هــذه بالــذات  «ليــســـت حــربـنــا»

هــذه بالــذات ... «ليــســـت حــربـنــا»

هــذه بالــذات ... «ليــســـت حــربـنــا»

 تونس اليوم -

هــذه بالــذات  «ليــســـت حــربـنــا»

عريب الرنتاوي

في حمأة التجييش للحرب البرية ضد داعش شكلاً، و”المحور الآخر” مضموناً، ترتفع بقوة شعارات من نوع: “من ليس معنا فهو ضدنا”، و”إماطة اللثام عن التقية السنيّة” التي تجسدها كل من عمان والقاهرة وأنقرة والدوحة، على حد تعبير كتاب سعوديين، مقربين من مراكز صنع القرار في الرياض... يبدو أن الأيام المقبلة، ستحمل في طياتها نذر ضغوط استثنائية ستتعرض لها السياسية الأردنية، فالانجرار وراء مغامرات ومقامرات خارج الحدود “خيارٌ” مكلف لأمن الأردن واستقراره ، والاحتفاظ بـ “هامش مناورة” كذاك الذي احتفظت به عمان طول سنوات خمس عجاف، سيبدو أمراً شديد الصعوبة، وستترتب عليه أكلاف يتعين احتسابها.

بحساب الربح والخسائر، لا مجال للتردد في الاختيار، فالسياسة التي اتبعها الأردن حيال الأزمة، ظلت بالمجمل والحصيلة العامة، سياسة صائبة، مراعية للمصالح العليا للدولة الأردنية ... صحيح أنها لم تكن مقبولة تماماً من قبل جميع العواصم والمحاور، وأنها استدعت “تحفظ” أو “اعتراض” معظم أن لم نقل جميع هذه الأطراف، التي كانت ترغب في اندراج الأردن في خنادقها تماماً ... لكن الصحيح كذلك، أن هذه السياسة هي التي مكّنت الأردن من الإبقاء على قنوات الاتصال مع الجميع، وحفظت قدرته على التحدث مع الجميع، والأهم، أنها صانت أمن الأردن واستقراره طول سنوات خمس عجاف.

ما الذي ستفعله القوة البرية التي يجري الحديث عنها، وما هي أهدافها الحقيقية، الظاهر منها والمعلن؟ ... وهل يمكن للأردن أن ينخرط في حرب لا تتحدد مسبقاً خطوط نهايتها، ومن هم حلفاؤك فيها ومن هم خصومك؟ ... هل يمكن أن نتخيل سيناريو وقوف جندي أردني في مواجهة قتالية قبالة جندي سوري على سبيل المثال؟ ... هل نتخيل سيناريو تعرض وحداتنا البرية لهجمات من الحرس الثوري وحزب الله؟ ... هل نستبعد احتمال تعرض قواتنا إلى ضربات جوية من قبل الطائرات الحربية الروسية؟ ... هل يمكن التفكير، مجرد التفكير، بسيناريوهات من هذا النوع، ولماذا ومن أجل من؟ ثمة سيناريو واحد يمكن أن يجعل من مهمة إرسال قوات أردنية إلى شمال سوريا، أمراً يسيراً ومقبولاً، وهو يتطلب: أولاً؛ أن تنحصر مهمة هذا القوات بمقاتلة داعش، وهذا أمر غير مضمون، في المقترح السعودي، الذي يضمر بدوره قتال النظام وحلفائه تحت شعار استعادة التوازن وتصحيح الاختلالات في توازنات القوى ... وثانياً؛ أن يكون هناك توافق أمريكي – روسي على سيناريو التدخل، بما يعني، موافقة حلفاء كل من موسكو وواشنطن على “القوة البرية” من حيث تركيبها وتفويضها، وهذا أمرٌ لا يبدو أنه ممكنا في الأفق المنظور كذلك .... بخلاف ذلك، تصبح المشاركة في القوة البرية مغامرة محفوفة بتوسيع دائرة الأعداء واستجرار النيران إلى ملاعبنا.

حتى الدول الأكثر حماسة للمقترح السعودي، يبدو أنها بدأت تتقدم خطوة للأمام وتتراجع خطوتين إلى الخلف ... الإمارات تشترط قيادة أمريكية للقوة البرية، وتحصر دورها بالدعم والإسناد من الخلف، بعيداً عن خطوط التماس، والبحرين سلمت بوتين “السيف الدمشقي”، ودعت العالم بأسره، لدعم الدور الروسي المحوري في سوريا، وقبلت بأولوية الحرب على الإرهاب، ورفضت مبدأ تفكيك الدول والحل السياسي للأزمة السورية، فيما بدا أن البحرين، قد خطت خطوة ولو شكلية أو عرضية، صوب موسكو، بعيداً عن الرياض. مستقبل المقترح السعودي، بات اليوم رهن القرار الأمريكي، ومن خارج هذا السقف، لن تكون هناك أية مبادرات ولا مقترحات ... هنا والآن، ينطرح السؤال: هل ستقامر واشنطن بفتح أوسع جبهة مع النظام وحلفائه، مهددة كل منجزات التقارب الروسي الأمريكي حول سوريا، وكل مفاعيل الاتفاق النووي مع إيران نظير الاستجابة للمقترح السعودي؟ ...

هل ستتخلى واشنطن عن حلفائها الأقرب ميدانياً: أكراد سوريا، وتسمح لـ “الجندرما” التركية باجتياح مناطقهم مقامرة بحرب المائة عام بين كل الأكراد وكل الأتراك، وهي التي تعرف تمام المعرفة، حجم الكراهية التي تكنه حكومة أنقرة، لأكراد بلادها وأكراد سوريا استتباعاً؟ ....

هل يمكن الرهان على الانتصار في الحرب على داعش فيما الجيوش المحتشدة في شمال سوريا، تحضر لسيناريو اليوم التالي لما بعد سقوط داعش، وهو سيناريو “كسر عظم” بكل ما للكلمة من معنى؟

ثمة عوائق وعراقيل عديدة، لا يمكن للترحيب الأمريكي الأرعن بالمقترح السعودي، أن يذللها ... ولكن بفرض أن واشنطن اهتدت إلى وسيلة لتدوير الزوايا الحادة في المواقف السعودية والتركية، ما شأننا نحن حتى ندخل في لعبة “التوابيت” و”الصناديق الخشبية”؟ لا أحسب أن الأردن بصدد الاستجابة لدعوات التجييش و”كتفاً سلاح”

... ومن باب أولى، لا أحسب أن الأردن بصدد فتح جبهة عسكرية من حدوده الشمالية مع سوريا، سيما وأن كافة المؤشرات تدفع على الاعتقاد، بأن القوات النظامية السورية، ستكون قد وصلت إلى معبر “نصيب” و”الجمرك القديم”، قبل أن ينهي “الحلفاء” مشاوراتهم بشأن القوة البرية ... لكن لا بأس من إثارة النقاش العام، حول واحدة من أهم الاستحقاقات التي تَجبَهُنا في اللحظة الراهنة من تطور الحربين: الحرب في سوريا وعليها، والحرب على الإرهاب. -

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هــذه بالــذات  «ليــســـت حــربـنــا» هــذه بالــذات  «ليــســـت حــربـنــا»



GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 19:19 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مراهق فلبيني يدخل فرّامة كفتة لتنتهي حياته

GMT 20:36 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

أفضل أنواع وتصميمات الأحذية الرياضية وطرق العناية بهما

GMT 05:00 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

مجلس الشيوخ الأميركي يقر تعيين أول مسؤول في إدارة بايدن

GMT 05:13 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

نظام غذاء سري لأكبر أنواع أسماك القرش في العالم

GMT 06:08 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يعزز صدارته بفوز شاق على شيفيلد يونايتد

GMT 12:01 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

رونار وفكر الثوار

GMT 19:05 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 10:09 2021 الجمعة ,02 إبريل / نيسان

Isuzu تتحدى تويوتا بسيارة مميزة أخرى

GMT 18:28 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

مجلس الشعب السوري ينفي إصدار بطاقات هوية جديدة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia