طهران والرياض  من حروب الوكالة إلى مائدة الحوار

طهران والرياض ... من حروب الوكالة إلى مائدة الحوار

طهران والرياض ... من حروب الوكالة إلى مائدة الحوار

 تونس اليوم -

طهران والرياض  من حروب الوكالة إلى مائدة الحوار

عريب الرنتاوي

الدعوة السعودية المفتوحة للحوار والتفاوض مع إيران، تفتح "كوة" في الجدار السميك الذي يباعد ما بين ضفتي الخليج ... وإن سارت الأمور بين القطبين الإقليميين على ما يرام، فثمة ما يدعو للتفاؤل بإمكانية "حلحلة" الكثير من الملفات والأزمات الإقليمية المتفجرة، بدءاً باليمن والبحرين، مروراً بالعراق وسوريا، وليس انتهاءً بلبنان.
في التوقيت، تأتي دعوة وزير الخارجية السعودي نظيره الإيراني لزيارة المملكة، إثر سلسلة من التطورات الإقليمية والدولية بالغة الأهمية: دخول المفاوضات الإيرانية – الغربية مرحلة "صياغة الاتفاق النهائي" ... تأكيدات واشنطن المتكررة للرياض والعواصم العربية الحليفة، بأن خيارها بالانفتاح على طهران، لا رجعة عنه ... فشل مساعي إسقاط النظام في دمشق، ونجاح النظام في تحقيق تقدم سياسي وميداني وازنين ... فشل مساعي "استعادة" العراق إلى المحور "السنّي" العربي، ونجاح المالكي وأصدقاء طهران في الانتخابات الأخيرة ... تنامي التهديد الإرهابي في ضوء اتساع شقة الانقسام المذهبي في المنطقة، وامتداد تأثيراته إلى السعودية ودول الخليج ذاتها.
أما في الإجراءات، فإن الدعوة السعودية، تتوج سلسلة من اللقاءات والوساطات، التي جرت خلف الأبواب، وبعيداً عن الأضواء، في كل من مسقط والكويت، حتى أنه بات من المنتظر أن تشهد الأشهر القليلة القادمة، تبادلاً في الزيارات رفيعة المستوى، بين الجانبين، لن تقتصر على الفيصل – ظريف، بل ستشمل روحاني ومن قبله رفسنجاني، صديق السعودية والملك وكبار المسؤولين.
إن فتح الباب لحوار وتفاوض حول مختلف الملفات الإقليمية المختلف عليها بين البلدين، من شأنه "ترطيب" الأجواء، وتبديد حدة الاستقطابات والتشنجات وحروب المحاور والمعسكرات... وسوف تكون انعكاساته الإيجابية على مختلف أزمات المنطقة، وإن بتفاوت ... وأحسب أن أولى ثمار هذا التقارب، سوف تنعكس على لبنان، الذي يواجه استعصاءً حاداً في الوصول إلى توافق وطني حول شخص الرئيس اللبناني الثالث عشر، طالما أن للبلدين مصلحة في منع انتقال تداعيات الأزمة السورية على لبنان، وتوفير شبكة أمان إقليمية ودولية لأمنه واستقراره.
وربما يكون العراق، ثاني "أزمة" إقليمية ستتأثر إيجاباً بنتائج هذا التقارب ... وتحديداً لجهة "حلحلة" مشكلة المكون السنّي في النظام السياسي العراقي، والذي يكاد أن يكون تمثيله مختطفاً من قبل جماعات متطرفة داعشية ... هنا يمكن التكهن بأن البلدين سيكونا قادرين على "تدوير" الزوايا الحادة في خطاب كثير من المكونات العراقية، وصولاً لنظام سياسي أكثر توازناً واتزاناً، في تعامله مع الداخل والإقليم على حد سواء.
لكن الاختبار الحقيقي للتقارب السعودي – الإيراني، سيكون عند البحث في مصائر الأزمة السورية ومالاتها ... السعودية ذهبت إلى أقصى حد في استعداء النظام السوري، وإيران وصلت لحظة الذروة، في دفاعها عن هذا النظام وتدعيمه ... والمرجح أن التوصل إلى تفاهمات ثنائية حول كيفية الخروج بسوريا من عنق الزجاجة، سيكون التحدي الأكبر الذي ينتظر الجارتين اللدودتين.
غياب التوافق الإقليمي (وتحديداً بين السعودية وإيران)، لعب دوراً حاسماً في تعطيل مسار الحل السياسي للأزمة السورية، بل وأسهم في تعطيل مفاعيل التقارب الروسي الأمريكي في سوريا، الذي أنتج جنيف 1، وجنيف 2، والمؤسف حقاً أن عودة الروح للعلاقات الثنائية بين القطبين الإقليميين، تأتي فيما العلاقات بين القطبين الدوليين تغلي على مرجل الأزمة الأوكرانية المشتعلة ... الأمر الذي سيعقد كثيراً فرص استفادة سوريا من ثمار الحرارة المستجدة في العلاقات بين طهران والرياض.
ارتفاع منسوب التفاؤل بهذا التطور/ الاختراق المهم في المشهد الإقليمي، لا ينبغي أن يدفع لرهانات متعجلة وسريعة ... فالفجوة التي تباعد العاصمتين ما زالت واسعة، بل ويمكن وصفها بـ "القاتلة" ... لكن الجديد هذه المرة، أن البلدين قررا الانتقال من خنادق "حروب الوكالة" إلى موائد الحوار والتفاوض، وهذه بداية يمكن الرهان عليها والتفاؤل بها.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طهران والرياض  من حروب الوكالة إلى مائدة الحوار طهران والرياض  من حروب الوكالة إلى مائدة الحوار



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia