دروز ســوريــا على خطى أزيدي العراق

دروز ســوريــا على خطى أزيدي العراق

دروز ســوريــا على خطى أزيدي العراق

 تونس اليوم -

دروز ســوريــا على خطى أزيدي العراق

عريب الرنتاوي

حرصت “النصرة” على توجيه صفعة دامية لكل من راهن على الفرق بينها وبين “داعش”، من وليد جنبلاط إلى رجب طيب أردوغان، مروراً بمروحة واسعة من “قادة الاعتدال العربي” ... أخفقت محاولات التلميع الإعلامي وإعادة انتاج “أبو محمد الجولاني”، فشلت مساعي استصدار بيان عنها يؤكد تمايزها عن القاعدة ويُحلّها من “بيعة الظواهري” ... طاشت جميع محاولات “هيئة أركان الحرب الإعلامية - النفسية” لانتزاع تعهد من الجولاني باحترام الأقليات وحقها في الوجود ... إلى أن جاءت المجزرة الأبشع بحق دروز إدلب، لتؤكد بالملموس لكل مغرض وأعمى وبصير، بأن طينة النصرة من عجينة “داعش”، وأن شهاب الدين ليس سوى نسخة عن أخيه.

الأنظار تتجه الآن صوب “محافظة السويداء” ذات الغالبية الدرزية، المحاصرة بين كفيّ كماشة داعش والنصرة، وسط مخاوف من احتمال مقارفة التنظيمين وحلفائهما الكثر، لواحدة من أبشع المجازر ضد أقليات سوريا ومكوناتها المتعددة ... تجربة التعايش التي عمل عليها الزعيم الدرزي وليد جنبلاط بين الدروز والنصرة في الشمال الغربي لسوريا، سقطت سقوطاً ذريعاً، برغم التنازلات التي تقدم بها الدروز، بما في ذلك إشهار إسلامهم على الطريقة السلفية، لم تشفع لهم كل هذه التنازلات، فما تريده الفصائل الجهادية لا يقل على انخراط الشباب الدروز في “الجهاد العالمي” وفتوحات الخلافة والإمارة، وتزويج “الموحدات” من بني معروف بالجملة للمجاهدين المزواجين.

خلال الأسابيع القليلة الماضية، حدثت انهيارات متتالية على جبهات النظام في المحافظات الجنوبية ... لا أحد يدري كيف سينتهي هذا المسلسل، وما إذا كان بمقدور قوات النظام الصمود في المحافظة والدفاع عنها ... “التسريبات” سبق أن تحدثت عن قيام قوات النظام بإخلاء أسلحتها الثقيلة، ونقل موجودات “ثمينة” من المحافظة إلى مناطق أكثر أمناً ... الأمر أثار ريبة المواطنين وقلقهم، والأصوات أخذت ترتفع مطالبة بتسليح الدروز للدفاع عن أنفسهم، وسط انقسام واضح بين مرجعياتهم السياسية والروحية، حول “الكارثة المحدقة وكيفية محاربتها” ... من قائل بالتساوق والتساهل والتسليم للنصرة (جنبلاط) إلى داعٍ لامتشاق السلاح والذود عن النفس، مهما كلّف الأمر (أرسلان ووهاب).

الوضع الحرج في السويداء، يطرح بقوة وعلى عجل، فكرة التدخل الخارجي لحماية المنطقة ... القضية تتفاعل في إسرائيل تحت ضغط “اللوبي الدرزي” من جهة والحسابات الإسرائيلية الأمنية من جهة ثانية ... الأردن من الدول التي يجري الحديث عنها بوصفها مرشحة للقيام بدور من هذا القبيل، لا سيما في ضوء العلاقات الوطيدة مع فصائل “الجبهة الجنوبية” ... والأمر قد يتطور إلى “المنطقة الآمنة” التي طالما جرى الحديث عنها والتلويح بها، برعاية التحالف الدولي، وربما بقرار من مجلس الأمن ... روسيا التي تحتفظ بعلاقات تاريخية مع دروز سوريا ولبنان، يصعب عليها القبول بأن يواجهوا مصير أزيدي العراق، مع أنها لن تكون متحمسة للتدخل الخارجي و”المنطقة الآمنة” وتمرير قرار عن مجلس الأمن بهذا الصدد ... الأمر محرج للغاية والخيارات تزداد ضيقاً.

لا خيارات سهلة تنتظر الأردن ... البقاء على مقاعد المتفرجين، ليس خياراً، لا سيما أن تفاقمت بوادر “كارثة إنسانية” على مرمى حجر من حدودنا ... والتدخل محفوف بالمخاطر، لا سيما أن لم يحظ بالتغطية الغربية والأممية المناسبة ... دخول إسرائيل على خط “حماية الدروز” سيكون أمراً محرجاً لهم وللمعارضة والأردن ولكل الأطراف ذات الصلة ... والأمر من قبل ومن بعد، يحمل في طياته ملامح ورطة أو انزلاق إلى مستنقع، قد نعرف متى سندخله، بيد أننا لن نعرف متى سنخرج منه وكيف؟

صحيح أن موازين القوى في المحافظات الجنوبية، وبخلاف مختلف خطوط القتال والاشتباك في الحرب الدائرة في سوريا وعليها، لا تميل لصالح داعش، بل أن القوى غير الجهادية، تبدو حتى اللحظة أكثر عدداً وأفضل عتاداً من قوات “الفاتح الجولاني”، لكن من قال إن هذا الوضع سيظل على حاله حتى في حالة “التدخل الخارجي”؟ ... من قال إن موازين القوى ستظل على ثباتها .... إسرائيل لم تجد صعوبة في اجتياح لبنان واحتلال بيروت عام 1982، لكنها لم تقو على البقاء هناك، إلى أن خرجت تجرجر أذيال الخيبة والهزيمة بعد ذلك بسنوات ... واشنطن احتلت بغداد في زمن قياسي، “مسافة السكة” على حد تعبير المشير السيسي، لكنها بعد سنوات قلائل أصيبت “بعقدة العراق”، وهي التعبير الملطف عن “عقدة فيتنام”.

ليست لدى الأردن خيارات سهلة حيال هذا الملف الشائك، لا سيما أن أطراف عديدة، حليفة وصديقة وشقيقة، تنتظر بفارغ الصبر، إنفاذ أجنداتها الخاصة في سوريا وضد إيران، وهي أجندات لا صلة لها بتطلعات الشعب السوري وأشواقه، ولا يعنيها ما الذي سينتظر الأردن بعد ذلك، بل أن بعضها لا يرجو خيراً للأردن وسوريا على حد سواء.

انهيارات الجبهة الجنوبية، تلقي بتحديات مباشرة وضاغطة على أمن الأردن وحساباته، من بينها مخاطر اقتراب التهديد الإرهابي من حواضرنا الشمالية، وتزايد احتمالات انطلاق موجات جديدة من الهجرة واللجوء ... دع عنك مخاطر التدخلات الإقليمية والدولية في تلك المنطقة، تحت شعارات وذرائع شتى، ظاهرها فيه الرحمة وباطنها فيه العذاب.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دروز ســوريــا على خطى أزيدي العراق دروز ســوريــا على خطى أزيدي العراق



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia