوبية ... حتى الآن، ليس في أفق واشنطن أي مؤشرات دالّة على وجود نوايا من هذا النوع.

ولقد كان لافتاً أن البيت الأبيض نفسه، سبق وان تقدم بالشكر الواجب لموسكو لتعاونها المخلص على الجبهة الجنوبية ... لا أدري ما الذي قصده الناطق باسم البيت الأبيض، وهل كان يعني تحديداً عدم سماح موسكو لحلفائها بالتوجه فوراً صوب “التنف”، أم أن واشنطن كانت تقصد فصولاً أخرى، أكثر عمقاّ مما عرفنا ونعرف ... لكن المؤكد أن موسكو وهي تنسق مع واشنطن، لا تدير ظهرها لحلفائها على الإطلاق، كما يتبدى حتى الآن في حقلي السياسة والديبلوماسية وفي ميادين الحرب والقتال.

وربما يفسر الموقف الروسي سبب هذا الحجيج العربي، الخليجي بخاصة، صوب موسكو، التي باتت لاعباً لا يمكن القفز من فوقه، حيث تفيد المعلومات، بأنه يجري اختبار مدى استعداد “القيصر” للدخول في صفقات على طريقة نظيره الأمريكي الذي برهن أنه قابل لـ “لحس” جميع مواقفه السابقة، إن وجد من يدفع الثمن ويبرم الصفقات التي تدر بمليارات الدولارات، ويوفر فرص عمل إضافية لألوف الأمريكيين... التجربة السابقة مع “القيصر” لم تكن ناجحة، ولكن من قال إن المحاولات القادمة لن تنجح؟

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطوط واشنطن الحمراء في سورية خطوط واشنطن الحمراء في سورية



GMT 18:13 2021 الإثنين ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد في دمشق: ما الذي حمله في جعبته؟

GMT 14:13 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 14:38 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و"حرب السفن"

GMT 14:41 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

مدرستان في التفكير الإسرائيل حيال الأردن

GMT 15:57 2021 السبت ,03 إبريل / نيسان

الانتخابات الفلسطينية (1-2)

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia