الفلسطينيون وسلم أوباما

الفلسطينيون و"سلم أوباما"

الفلسطينيون و"سلم أوباما"

 تونس اليوم -

الفلسطينيون وسلم أوباما

عريب الرنتاوي

وجهان أراد لهما أن يكونا لعملة واحدة، واحدٌ أظهره الرئيس الأمريكي باراك أوباما في حديثه أمام المسؤولين الإسرائيليين، والثاني، حرص على تظهيره أمام طلبة الجامعات الإسرائيلية وفي مناطق السلطة الفلسطينية..لكن المتأمل في ملامح كلا الوجهين، يخلص إلى أنهما "وجه وقناع" في واقع الأمر. أما الوجه، فقد تماهى إلى حدٍ كبير من وجوه أعضاء الطاقم الوزاري لحكومة نتنياهو الثالثة، حيث بدا زعيم أقوى دولة في العالم، على صورة نتنياهو – ليبرمان – بينيت – لبيد – ليفني..مواقفه هنا، كانت قاطعة كحد السكين..أمن إسرائيل من أمن أمريكا القومي، وما دامت أمريكا على قيد الوجود، سيظل أمن إسرائيل مُصاناً..إسرائيل دولة يهوديه، وهي لن تنتقل إلى مكان آخر، ويتعين على الجميع الاعتراف بهذه الحقيقة والتعامل معها والانفتاح عليها..واشنطن ستقف بالمرصاد للتهديد الإيراني، ومن دونه، تهديدات حماس وحزب الله للدولة العبرية..لا يمكن أن نفرض على إسرائيل ما لا ترغب به ولا تريده ولا تقوى عليه، حتى وإن كان الثمن، التضحية بعملية السلام وحل الدولتين. في المقلب الثاني من زيارته، تدثّر الرئيس الأمريكي بقناع الواعظين والمبشرين..وعود هلامية فضفاضة لجيل الشباب الفلسطيني، وتكرار ممل لشعار الدولة المستقلة التي تعيش بسلام جنباً إلى جنب مع إسرائيل، وانتقادات للاستيطان والمستوطنات، لا تسمن ولا تغني من جوع، سمعها الفلسطينيون منذ أن كان الاستيطان مشروعاً جنينياً وحتى استحال إلى سرطان زاحف يطيح بحل الدولتين، ومعه الأرض والحقوق والمقدسات. جوهر الإفكار التي حملها الرئيس الأمريكي، لا تتعدى استئناف المفاوضات بلا شروط ولا مرجعيات ولا جداول زمنية..مقابل ذلك، يمكن أن تُمنح السلطة الفلسطينية "جوائر ترضية" تندرج في سياق "إجراءات بناء الثقة"، وفي أحسن الأحوال (وفق أكثر السيناريوهات تفاؤلاً)، العودة إلى ما كانت عليه الأوضع قبل الثامن والعشرين من أيلول/سبتمبر 2001، وسيتضح مع جولة جون كيري الشهر المقبل في المنطقة، ما إذا كانت هذه المفاوضات ستنطلق ثنائياً لتتوج بـ"أنابوليس 2"، أم أنها ستكون بحاجة لمظلة عربية ودولية، فيكون "أنابوليس 2" نقطة انطلاقها الرسمية. نجح أوباما في توزيع عباراته "الحميمة" مناصفة بين الإسرائيليين والفلسطينيين..تحدث عن آمال الفلسطينيين وتطلعات شبابهم الذين لا يختلفون بشيء عن الشباب الإسرائيلي..تحدث عن توق شعب للحرية والعيش تحت راية مستقلة، تماماً مثلما تحدث عن حق الإسرائيليين في دولة يهودية ديمقراطية أمنة ومستقرة..لكن الرجل جانبه الإنصاف تماماً عندما تحدث في القضايا الجوهرية التي تذكي الصراع وتديمه، بين سلطة احتلال واستيطان من جهة، وشعب خاضع للقهر والاستعباد من جهة ثانية..مكّن إسرائيل من كل ما طالبت به وتطلعت إليه، وأبقى الفلسطينيين في دوامة الانتظار اليائس المستمرة من سنوات وعقود..فما قيمة المجاملات والعبارات "الحميمة" إن لم تكن مشفوعة بخطوات ملموسة، وخطط مجدولة، وضغوط تمارس على الجهة التي يعرف أوباما تماما المعرفة، أنها العقبة الكؤود أمام عملية السلام وحل الدولتين؟ والحقيقة أن المتابع للحفاوة الرسمية والإعلامية الفلسطينية التي استقبلت بها مواقف وتصريحات أوباما، يصاب بالدهشة والاستغراب..لقد "اشتروا" عباراته الحميمية، وضربوا صفحاً عمّا قاله في القدس ومطار اللد، لقد تركزت أنظارهم أمام عبارات سبق لهم وأن استمعوا إليها بالحرف الواحد، وعلى ألسنة أوباما وعشرات المسؤولين الغربيين، وربما أكثر منها في السنوات العشرين الفائتة، من دون أن تجد طريقها إلى حيّز التنفيذ..فهل نجح أوباما في "احتواء" الموقف الفلسطيني وإسقاط مطالبهم (شروطهم) لاستئناف المفاوضات؟. وإذا ما نزعنا عن تصريحات أوباما طابعها الإنشائي الجميل، فإن حصيلتها الفلسطينية، تصب القمح صافياً في طاحونة حكومة نتنياهو الثالثة، التي ترغب في بقاء السلطة واستمرار التنسيق الأمني واستئناف المفاوضات، ولكن من دون التزام من أي نوع، بوضع نهاية للاحتلال الإسرائيلي وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه الوطنية الثابتة في العودة وتقرير المصير وبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس. إن إخطر ما يمكن أن يترتب على نجاح سياسة "الاحتوء الناعم" للموقف الفلسطيني، إنما يكمن في انتعاش الأوهام الكاذبة أو تفشي الرهانات الخائبة من جديد، ودائماً تحت ضغط اليأس والإحساس بانعدام الخيارات والبدائل، فتعود السلطة مجدداً لممارسة طقوس "المفاوضات العبثية"، بعد أن وفّر أوباما لها السلم للهبوط عن الشجرة، وهو ذات السلم الذي سبق لأوباما أن قدمه للسلطة للصعود إلى قمة الشجرة بعد خطابه الشهير في جامعة القاهرة قبل ثلاثة اعوام أو أزيد قليلاً. نقلا عن مركز القدس للدراسات السياسية

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفلسطينيون وسلم أوباما الفلسطينيون وسلم أوباما



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 19:19 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مراهق فلبيني يدخل فرّامة كفتة لتنتهي حياته

GMT 20:36 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

أفضل أنواع وتصميمات الأحذية الرياضية وطرق العناية بهما

GMT 05:00 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

مجلس الشيوخ الأميركي يقر تعيين أول مسؤول في إدارة بايدن

GMT 05:13 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

نظام غذاء سري لأكبر أنواع أسماك القرش في العالم

GMT 06:08 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يعزز صدارته بفوز شاق على شيفيلد يونايتد

GMT 12:01 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

رونار وفكر الثوار

GMT 19:05 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 10:09 2021 الجمعة ,02 إبريل / نيسان

Isuzu تتحدى تويوتا بسيارة مميزة أخرى

GMT 18:28 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

مجلس الشعب السوري ينفي إصدار بطاقات هوية جديدة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia