واشنطن وأنقرة ومعادلة «الأكــراد مقــابـل النصــرة»

واشنطن وأنقرة ومعادلة «الأكــراد مقــابـل النصــرة»

واشنطن وأنقرة ومعادلة «الأكــراد مقــابـل النصــرة»

 تونس اليوم -

واشنطن وأنقرة ومعادلة «الأكــراد مقــابـل النصــرة»

بقلم : عريب الرنتاوي

حذر بيرت ماكغورك، الموفد الأمريكي الخاص للتحالف الدولي ضد الإرهاب في سوريا والعراق، من تحوّل محافظة إدلب إلى إمارة إسلامية، وملاذا آمنا لجبهة النصرة، ملمحاً إلى دورٍ لتركيا في ذلك، ومحذراً الفصائل المسلحة من العواقب الوخيمة لتحالفها مع الفرع السوري للقاعدة، والتي ستظل هدفاً لواشنطن، مهما تغيرت أسماؤها، وأن بلاده لن تكون في وضع يسمح لها بمنع موسكو وحلفائها من تنفيذ ضربات للمسلحين في هذه المنطقة، إن تكرس خضوعها لجبهة النصرة.

“الهجرة الجهادية” لإدلب ليست حديثة، عمرها يزيد عن عامين، إليها توجه ألوف المسلحين وعشرات ألوف المدنيين من عوائلهم، والاتفاقات التي تمت تحت شعار المصالحات، غالباً ما كانت تجري بوساطة إيرانية – قطرية، وبتسهيل وانخراط نشط من أنقرة ... وإدلب منذ بضعة أعوام، تحولت إلى ملاذ آمن للنصرة، ومنها كان “أبو محمد الجولاني” ينوي الإعلان عن قيام إمارته الإسلامية، قبل أن يتراجع عن مشروعه تحت تأثير عوامل كثيرة، من بينها محاولات أنقرة والدوحة تأهيل وإعادة تأهيل النصرة، توطئة لإدماجها في المعارضات المسلحة وإشراكها في مسار التسويات الكلية أو الجزئية الخاصة بسوريا، بوصفها القوة الضاربة الأكبر للمعارضات المسلحة.

هل كانت واشنطن غائبة عن كل هذا؟ ... هل كانت كالزوج المخدوع، آخر من يعلم؟ ... إن لم تكن الدولة الأعظم على علم بما يجري في إدلب وما يفعله حلفاؤها في المنطقة، فتلك مصيبة، وإن كانت تدري واختارت الصمت والتواطؤ، فالمصيبة أعظم ... وفي ظني، بل وأجزم بأن واشنطن كانت على معرفة بكل شاردة وواردة في هذا المضمار، وأنها كانت جزءاً من لعبة توظيف النصرة واستخدامها، إن لم تكن “المايسترو” لهذه اللعبة، وهذا ما تنبهت له موسكو وحذرت منه مبكراً.

النصرة لم تتغير، وكذا حلفاء واشنطن، من تغير هو السياسة الأمريكية في سوريا والمنطقة عموماً، وتحديداً مع تولي إدارة ترامب مقاليد الحكم في واشنطن ... لم تعد لواشنطن أجندة في سوريا خارج إطار محاربة الإرهاب وتصفية داعش ... لقد حسمت أمرها، وهي تكاد تعلن عن “تلزيم” الملف السوري لروسيا، سيما بعد النجاحات الميدانية التي حققتها دمشق وحلفاؤها على غير محور وجبهة.

التحذيرات الأمريكية من هيمنة النصرة على إدلب، وتواطؤ بعض الحلفاء في تسهيل مهمة التنظيم المصنف إرهابياً، يأتي في سياق جملة من التطورات الميدانية والسياسية أهمها: (1) تسليم أحرار الشام مواقعها من دون قتال لجبهة النصرة، الأمر الذي أشعل قلق واشنطن ودفعها لتوجيه أصابع الاتهام لحليفها الأطلسي ... (2) قيام أنقرة بحشد قوات كبيرة مقابل عفرين، وتلويحها بالاستعداد لتوسيع تدخلها العسكري في سوريا، لقطع الطريق على فرص قيام كيان كردي مستقل ... (3) اندلاع الأزمة الخليجية وما ترتب عليها من إضعاف للمعارضة المسلحة، وافتضاح ملف دعم الإرهاب من قبل أطراف الأزمة في ظل حملة الاتهامات المتبادلة بينها، وبداية تشقق الائتلاف السوري المعارض الذي أخذت رياح الأزمة الخليجية تعصف في صفوفه.

واشنطن تضع أنقرة في خانة صعبة، خانة الاتهام بدعم الإرهاب وتسهيل تمركزه في إدلب، وهذا ما أغضب تركيا ودفعها للرد بقوة على اتهامات ماكغورك، والهدف على ما أعتقد، هو الضغط على أنقرة أولاً للتخلي عن خططها العسكرية، وثانياً للضغط عليها من أجل المشاركة في المعركة على النصرة مع حلفائها من الفصائل المسلحة، لقطع الطريق على موسكو ودمشق وطهران، لملء فراغ “ما بعد النصرة” في هذه المحافظة.

لكن تركيا لن تستجيب للضغوط الأمريكية ولن تفتح النار على النصرة، ما لم تحصل على ثمن مناسب نظير هذه المهمة المكلفة، والثمن المطلوب هو “رأس الكيان الكردي” في شمال سوريا، الأمر الذي يصعب على واشنطن تقديمه لتركيا، أقله في المدى المنظور، ما يُبقي “إدلب” ملفاً عالقاً على جدول أعمال العلاقات الثنائية بين واشنطن وأنقرة، أقله إلى أن تصمت المدافع على جبهة الرقة ووادي الفرات الأسفل والبادية الشرقية وربما دير الزور والحسكة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشنطن وأنقرة ومعادلة «الأكــراد مقــابـل النصــرة» واشنطن وأنقرة ومعادلة «الأكــراد مقــابـل النصــرة»



GMT 18:13 2021 الإثنين ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد في دمشق: ما الذي حمله في جعبته؟

GMT 14:13 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 14:38 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و"حرب السفن"

GMT 14:41 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

مدرستان في التفكير الإسرائيل حيال الأردن

GMT 15:57 2021 السبت ,03 إبريل / نيسان

الانتخابات الفلسطينية (1-2)

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia