عمان والخشية من «سيناريو الفوضى» في الضفة

عمان والخشية من «سيناريو الفوضى» في الضفة

عمان والخشية من «سيناريو الفوضى» في الضفة

 تونس اليوم -

عمان والخشية من «سيناريو الفوضى» في الضفة

عريب الرنتاوي

تخشى عمان “سيناريو شيوع الفوضى” في الضفة الغربية، سيما في هذا الوقت بالذات، حيث تشتد على نحو غير مسبوق، تحديات الداخل والخارج، بالأخص، تلك المتصلة بالانفجار الكبير الذي يتفاعل في كل من البلدين الجارين: سوريا والعراق، على وقع الحرب بين “الإرهاب” والتحالفات الدولية والإقليمية العاملة على محاربته.
هل الخشية الأردنية في موضعها؟ ... وما الذي يمكن أن تعرضه الدبلوماسية الأردنية على الفلسطينيين من “بدائل” للجنوح إلى خيار “التهدئة والهدوء”؟ ... هل الضفة الغربية مقبلة على فوضى، وما الفارق بين فوضى وانتفاضة؟ ... لا أحد يرغب الخوض في هذه “التفاصيل”؟
لقد جربت الضفة الغربية “الهدوء” لسنوات عشر عجاف، حتى أننا بتنا نخشى أنها “لن تغضب أبداً”، وحافظت الضفة على هدوئها حتى في بعض المحطات والمفاصل الجوهرية في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وجاءت ردات أفعالها، بأقل مما ينبغي إبان العدوانات الإسرائيلية الثلاثة المتعاقبة على قطاع غزة، كما أن ردة فعلها ظلت محدودة للغاية، إبان العدوانات والانتهاكات المتكررة للقدس والأقصى والمقدسات.
ما الذي حصده الفلسطينيون لقاء ذلك الهدوء و”الصبر الجميل”؟ ... توسع الاستيطان وازدادت أعداد المستوطنين، تمدد جدار الفصل العنصري كالثعبان الذي يلتف على خصر ضحيته .... واصل المستوطنون انتهاكاتهم وتجاوزاتهم على الأقصى والمقدسات، وبما يضرب التزام إسرائيل ببند الرعاية الهاشمية في معاهدة وادي عربة .... صدرت عن إسرائيل، سلسلة من القوانين العنصرية ... صعدت إسرائيل من إجراءاتها القمعية، وامرت بحبس العائلات والأطفال وتهديم البيوت وإطلاق الرصاص الحي ... قيّدت تل أبيب زيارات الفلسطينيين للأقصى وصلواتهم فيه ... إلى غير ما يحصر وما لا يحصر من إجراءات عنصرية – عدوانية، ليست بحاجة لمزيد من التوصيف.
نتنياهو أخل بكل ما وعد به القيادة الأردنية، وبحضور الشاهد الأمريكي: جون كيري ... المستوطنون، وبحماية رسمية إسرائيلية، مارسوا تدنيساً منظماً للمقدسات، ودائما برعاية وزراء وأعضاء كنيست ... وبدا أن حكومة اليمين واليمين المتطرف، لا تكترث بأوسلو واعتدال “أبو مازن”، ولا تقيم وزناً للمعاهدة الأردنية – الإسرائيلية، ولا تحسب حساباً لحرج الأردن وما يمكن أن تتسبب به انتهاكاتهم للمعاهدة، من تداعيات وارتدادات على مكانة الأردن وأمنه واستقراره.
وثمة معلومات عن ترتيبات تجري على قدم وساق، لترتيب لقاء رباعي، ربما على مستوى القمة، يجمع الأردن بالسلطة والولايات المتحدة وإسرائيل ... ما الذي سيجري في لقاء كهذا، غير ذاك الذي حصل في لقاء عمان الثلاثي بين نتنياهو والملك والوزير الأمريكي؟ ... سيكذب نتنياهو على الجميع، وسيقول بأن شيئاً لا يتغير، ولن يتغير في وضعية المسجد والمقدسات، وسيسعى في تحميل “إرهابيي الأقصى المتطرفين” المسؤولية عن الأحداث، وسيشير بأصابع الاتهام للسلطة ورئيسها، وسيتعهد من جانبه بالعمل على “التهدئة”، وسيبدي استعداداً لاستئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة، وينتهي “الحفل” إلى تصريحات متفائلة، وربما إلى تهدئة مؤقتة في القدس، لن تكون سوى فاصل “دعائي” قصير بين مواجهتين، هذا إذا استطاع المجتمعون في عمان، إقناع أهل القدس والضفة، بقبول التهدئة والتزام بيوتهم، وهو أمرٌ مشكوك فيه تماماً.
لن يكون هناك أي “وعد سياسي” للفلسطينيين بأفق، هذا خارج التوقع و”الرادار” ... نتنياهو ليس لديه ما يعرضه غير “المفاوضات غير المشروطة”، والأردن لا يمتلك تأثيراً على الإسرائيليين، وأوباما الذي أثار لدى مسؤولينا الكثير من الانطباعات المتفائلة فور وصوله للبيت الأبيض لأول مرة، ليس في وارد “التورط” في مساع جدية لحل القضية الفلسطينية ... سيخرج الجمع بكثير من التعهدات الإسرائيلية التي لا تساوي الحبر الذي ستكتب فيه.
سيعود نتنياهو إلى حكومته وائتلافه و”كنيسته”، وسيرى نفسه، طائعاً أو مكرهاً، منساقاً على وقع طبول الحرب على القدس، التي تقرع من قبل المستوطنين والقوميين واليهود “الالترا أورثوذوكس” ... ستستمر المواجهات على اتساعها، كما تشير كافة الدلائل، أو ستعاود اندلاعها بعد “تهدئة” لن تعمر طويلا، لنعود ونسلك الطريق ذاتها، التي سلكناها مرات ومرات، على أمل الوصول إلى نتائج مختلفة ونهايات مغايرة.
لن يعود الرئيس عباس إلى شعبه بما يقنعه التزام البيوت وقبول التهدئة، هو نفسه، أي عباس، بات قليل الاقتناع بخيار التهدئة والمفاوضات، لم يجرؤ كعادته على إدانة “انتفاضة السكاكين” وتحدث عن مقاومة شعبية سلمية ومطاردة إسرائيل سياسياً وحقوقياً ... عباس نفسه، فقد ثقته بخياراته ورهاناته، وهيهات أن يستعيدها بلقاء من ساعة أو ساعتين، يقضيه في عمان مع نتنياهو، برعاية أمريكية – أردنية.
الطريق مقفل، وإسرائيل وضعت إشارة “غير نافذة” أمام المارة الفلسطينيين ... والفلسطينيون يعيدون البرهنة على أنهم تعلموا الدرس جيداً: “ما حك جلدك غير ظفرك” .... وهم عرفوا الآن، أن “انتفاضة السكاكين”، هي من جاءت بجون كيري إلى المنطقة، وقطع جدول أعماله المزدحم باولويات أخرى ... هم يعرفون أن “حجارة أطفالهم وفتيانهم” هي التي جعلت اللقاء الرباعي عند انعقاده، أمراً ممكناً ... فلماذا سيتوقفون، سيما وأن لقاءً كهذا لن يخرج بشيء، ونقولها من دون تردد أو تحفظ، فلطالما لدغنا من جحر نتنياهو المرة تلو الأخرى.
والخلاصة التي لا يجب أن تخطئوها العين المجردة، تقول: دعوا الفلسطينيين يختبرون خياراتهم، بعد أن باءت بالفشل كافة الخيارات الأخرى ... دعوهم يحاولون وضع قضيتهم على جدول أعمال المجتمع الدولي بعد أن غطتها الأتربة والغبار ... دعوهم يطلقون صرخات الألم والغضب، فلم يعد لديهم ما يخسرونه سوى قيود الاحتلال وذل الاستيطان وبؤس الحياة اليومية ... دعوهم يسعون في مطاولة الحرية بعد ربع قرن من محاولات تجريب المجرب، والإصغاء لكل النصائح والتحذيرات ... دعوهم، فربما كانت هذه فرصتهم الأخيرة، لإثبات جدارة الحياة، أو للبرهنة على قول شاعرهم: على هذه الأرض، وعليها وحدها، ما يستحق الحياة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عمان والخشية من «سيناريو الفوضى» في الضفة عمان والخشية من «سيناريو الفوضى» في الضفة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 19:19 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مراهق فلبيني يدخل فرّامة كفتة لتنتهي حياته

GMT 20:36 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

أفضل أنواع وتصميمات الأحذية الرياضية وطرق العناية بهما

GMT 05:00 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

مجلس الشيوخ الأميركي يقر تعيين أول مسؤول في إدارة بايدن

GMT 05:13 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

نظام غذاء سري لأكبر أنواع أسماك القرش في العالم

GMT 06:08 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يعزز صدارته بفوز شاق على شيفيلد يونايتد

GMT 12:01 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

رونار وفكر الثوار

GMT 19:05 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 10:09 2021 الجمعة ,02 إبريل / نيسان

Isuzu تتحدى تويوتا بسيارة مميزة أخرى

GMT 18:28 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

مجلس الشعب السوري ينفي إصدار بطاقات هوية جديدة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia