حزب اللـه وإسـرائيل «فوق الصفر تحت التورط»

حزب اللـه وإسـرائيل... «فوق الصفر تحت التورط»

حزب اللـه وإسـرائيل... «فوق الصفر تحت التورط»

 تونس اليوم -

حزب اللـه وإسـرائيل «فوق الصفر تحت التورط»

عريب الرنتاوي

لا أحد هنا في لبنان يسأل عمّا إذا كان حزب الله سيرد على الضربة الإسرائيلية التي أوقعت ستة من كوادره العسكرية في مزرعة الأمل قرب القنيطرة السورية أم لا ... السؤال الوحيد موضع البحث والنقاش: متى وكيف؟
توقيت العدوان بعد أيام قلائل من المقابلة المطوّلة التي أجرتها قناة “الميادين” مع زعيم الحزب حسن نصر الله، والتي حاول فيها إعادة التأكيد على أولوية الصراع مع إسرائيل، ورسم فيها معادلة جديدة، تجعل من سوريا ولبنان، جبهة اشتباك واحدة مع إسرائيل، تملي على الحزب تنفيذ رد عسكري أو أمني، يرقى إلى مستوى الخسارة الجسيمة التي مني بها جراء ضربات الأباتشي على الجبهة السورية الجنوبية ... إن لم يفعلها الحزب، فقد صدقيته، وقامر بصورته الردعية، ووفر لخصومه مادة إضافية لاتهامه بالانحراف عن مسيرته في مقاومة الاحتلال، وانخراطه في مشروع مذهبي / إقليمي لا ناقة للبنان، واستتباعاً لفلسطين، فيه ولا جمل.
الحزب سيرد، وهذا أمر لا تساورنا حياله أي شك، وإلا بات محسوباً على مدرسة “نحتفظ بحقنا في الرد”، وهذا ما لا يريده الحزب وبالأخص أمينه العام... ونحن بدورنا نسأل كيف ومتى وأين وإلى أية حدود ستصل ردة الفعل، وكيف ستكون ردة الفعل الإسرائيلية التالية، وهي هل ينزلق الجانبان إلى أتون مواجهة شاملة، أو يقفان عند حدود الضربات المتبادلة ... صحيفة “السفير” اللبنانية عنونت بالقول: “أكبر من رد وأقل من حرب”، وبصورة تذكرنا بشعار حركة القوميين قبل 1967 “فوق الصفر تحت التوريط/التورط”.
ليس لإسرائيل وحلفائها ولا لحزب الله وحلفائه، مصلحة في “التورط” بمجابهة شاملة وحرب مفتوحة جديدة ... حكومة إسرائيل التي يرجح أنها أقدمت على اغتيال القادة الستة لاعتبارات انتخابية، تدرك أن التورط في حرب شاملة مع حزب الله، قد تكون أقصر الطرق لخسارة الانتخابات والخروج من المعادلة السياسية ... أما حلفاؤها على ضفتي الأطلسي، فهم منصرفون إلى حرب ضد الإرهاب وحوار مع طهران حول برنامجها النووي، والمؤكد أن اندلاع مواجهة جديدة وحرب شاملة، ستحلق الضرر بأهداف “التحالف الدولي” وقد تقطع الطريق على إدارة أوباما لتحقيق أحد أهم إنجازاتها، وربما إنجازها الوحيد في السياسة الخارجية: “صفقة مع طهران”.
في المقابل، وعلى الرغم مما يشيعه حزب الله من تأكيدات بأن قدرته القتالية ضد إسرائيل لم تتأثر بمجريات انخراطه في الحرب الدائرة في سوريا وعليها، إلا أن عاقلاً واحداً، لا يمكن أن يأخذ هذه التأكيدات على محمل الجد ... فالحزب المتورط بقوة في دهاليز الأزمة السورية، يجد نفسه “مبعثراً” على بضع جبهات، اللهم إلا إذا كان هناك من يعتقد أننا أمام حزب كليّ القدرة والجبروت، وأقرب إلى الدولة العظمى، كما أن الغطاء السياسي اللبناني والعربي والإسلامي (دع عنك الدولي) لم يعد متوافراً للحزب مثلما كان عليه من قبل، ودائماً بسبب انخراطه في الحرب السورية أساساً.
لذلك يُعتقد أن الحزب سيختار بدقة عمليته المقبلة من بنك أهداف لا شك أنه مزدحم بالأهداف والإحداثيات، لكن العامل الرئيس عند الاختيار سيكون: عدم استجرار عدوان إسرائيلي واسع، يفضي إلى خروج المواجهة من دائرة التحكم والسيطرة ... تماما مثلما أن إسرائيل أرادتها عملية محدودة في القنيطرة السورية لا تستجر حرباً مع حزب الله في لبنان ... لكن السؤال الذي سيظل عالقاً: إلى متى يمكن التحكم بقواعد الاشتباك، وهل ستخرج المواجهة بين الجانبين عن السيطرة والتحكم؟
وثمة سؤال مُضمر آخر، يثيره العدوان الإسرائيلي على مجموعة حزب الله في جنوب سوريا، ويتعلق أساساً برؤية إسرائيل وأولوياتها في الحرب الدائرة في سوريا وعليها... فمنذ اندلاع الأزمة السورية قبل أربع سنوات، نفذت إسرائيل عشرات العمليات المعلنة والمكتومة ضد إهداف في سوريا: ضربت مواقع للنظام وحلفائه، استهدفت مباني ومنشآت، تعرضت لقوافل أسلحة، ونفذت اغتيالات غامضة ... القاسم المشترك بين جميع هذه الأهداف، أنها تعود للنظام السوري وحلفائه فقط، فلم يحصل أن تعرضت إسرائيل لأي هدف يعود إلى “داعش” أو النصرة”، بل على العكس من ذلك تماماً، فثمة تقارير دولية صادرة عن بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الجولان، تتحدث عن تسهيلات لوجستية واتصالات مستمرة و”صناديق” يجري تمريرها عبر “الخط الأخضر” من قبل سلطات الاحتلال إلى المعارضات السورية، بما فيها جبهة النصرة، وثمة تقارير باتت مثبتة، عن تلقي مئات الجرحى من “الجهاديين” و”المعارضين” العلاج في مستشفيات ميدانية أقيمت لهذا الغرض، وأحياناً في مستشفيات في الداخل الإسرائيلي، ولقد نشرت صحف إسرائيل ووسائل إعلامها، صوراً وتقارير لنتنياهو وهو يتفقد الجرحى ويواسيهم، دع عنك كل ما قيل ويقال عن تدريب وتسليح إسرائيليين للمعارضة ومشاركة في غرف العمليات.
هذه المعطيات، تؤكد ما سبق لأهم مركز أبحاث في إسرائيل أن تحدث به منذ بداية الأزمة السورية، عندما شدد على أن خروج النظام وحلفائه منتصرين من هذه الأزمة، هو السيناريو الأسوأ لإسرائيل، مقللاً من مخاطر انتشار الجماعات الجهادية على أمن إسرائيل ووجودها، معتبراً بقاء النظام وحلفائه بمثابة تهديد “وجودي” لإسرائيل، في حين أن تهديد الجماعات المسلحة لن يتعدى كونه تهديداً “أمنياً”.
هذه المعطيات، لا يريد أن يراها أصحاب المواقف “الايديولوجية” المسبقة، وتحديداً الإسلاموية منها ... حتى أن صحيفة تنتمي إلى هذه المدرسة، خرجت صبيحة اليوم التالي للضربة الإسرائيلية بترويج رواية منسوبة لموقع الكتروني محسوب على جبهة النصرة، تتبنى فيها الأخيرة المسؤولية عن مقتل كوادر الحزب الستة، وفي منطقة القلمون وليس في القنيطرة، مع أن القاصي والداني، يدرك تمام الإدراك أن الحقيقة ليست كذلك، لكن لا بأس من ليّ عنق الحقائق وتبني الروايات المتهافتة إن كان الهدف خدمة الخطاب الايديولوجي لحزب أو جماعة... ألم يقولوا في الأمثال الشعبية: “عنزة ولو طارت”؟!
في المقابل، فإن المعطيات ذاتها... تدفع ببعض خصوم المعارضة و”الحركات الجهادية”، وتحديداً النظام وبعض حلفائه، إلى اتهام هذه الأطراف بـ “العمالة” لإسرائيل، ووصفها بـ “الأدوات” التي تحركها المخابرات الإسرائيلية والغربية، وهذه مقاربة أقل ما يمكن أن توصف به، أنها متهافتة كذلك، دعائية وقاصرة عن فهم جدل العلاقة بين هذه الأطراف وتكتيكات “التوظيف المتبادل” التي لم تسقط الطابع العدائي المضمر بينها، ولعل تجربة “القاعدة” مع الغرب وحلفائه، من “الجهاد الأفغاني” حتى اليوم، وما انطوت عليها من تبادل المنافع و”التوظيف”، وما مرت من صداقات مؤقتة وعداوات دائمة، ما يكفي لتقويض أركان هذه المقاربة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حزب اللـه وإسـرائيل «فوق الصفر تحت التورط» حزب اللـه وإسـرائيل «فوق الصفر تحت التورط»



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 19:19 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مراهق فلبيني يدخل فرّامة كفتة لتنتهي حياته

GMT 20:36 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

أفضل أنواع وتصميمات الأحذية الرياضية وطرق العناية بهما

GMT 05:00 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

مجلس الشيوخ الأميركي يقر تعيين أول مسؤول في إدارة بايدن

GMT 05:13 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

نظام غذاء سري لأكبر أنواع أسماك القرش في العالم

GMT 06:08 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يعزز صدارته بفوز شاق على شيفيلد يونايتد

GMT 12:01 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

رونار وفكر الثوار

GMT 19:05 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 10:09 2021 الجمعة ,02 إبريل / نيسان

Isuzu تتحدى تويوتا بسيارة مميزة أخرى

GMT 18:28 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

مجلس الشعب السوري ينفي إصدار بطاقات هوية جديدة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia