الكرة في ملعب حماس

الكرة في ملعب حماس

الكرة في ملعب حماس

 تونس اليوم -

الكرة في ملعب حماس

عريب الرنتاوي

حماس هي السلطة المتحكمة بمفاصل الأمن ومختلف المرافق العامة وشؤون الحياة اليومية للمواطنين في قطاع غزة ... وفتح هي الحركة التي ينتمي إليها كل من استهدفتهم التفجيرات الخمسة عشر التي وقعت متزامنة فجر يوم الجمعة الموافق للسابع من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، فضلاً عن استهداف المنصة الرئيسة للمهرجان المركزي المخصص لإحياء الذكرى العاشرة لاستشهاد ياسر عرفات ... والأهم من هذا وذاك، أن أصواتاً في حماس، وأخرى محسوبة عليها، سبق وأن طالبت بمنع تنظيم المهرجات حتى لا تتكرر سابقة 2013، عندما شهدت غزة طوفاناً بشرياً اعتبر بمثابة تصويت ضد حماس، حتى وإن لم يكن تأييداً لفتح بالضرورة.

من حق فتح أن تتهم حماس بالمسؤولية عن التفجيرات، سيما وأن لدى رام الله ما يكفي من المعلومات عن ضلوع تيار في حماس، حركة وحكومة وأجهزة أمنية وكتائب مسلحة، في عمليات تخريب منظمة لمسار المصالحة وعودة السلطة إلى القطاع، حتى وإن أدى ذلك إلى تعطيل محاولات رفع الحصار وإعادة الإعمار، وهذا تيار يكاد يكون معروفاً بالاسم للجميع، ولقادة حماس ومكتبها السياسي.

لا يكفي أن تنفي حماس ضلوعها في الجريمة، ولا أن تقفز للأمام باتهام فتح بأنها هي من “فخخ” منازل كوادرها وقادتها لتعطيل المصالحة والتهرب من التزاماتها، هذه سذاجة لا تضاهيها سوى سذاجة المهجوسين بنظرية المؤامرة، الذين يستسهلون تحميل إسرائيل وزر أي حادث مروري يقع في القطاع، حتى يتفادوا تسمية الأشياء بأسمائها ... المطلوب من حماس، أن تقدم فوراً ومن دون إبطاء، على إلقاء القبض على الفاعلين، وتحويلهم لتحقيق نزيه ومحايد، وتقديمهم للقضاء، فما قارفوه، وفي هذا التوقيت بالذات، يرقى إلى مستوى الجريمة، بل الخيانة الوطنية، أياً كانت دوافعهم.

لن نأخذ بحكاية أن البحث جارٍ عن المتورطين أو الفاعلين ... غزة أصغر وأضيق من أن يضيع في أزقتها وحاراتها، جناة على هذا القدر من الاحتراف وحسن التدبير والخبرة العملية والتنظيم ... وحماس لطالما فاخرت بقدرتها على تجفيف منابع التجسس والعمالة لإسرائيل، فقد أعدمت علناً، وفي يوم واحد فقط (الجمعة 22 آب / أغسطس)، وعلى دفعتين، ثمانية عشر مواطناً متهماً بالعمالة والتخابر مع إسرائيل، أحد عشر واحداً منهم، قبل صلاة الجمعة وسبعة بعدها، ولا ندري كم أعدمت سراً بعد أن ارتفعت الأصوات المنددة بمظاهر الإعدام علناً في الساحات والشوارع، والتي تذكر بما تفعله “داعش” في الرقة وغيرها من بلدات سوريا والعراق الخاضعة لها.

ولم يتطلب الأمر أكثر من سويعات، حتى كانت قوات حماس، تجتث ظاهر “جند أنصار الله” وشيخهم السلفي عبد اللطيف موسى، حيث لقي 28 “مجاهداً” مصرعهم وأصيب أكثر من 130 آخرين بجراح، وتناثرت جثثهم في مسجد “ابن تيمية” في مدينة رفح، حيث لم تقم للحركة قائمة بعد ذلك التاريخ (منتصف آب/ أغسطس 2008) ... وفي منتصف أيلول / سبتمبر من السنة التالية، كانت الحركة تنهي ظاهر “عائلة دغمش” ومربعها الأمني، وتجعلها أثراً بعد عين.

خلاصة القول، إن حماس تعرف من قام بالفعلة النكراء، ولماذا فعل ذلك ... تعرف من خطط وقرر ونفذ وغطى وأمّن ... حماس تعرف من هم “البلطجية” الذين أرادوا أن يعترضوا مسيرة المصالحة وإعادة الإعمار ورفع الحصار، بالعبوات الناسفة، بعد أن أعيتهم الحيلة والمماطلة وعمليات التعرض لوزراء السلطة ومؤسساتها، وبعد الحملة الشعواء والنكراء ضد الرئيس عرفات في ذكرى استشهاده.

لن يشفع لحماس أنها بادرت إلى إصدار بيان تنديد واستنكار، هناك من يتهم الحركة بـ “قتل القتيل والسير في جنازته” ... المطلوب أن نرى على شاشات قناتي الأقصى والقدس، بعض مقاطع من التحقيق مع هؤلاء، وأن نعرف من دفع بهم وخطط لهم ومولهم، وما الأهداف المتوخاة من وراء كل ذلك.

لا نتوقع أن تقدم حماس على فعل ذلك، لأن لدينا ما يقنعنا بأن من قام بالفعلة هم “بعض حماس”، وربما بالضد من إرادة المستوى السياسي فيها، والذي يبدو أنه يقف حائراً عاجزاً “بين نارين”، نار تحمل تبعات هذه الجريمة التي أصابت المصالحة في مقتل، ووضعت حماس في أضيق الزوايا، ونار الاعتراف بأن من فعل ذلك، هم من أبناء جلدتها وتنظيمها وفكرها وأجهزتها ... ولأن الحركة، جزء من جماعة، تنهل من فكر يقدم التنظيم على الدولة، والجماعة على الوطن، فليس من المرجح أن تقوم حماس بما هو منتظر منها، مراهنة على عامل الزمن، وأن يطوي النسيان هذه المحطة الكالحة، ونعاود بعد طول تعطيل ومعاناة، اجتماعات المصالحة البائسة، التي باتت مثيرة للتقزز والغثيان، بدل أن تبعث على الأمل والتفاؤل.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكرة في ملعب حماس الكرة في ملعب حماس



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia