تفجيرات الريحانيةبعيداً عن التفاصيل

تفجيرات الريحانية..بعيداً عن التفاصيل

تفجيرات الريحانية..بعيداً عن التفاصيل

 تونس اليوم -

تفجيرات الريحانيةبعيداً عن التفاصيل

عريب الرنتاوي

بعض من تابع تفجيرات الريحانية الإرهابية، اشتم فيها "رائحة استخبارية" نتنة..وعندما يُشار إلى دور استخباراتي في جريمة ما، فإن الباب يبقى مشرعاً على شتى الاحتمالات..لكن الأنظار تتجه عادة صوب "أصحاب المصلحة" والأهداف التي ينوون تحقيقها بهذه الفعلة النكراء أو تلك. في التوقيت، جاءت التفجيرات الإرهابية بعد أيام قلائل من انتهاء محادثات كيري – بوتين – لافروف في موسكو، وهذ المحادثات التي قيل أنها عبّدت الطريق لأول مرة من عام تقريباً، لحل سياسي للأزمة السورية، أغاظت أنصار "الحسم العسكري والتدخل الدولي"..وثمة محور (لم يعد طويلاً ولا عريضاً على أية حال)، ما زال يقرع طبول الحرب في سوريا وعليها..ومن مصلحة هذا المحور، أن يفعل ما بوسعه لإجهاض فرصة الحل السياسي هذه المرة كذلك، كما أجهض من قبل، فرصاً مماثلة. وفي دلالة التوقيت أيضاَ، فإن هذه التفجيرات، جاءت متزامنة مع أحاديث تركية على أرفع المستويات، عن "استخدام النظام السوري لأسلحة كيميائية" ضد المعارضة، وبشواهد زعمت أنقرة، لا يأتيها الباطل لا عن يمين ولا عن شمال..لكأن حديث "الأسلحة" و"التفجيرات"، إنما يندرجان في سياق سيناريو واحد: إعادة الاعتبار لخيار الحسم العسكري والتدخل الدولي في الأزمة السورية..ولقد عزز هذا الانطباع، ما ورد على ألسنة المسؤولين الأتراك، من ردود فعل اتهاميه فورية لدمشق، ومن إعادة تذكير بمواقف أنقرة السابقة، الداعية للحسم والتأخر، وتحميل المجتمع الدولي وزر هذه العمليات، نظراً لتردده وإحجامه عن التدخل المبكر في الأزمة السورية. لكن ما سبق، ليس سوى قراءة واحدة (من قراءات عديدة)، للحدث الإرهابي في الريحانية..فثمة من تحدث عن "مسؤولية منظمة يسارية" اعتادت تنفيذ عمليات إرهابية في الداخل التركي، (الأتراك يتهمون المخابرات السورية بالوقوف وراء هذه المنظمة)..وثمة من يرى أنها قد تكون فعلة إرهابية لجماعة "جهادية" من النمط الذي عرفنا وألفنا على امتداد السنوات العشرين أو الثلاثين الفائتة، وليس مستبعداً أن تُتهم دمشق أيضاً بالوقوف وراء القاعدة و"النصرة"، ففي "عالم اللامعقول"، تبدو جميع السيناريوهات وأكثرها غرابة،ممكنةً. على أية حال، نحن لا نعرف ما الذي حدث بالفعل، والمأمول أن تكشف السلطات التركية عن نتائج تحقيق شفاف ونزيه، بملابسات هذه الفعلة النكراء، بعيداً عن "التوظيف السياسي" المُعتاد في هكذا ظروف..لكن المتابع للوضع على الحدود السورية – التركية، لن تأخذه المفاجأة وهو يتابع أخباراً من هذا النوع، بعد أن تحولت المدن والبلدات الحدودية التركية، إلى مسرح لكل أجهزة الاستخبارات والمنظمات الإرهابية والعصابات المسلحة وتجار السلاح والموت والمعارضات الوطنية وغير الوطنية في سوريا، وبعد أن تحوّلت المعابر الحدودية إلى ممرات آمنة لنقل السلاح والمسلحين والجواسيس والمقاتلين ومُختطفي الرهائن وكل من هب ودب. هي ارتدادات زلزال سوريا على الداخل التركي..وإذ يبدو أن أنقرة نجحت (حتى الآن) في احتواء أثر "العامل الكردي" وانعكاساته باتفاقها مع عبد الله أوجلان على حل سياسي للأزمة الكردية..فإن المستقبل ما زال مُحمّلاً بنذر استيقاظ "العامل العلوي" في السياسة المحلية التركية، سيما في مناخات الاستقطاب المذهبي في سوريا، وانزياح أنقرة شيئاَ فشيئاً عن نهجها العلماني، وانحيازها أكثر فأكثر للخطاب المذهبي السنّي في الآونة الأخيرة، تماماً مثلما جاء في كتابات عدد من الصحفيين العرب الذين زاروا أنقرة مؤخراً بدعوة من مكتب "الدبلوماسية العامة" للاستماع إلى شروحات وتوضيحات للسياسة التركية في بعديها الداخلي والخارجي. وربما لهذا السبب، عبّر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، في لحظة حنق وغضب، عن رفضه محاولات دمشق استدراج بلاده للوقوع في "السيناريو الأخطر"، أي في المستنقع المذهبي السوري..بيد أنه تجنب الحديث عن كيف سيفعل ذلك، وهو الذي يعلم أكثر من غيره، أن هذا الحشد من الفصائل والمعارضة "السنيّة المتشددة"، فضلاً عن وجود أكثر من ربع مليون لاجئ سوري في الحزام الحدودي (غالبيتهم من السنة)، في منطقة يغلب عليها "المكون العلوي"، سيثير حتماً إشكاليات وتحديات، ستجد أنقرة صعوبة في احتوائها، ما لم تضع الأزمة السورية أوزارها سلماً وليس حرباً..لأن سيناريو الحرب والحسم، ستتطاير شراراته الحارقة إلى الداخل التركي بكل تأكيد. إطالة أمد الأزمة السورية، لا يلعب لصالح تركيا في مطلق الأحوال، والمعارضة لسياسة أردوغان – أوغلو في سوريا، إلى تزايد مستمر في الداخل التركي، وأحسب أن ردود الفعل المختلفة على العملية، والانقسام التركي في رسم سياقها وتحديد المسؤول عنها، هو غيض من فيض ما ينتظر تركيا من جدل وانقسامات في قادمات الأيام..وهذا ما يؤرق القادة الأتراك، ويجعلهم أقل صبراً وكياسة في التعامل مع الأزمة السورية. إن كانت فعلاً استخبارياً لئيماً يستهدف إعادة الاعتبار لخيار الحرب والحسم، أو كانت عملاً إرهابيا من فعل اليسار أو القاعدة، فإن عملية الريحانية، تضع تركيا بقوة على محك الأزمة السورية وارتداداتها، وتثبت للمرة الألف، ما سبق وأن حذرنا منه في هذه الزاوية بالذات، من أن أنقرة "أطلقت النار على أقدامها"، فلا هي قادرة على الذهاب حتى نهاية الشوط في حسم المعركة مع النظام السوري، ولأسباب داخلية وخارجية (انظروا كم مرة استعارت أنقرة عبارة دمشق الشهيرة: سنرد في الزمان والمكان المناسبين)، ولا هي قادرة على لعب دور سياسي / دبلوماسي تجسيري في هذه الأزمة، مع أنها كانت الأكثر تأهيلاً للقيام بهذا الدور، بحكم قربها من النظام والمعارضة على حد سواء..وأنها هي (تركيا) من سيدفع الأثمان الباهظة لسياساتها، بعد أن استوفى غريمها في دمشق، دفع كافة المستحقات المترتبة عليه، وبات ظهره للجدار، وليس لديه ما يفقده، فيما لسان حاله يقول: "نطارد مُلكاً أو نموت فنُعذرا".

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تفجيرات الريحانيةبعيداً عن التفاصيل تفجيرات الريحانيةبعيداً عن التفاصيل



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia