رسائل المعلم وليد إلى حلفاء بلاده

رسائل المعلم وليد إلى حلفاء بلاده

رسائل المعلم وليد إلى حلفاء بلاده

 تونس اليوم -

رسائل المعلم وليد إلى حلفاء بلاده

عريب الرنتاوي

كشف وزير الخارجية السورية وليد المعلم، عن موافقة بلاده على المشاركة في مجموعات العمل الأربع التي اقترحها الموفد الدولي ستيفان ديمستورا في مبادرته الأخيرة، على أنه حرص على التذكير بأن المجموعات تضم “خبراء”، وأن وظيفتها تنحصر في “العصف الفكري” وإن نتائج مداولاتها استشارية – استدلالية غير ملزمة، قد تمهد الطريق لعقد مؤتمر “جنيف 3” ... الأمر عُدّ تطوراً في الموقف السوري، أو بادرة إيجابية تصدر عن دمشق، لإعفاء حليفها الروسي من الحرج، حتى وإن جاء مثقلاً بالشروط والشروحات التوضيحية المُحمّلة بالدلالات.

لكن المعلم وليد، حرص على توجيه رسالة مزدوجة، لحليفيه الإيراني والروسي هذه المرة، ومن على منبر الأمم المتحدة، حين قال: إن إجراء الانتخابات أو تعديل الدستور، غير ممكنين قبل الانتصار في استئصال شأفة الإرهاب والانتصار على “داعش” وأخواتها ... هنا يجدر التوقف عند مضمون الرسالة والتدقيق في هوية “المرسل له” فضلاً عن توقيت الرسالة.

قبل كلمة المعلم بساعات قلائل فقط، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعرب عن قناعته بأن الأسد سيقبل بـ “حل وسط” في سوريا، يجعل الحل السياسي ممكناً، بيد أن الزعيم الروسي لم يوضح كفاية ما الذي يعنيه بـ “لحل الوسط”، وما إذا كان يعني إجراء انتخابات مبكرة، نيابية ورئاسية، أو تعديل الدستور، فضلاً عن حزمة إجراءات بناء الثقة وتثبيت وقف إطلاق النار، أم أن المسألة قد تذهب أبعد من ذلك، إلى قبول الرئيس الأسد بحلول وسط تتصل برئاسته ودوره الشخصي في مستقبل سوريا؟
دمشق لم تنتظر، وجاء جوابها من على أرفع منبر دولي: لا انتخابات ولا تعديلات دستورية، قبل الانتهاء من الحرب على داعش ... مثل هذا الموقف السوري، يطرح أسئلة وتساؤلات حول قدرة روسيا على التأثير في صناعة القرار وصياغة التوجهات السورية من جهة، وطبيعة العلاقة بين موسكو ودمشق، الآخذة في التحوّل والتبدل، بعد أن أصبح الجيش الروسي، لاعباً رئيساً في الساحات والميادين السورية من جهة ثانية.

قبل تصريحات المعلم بعدة أسابيع، كانت طهران تتقدم بمبادرتها الخاصة ذات النقاط الأربع لحل الأزمة السورية سياسياً ... بندان من بنود المبادرة الإيرانية الأربعة، أعلن المعلم رفضهما: الأول، ويتصل بالانتخابات، نيابية كانت أم رئاسية، والثاني، يتصل بتعديل الدستور، وهو البند المثير للجدل في المبادرة الإيرانية، سيما في شقه المتعلق بحقوق مختلف المكونات ... وبهذه التصريحات المقتضبة، يكون المعلم أطاح بنصف المبادرة الإيرانية، حتى قبل أن تشرع طهران في حشد التأييد في المحافل والمنابر الدولية.

قد يقول قائل: إن المعلم إنما كان يتقصد الرد على خصوم دمشق وحلفائهم، الذين ما فتئوا يضعون الشروط “التعجيزية” للحل السياسي للأزمة السورية، ويصرون على تنحي الأسد، كشرط مسبق للحل، أو كنتيجة حتمية له على أحسن (اقرأ أبعد) تقدير... لكن في الحقيقة، من يتأمل تصريحات المعلم، يرى أنها تسعى في ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد.

 المشكلة التي تثيرها تصريحات المعلم تتعلق بقدرة نظامه على “الصمود” في مواجهة أية ضغوطات محتملة قد يمارسها عليه حلفاؤه الأقربون، سيما إن توافقت آراؤهم بشأن المرحلة الانتقالية، والحاجة لإتباع الحرب على الإرهاب بإطلاق عملية سياسية لحل الاستعصاء السوري ...  فالأسد الذي يفقد يوماً بعد يوم، قراره المستقل، في ضوء تزايد الدور والنفوذ المباشرين لحلفائه الأقربين في حمايته وحفظ كيانه، بات في وضع لا يختلف كثيراً عن الوضع الذي انتهى إليه منصور عبد ربه هادي في علاقته مع حلفائه الكبار في الرياض وأبو ظبي، والمؤكد أن قدرته على “مقاومة” ضغوط الحلفاء بعد اليوم، لن تكون أبداً بمستوى “منعته” في مواجهة خصومه الكثر، كما تجلت في حرب السنوات الخمس الفائتة.

روسيا لا تحتمل “هزيمة نكراء”لمشروعها في سوريا، هنا ستكون “نهاية القيصر”، وستكتب الصفحة الأخيرة في سيرته المفعمة بالمفاجآت الجسام...  بيد أن روسيا لا تمتلك في المقابل، ترف “الانتصار الكامل”لخططها في سوريا، فتلك ستكون الطامة الكبرى على مروحة واسعة من الخصوم، من واشنطن إلى باريس، مروراً بالرياض وأنقرة، واستتباعاً بالدوحة، وهذه المروحة الواسعة من الحلفاء، أصعب وأكبر من أن تتقبل تجرع كأس “الهزيمة الكاملة”، ولديها من الأوراق ما سيمكنها من فعل ذلك ... التحليل الواقعي للأزمة السورية، إنما يقترح “نصف انتصار” يستند إلى تسوية شاملة، تتحقق فيها ومن خلالها، الحدود الدنيا من مصالح الأطراف الإقليمية والدولية المصطرعة في سوريا وعليها.

“نصف الانتصار” هذا، يستوجب من الكرملين السير على مسارين متوازيين: حرب ضروس ضد الإرهاب والجماعات المتطرفة، وتقدم ميداني وازن يترجم التحولات الأخيرة في توازنات القوى من جهة، وعملية سياسية متوازنة، تلحظ احترام الحدود الدنيا من الأدوار والمصالح التي تستبطنها أجندات عواصم إقليمية ودولية عديدة من جهة ثانية... هنا يُطرح السؤال: أين موقع الأسد في كل هذه المعادلات؟! ... ما الذي قصده بوتين بالحديث عن “الحل الوسط”، وما الذي عناه أوباما بقوله: نحن لا نخوض حرب وكالة مع روسيا في سوريا، ونعتقد أن بمقدور واشنطن وموسكو الوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية؟! ... وهل هذه “المخاوف” و”التحسبات” هي ما دفعت المعلم إلى إطلاق تصريحاته “الاستباقية”؟!

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسائل المعلم وليد إلى حلفاء بلاده رسائل المعلم وليد إلى حلفاء بلاده



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia