فلسطين بانتظار «سنوات الفراغ»

فلسطين بانتظار «سنوات الفراغ»

فلسطين بانتظار «سنوات الفراغ»

 تونس اليوم -

فلسطين بانتظار «سنوات الفراغ»

عريب الرنتاوي

إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ليست بصدد القيام بأي “مبادرة” لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي فيما تبقى لها من وقت في البيت الأبيض ... هذا ما تشير إليه “تسريبات”  أقرب إلى التصريحات، صدرت عن واشنطن وسبقت زيارة نتنياهو لها.
والإدارة لم تعد متأكدة، وفقاً للتسريبات ذاتها، ما إذا كان “حل الدولتين” ما زال ممكناً، بعد كل الأحداث والتغيرات التي طرأت على أرض الضفة الغربية والقدس، أو تلك التي يشهدها المجتمع الإسرائيلي، أو في ضوء إرهاصات اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة.
ما الذي تعنيه هذه “التسريبات”، وما الذي سيبحثه نتنياهو مع سيد البيت الأبيض والحالة كهذه؟
معنى التسريبات الأمريكية، التي تعززها “حالة الاستنكاف” عن القيام بأي جهد بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أن هذا الملف، قد وضع في “ثلاجة” لعامين قادمين على أقل تقدير، ستشهد إجراء الانتخابات الأمريكية، وتسلم إدارة جديدة لمقاليد الحكم... لقد برهنت واشنطن على أنها “أقل اكتراثاً” بالملف الفلسطيني، حتى الوزير كيري في رحلته الأخيرة للمنطقة، كان معنياً فقط، باحتواء الخلاف الأردني – الإسرائيلي، ولم يلتفت من قريب أو بعيد، لمطالب الفلسطينيين أو مناشداتهم، وهو قفل عائداً ما أن تمكن من إخراج “التفاهمات الأردنية – الإسرائيلية” حول الأقصى و”الرعاية” إلى حيز الوجود.
 وفيما ستنشغل الولايات المتحدة بانتخاباتها وإجراءات نقل الإدارة وتشكيل الإدارة الجديدة، ستغرق القضية الفلسطينية خلال العامين 2016 – 2017 في حالة من “الفراغ” الذي ستسعى أطراف عديدة لملئه، سياسياً ودبلوماسياً بمبادرات “فارغة من أي مضمون”، تنشغل فيها عادة عواصم أوروبية، على أمل “تقطيع الوقت” ومنع الانزلاق في أتون مواجهات شاملة ومفتوحة ... وميدانياً، بدخول أطراف عديدة على خط المواجهات الفلسطينية – الإسرائيلية حيث من المتوقع أن يعزز هذا “الفراغ” فرص تحوّل الهبّة الشعبية الفلسطينية إلى “انتفاضة ثالثة”، وتنامي أدوار حركات الإسلام السياسي المختلفة ... فالمجتمع كالطبيعة، يكره الفراغ.
الجزء الأكثر أهمية وخطورة في “التسريبات” الأمريكية، ذاك الذي يتعلق بتآكل ثقة واشنطن بـ “حل الدولتين”، هنا يقفز إلى الأذهان، سؤال الخيارات والبدائل ... هل سيُعطي ذلك دفعة جديدة لشعار “الدولة الواحدة”، كما تراهن شرائح متزايدة من الرأي العام والنشطاء الفلسطينيين، أم أن إسرائيل ستعاود طرح “خيارها الأردني” القائم على إلحاق “دولة البقايا” بالمملكة الأردنية الهاشمية، فيتحقق لها ضرب عصفورين بحجر واحد: الخلاص من الكثافة الديموغرافية الفلسطينية وضم ما تعتقده استراتيجياً و”توراتياً” من الجغرافيا الفلسطينية.
نتنياهو كما تقول المصادر الإسرائيلية، سيواصل لعبته المفضلة: كسب المزيد من الوقت، وفي هذا السياق سيتقدم الرجل بـ “رزمة” من الإجراءات التي من شأنها تخفيف معاناة الفلسطينيين لبعض الوقت، إن لم يكن لتهدئة وامتصاص موجة الغضب الفلسطينية التي تجتاح الضفة والقدس وغزة، فأقله لإرجاء طرح سؤال الخيارات والبدائل الأخرى عن “حل الدولتين”.
انسداد أفق المفاوضات وتجميدها لسنتين قادمتين، سيعزز الأصوات الفلسطينية المنادية بتصعيد المواجهات الشعبية، وتفعيل “الهبة الشعبية” وتطويرها إلى “انتفاضة”، بل وربما العمل على “عسكرتها” و”تسليحها” ... أما السلطة في المقابل، فستكون في موقع شديد الحرج، فهي من جهة مطالبة من حلفائها العرب وأصدقائها الدوليين، ببذل كل جهد لاحتواء ثورة الغضب الفلسطينية، وهي من جهة ثانية، لا تمتلك ما تعد به شعبها، وما يمكن أن يساعدها على النجاح في مهمتها.
وسوف تعزز وضعية كهذه، مكانة الأطراف الفلسطينية التي أسقطت من حسابتها، خيار “حل الدولتين”، وبدأت تجاهر بضرورة التفكير من “خارج الصندوق”، والانتقال إلى شعار “الدولة الواحدة”، مع أن فرص ترجمة هذا الشعار، تبدو بكل المقاييس، أصعب وأشد تعقيداً، من فرص ترجمة “حل الدولتين”، أقله من المنظور الإسرائيلي الأكثر تمسكاً بمطلب “يهودية الدولة” والأكثر فزعاً من التهديد الديمغرافي الفلسطيني... كما سيعزز هذا “الفراغ” من نفوذ القوى الإسلامية التي ستجد في الصراع حول “الأقصى” مدخلاً لتجديد حضورها وتعزيزه، ووسيلة لنقل المواجهة من خنادق “التحرر الوطني” إلى فضاءات “الحروب الدينية”.
الخلاصة: أن المنطقة مقبلة على فتح جبهة جديدة، إلى جانب جبهاتها المشتعلة في أكثر من دولة، وأن عامين صعبين ينتظران الشعب الفلسطيني، من دون أن يكون هناك أي قدر من التفاؤل بأن الأعوام التي ستليها، ستكون أفضل منها ... والمؤكد أن شظايا وتداعيات الاستعصاء الفلسطيني، سوف تطال الأردن، الذي عليه من الآن، أن يتحضر لمواجهة شتى الخيارات والاحتمالات، بما فيها، أكثرها سوءاً.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسطين بانتظار «سنوات الفراغ» فلسطين بانتظار «سنوات الفراغ»



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia