المسألة الفلسطينية  أين من هنا

المسألة الفلسطينية ... أين من هنا؟

المسألة الفلسطينية ... أين من هنا؟

 تونس اليوم -

المسألة الفلسطينية  أين من هنا

عريب الرنتاوي

وفقاً للتأكيدات المتكررة الصادرة عن القيادة الفلسطينية ومن يمثلها، فإن مشروع القرار الفلسطيني/ العربي، حول إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية ضمن جدول زمني قصير ومحدد، سيكون قد وضع في عهدة المجتمع الدولي الشهر المقبل على أبعد تقدير، والمرجح أن يتم ذلك مع بداية السنة الجديدة، بعد التغيير الذي سيطرأ على تركيبة مجلس الأمن بدخول أربع دول مؤيدة للحق الفلسطيني، مؤمنةً النصاب المطلوب لتمرير القرار.
إلى أن يتم ذلك، فإن كواليس الدبلوماسية الدولية والإقليمية، تنشط لثني القيادة الفلسطينية عن قرارها وخيارها، تارة بحجة التريث وتفادي الصدام المكلف مع واشنطن كما فعل بعض الوزراء العرب في القاهرة، وأخرى بدعوى استنفاد الفرص المتبقية ... هنا بالذات، يجري حديث هامس عن رغبة أمريكية في استئناف مهمة كيري، كما يجري التداول بشأن مبادرة المؤتمر الدولي التي دعت إليها فرنسا ورفضتها إسرائيل، الأرجح أن الرئيس الفلسطيني وكثير من القادة العرب، لم يسقطوا بعد من حساباتهم، خيار استئناف المفاوضات، برغم عبثيته وانعدام جدواه في ضوء ما تشهده الخريطة السياسية الإسرائيلية من تحولات وانزياحات صوب اليمين والتطرف القومي والديني، وبرغم انشغال حكومة نتنياهو بانتخابات مبكرة، لن تخرج منها قبل ستة أشهر إلى عام على أقل تقدير.
سيذهب الفلسطينيون إلى المجلس، وإن فعلوا ذلك مع بداية العام الجديد، سينجحون في تأمين “النصاب المطلوب” لتمرير القرار، وسيجدون أنفسهم أمام واحد من احتمالين: أن تستخدم واشنطن حق النقض “الفيتو” لحماية إسرائيل ومنع المجتمع الدولي من التقدم خطوة إضافية على طريق إقرار الحق الفلسطيني ... أو أن تلجأ الولايات المتحدة للامتناع عن التصويت (وهذا احتمال غير مرجح على أية حال)، ويضاف قرار جديد إلى ركام القرارات الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة والتي ظلت حتى الآن: حبراً على ورق.
لا يتحدث الفلسطينيون كثيراً عن مرحلة ما بعد النجاح في استصدار قرار عن مجلس الأمن وماذا هم فاعلون، لكأنهم على يقين بأن قراراً كهذا لن يصدر أبدا، هل سيكتفون بالقرار، ماذا عن بقية عناوين الأجندة الفلسطينية، لا أحد يتحدث كثيراً في أمر كهذا ... لكن في حال أخفقت محاولة استصدار القرار الأممي الجديد، فإن السلطة كما قال رئيسها أمام وزراء الخارجية مؤخراً في القاهرة، ستذهب إلى مختلف المنظمات والمعاهدات الدولية لاستكمال عضوية فلسطين، بما في ذلك معاهدة روما المنشئة لمحكمة الجنايات الدولية، وستعمل السلطة على إعادة تقييم وتقويم دورها، فتوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، وتسلم نتنياهو “مفاتيح” السلطة، ليتحمل كامل المسؤولية عن استمرار احتلاله وتوسعه الاستيطاني.
لا شك أن التوجه إلى مجلس الأمن، ووضع القضية الفلسطينية في عهدة الشرعية الدولية، بدلاً عن إبقائها تحت “الوصاية والرعاية” الأمريكية المنفردة والمستمرة منذ أكثر من عقدين من الزمان، لا شك أن هذا التوجه، هو خطوة في الاتجاه الصحيح، والمؤكد أن إعادة وضع القضية الفلسطينية في نصابها وبدء الحديث عن “إنهاء الاحتلال” بدل “عملية السلام”، هو خطوة متأخرة طويلاً، بيد أنها ضرورية للخروج من حالة الخداع والتضليل التي تواطأ العرب والفلسطينيون على إشاعتها وتعميمها منذ بدء عملية مدريد
مثل هذا التوجه وحده، لن يكون كافياً لإنهاء الاحتلال ورفع كلفته كما توعد الرئيس محمود عباس ... فالمطلوب فلسطينياً أكثر من ذلك، وأبعد من ذلك، سواء نجح المسعى الفلسطيني في مجلس الأمن أم ارتطم بجدار الفيتو الأمريكي المسدود.
تحدثنا وتحدث كثيرون غيرنا عن استراتيجية فلسطينية جديدة، يقع التوجه إلى مجلس الأمن من ضمنها ولا يختزلها او يصبح بديلاً عنها ... استراتيجية تشرع من دون إبطاء في استكمال عضوية فلسطين في مختلف المحافل الدولية، وتعيد ترتيب البيت الفلسطيني من الداخل، وتؤسس لمقاومة شعبية سلمية طويلة الأمد، وتوفر لها مختلف مقومات الاستدامة والاستمرار، حتى الآن لا يبدو أن شيئاً من ذلك قد تحقق أو هو في طريقه إلى ذلك.
الرئيس توعد بوقف التنسيق الأمني، فلماذا لا تعمد السلطة من الآن، إلى الشروع في “تخفيف” وتائر هذا التنسيق وإبطاء فاعليته بالتدريج، حتى يُعطيَ التهديد نتائجه وثماره، ويؤخذ على محمل الجد من قبل إسرائيل وداعميها ... لماذا لا يُعاد ترتيب هياكل السلطة وجيوش الموظفين على شاكلة وطراز جديدين، يتناسبان مع استراتيجية المقاومة الشعبية التي يجري الحديث عنها صبح مساء، ومن دون تقدم يذكر حتى الآن.
أسوأ ما في التهديدات الفلسطينية المتكررة حتى الآن، أنها فقدت بريقها ولم يعد أحدٌ يتوقف ملياً أمامها، لمرة واحدة فقط، يتعين اتباع القول بالفعل، ولو على نحو رمزي ومتدرج، لنرى ما إذا كان منسوب “الأدرينالين” قد ارتفع في عروق الاحتلال وشرايين مستوطناته، أم لا ... ومن دون ذلك، ستجد القيادة الفلسطينية نفسها في وضع صعب ومحرج، لا مع أعدائها وخصومها فحسب بل ومع شعبها كذلك.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المسألة الفلسطينية  أين من هنا المسألة الفلسطينية  أين من هنا



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:22 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:53 2014 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

"Facebook messenger" سيكون متاحًا لويندوز فون بعد أسابيع

GMT 11:08 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

وقف الهدر والتبذير..شعار الكويت الجديد

GMT 16:21 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

اجتماع تقني يجمع مسؤولي منتخبَي مالي وتونس

GMT 11:21 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عقدة حياتو والكامرون

GMT 14:25 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فيلم الرعب "Jigsaw" يحقق 32 ميلون دولار في أسبوع عرضه الأول

GMT 09:26 2017 الخميس ,13 إبريل / نيسان

سوسيج تري كامب السحر الحقيقي للحياة البرية

GMT 20:34 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

"HER" BURBERRY عطر المرأة الجريئة الباحثة عن التميز

GMT 12:54 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

أبسط وأسهل طريقة لاختيار الحجاب الملون بأناقة

GMT 13:37 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

كأس ألمانيا: دورتموند وشتوتغارت وبوخوم إلى ربع النهائي

GMT 03:00 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة "الإرهاب" كلفت تونس 4 مليارات دينار
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia