غزة وحرب مصـر على الإرهاب

غزة وحرب مصـر على الإرهاب

غزة وحرب مصـر على الإرهاب

 تونس اليوم -

غزة وحرب مصـر على الإرهاب

عريب الرنتاوي

من يتتبع الحملة الأمنية – العسكرية المصرية على امتداد حدود سيناء مع غزة، يظن أن القطاع المحاصر، هو المصدر الرئيس للإرهاب والعنف الذي يجتاح شبه الجزيرة، ويكاد يخرجها عن سلطة الدولة وسيطرتها ... حسناً، لقد شرعت السلطات في بناء المنطقة العازلة، ويجري على قدم وساق تدمير منازل المصريين القريبة من الحدود، ولا يكاد يمضي يوم واحد من دون الإعلان عن تدمير نفق جديد أو عدة أنفاق ... وهذا على أية حال، ما كان يحدث من قبل، بهذا القدر أو ذاك، حتى في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، ولكن ما الجدوى؟!.

وإذ ترافقت هذه الحملة الأمنية الكثيفة، وغير المسبوقة، مع حملة إعلامية لا تقل ضراوة، ترافقها وتمهد لها، تبلغ في كثير من الأحيان، حد “إعلان الحرب على الشعب الفلسطيني”، حيث يجري تصوير قطاع غزة كما لو كان “محافظة الرقة” في سوريا، أو “تورا بورا زمن “الجهاد الأفغاني، من دون انتباه إلى ما يمكن أن يترتب على هذا التصعيد من تداعيات وانعكاسات على ثقة الرأي العام المصري بدولته ومؤسساتها وأجهزتها وإعلامها، في حال فرغت الحملة الأمنية من تشييد المنطقة العازلة، واستمر الإرهاب على حاله في سيناء أساساً، وفي الداخل المصري.

منذ سنوات طوال، وكنتيجة للفراغ الأمني الذي عاشته سيناء بعد توقيع معاهدة السلام بما جاءت به من قيود وحدود لحجم ونوعية الانتشار الأمني والعسكري المصري في شبه الجزيرة، وبفعل عوامل الإهمال والتهميش السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وأحياناً النظرة العنصرية – الفوقية لقبائل سيناء وبدوها، تحولت المنطقة، إلى ملاذ آمن للحركات الجهادية ... بدأ ذلك، حتى قبل أن تتسلم حماس السلطة في القطاع، وقبل أن تتالى الاتهامات لغزة باحتضان الإرهاب.

وزاد الطين بلة، موقع سيناء في جغرافيا الإقليم، فهي تترامى على ضفاف بحرين، وتقطعها قناة السويس عن الوطن الأم، وهي صحراء متشابكة ومتصلة بالنقب الفلسطيني المحتل، والبادية الأردنية وصولاً إلى بوادي السعودية والشام والعراق، كما أنها متصلة بالسودان والصحاري الموصلة إلى ليبيا.

مثل هذا الوضع بالغ التعقيد، يجعل السيطرة على هذه المنطقة، أمراً بالغ الصعوبة... وبوجود استثمارات سياحية كثيفة في شرم الشيخ وذهب وطابا وإيلات والعقبة، فقد تحولت هذه المنطقة إلى “كوريدور أمني رخو” كما وصفناها منذ سنوات طوال، يصعب تأمينه، فالسياحة “تكره” الإجراءات الأمنية المشددة، وهذا ما مكّن الإرهابيين، من تنفيذ ضربات موجعة، استهدفت مختلف الأماكن المذكورة في مراحل متعاقبة، وأحياناً بعمليات مزدوجة، ترتب عليها أفدح الخسائر.

لسنا في موقع “النفي” لأية صلة بين إرهابيي سيناء وبعض “متطرفي” القطاع، ولا نستبعد هذا التواصل والتوادد بين “جهاديي غزة” و”جهاديي سيناء”، مثل هذا الأمر يحصل عادة، بل ويحصل دائماً، وفي كل المناطق والأقاليم، فالجهاديون لا يعترفون بحدود سايكس بيكو، بل ولا يعترفون بأية حدود على الإطلاق، فالأمة عندهم، عابرة للجغرافيا والديموغرافيا ... لكننا مع ذلك، نرى أن المبالغة في الحديث عن “التهديد” الآتي من غزة، وتضخيم حجم الأخطار المترتبة عليه، لن يكون علاجاً للمشكلة، وسيضطر الذي يختصرون التهديد بالقطاع، للبحث عن أعذار جديدة، وأسباب أخرى، لتفسير ما قد سيحدث في سيناء والداخل المصري، بعد استكمال بناء المنطقة العازلة.

ثمة مصادر وعوامل داخلية، أنعشت القوى الإرهابية، وهناك عشرات القراءات الجادة التي تناولت المسألة من داخل مصر، وهناك تأثيرات خارجية بلا شك، تدعمها أطرافها لا تريد لمصر أن تستقر، ولا تريد لها أن تزدهر وتستعيد دورها ... ومن دون تحديد مسؤولية كل هذه العوامل في تشكيل ظاهرة الإرهاب المنفلت من عقاله، الذي يضرب سيناء ومصر، من دون مبالغة أو تطوير، ومن دون محاولة إلقاء التبعة على الغير والخارج و”الآخر”، لن يكون استئصال هذه الظاهرة، أمراً ممكناً.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة وحرب مصـر على الإرهاب غزة وحرب مصـر على الإرهاب



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:22 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:53 2014 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

"Facebook messenger" سيكون متاحًا لويندوز فون بعد أسابيع

GMT 11:08 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

وقف الهدر والتبذير..شعار الكويت الجديد

GMT 16:21 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

اجتماع تقني يجمع مسؤولي منتخبَي مالي وتونس

GMT 11:21 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عقدة حياتو والكامرون

GMT 14:25 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فيلم الرعب "Jigsaw" يحقق 32 ميلون دولار في أسبوع عرضه الأول

GMT 09:26 2017 الخميس ,13 إبريل / نيسان

سوسيج تري كامب السحر الحقيقي للحياة البرية

GMT 20:34 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

"HER" BURBERRY عطر المرأة الجريئة الباحثة عن التميز

GMT 12:54 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

أبسط وأسهل طريقة لاختيار الحجاب الملون بأناقة

GMT 13:37 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

كأس ألمانيا: دورتموند وشتوتغارت وبوخوم إلى ربع النهائي

GMT 03:00 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة "الإرهاب" كلفت تونس 4 مليارات دينار
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia