العرب والحرب على سوريا

العرب والحرب على سوريا

العرب والحرب على سوريا

 تونس اليوم -

العرب والحرب على سوريا

عريب الرنتاوي

باستثناء تركيا التي أعلنت مسبقاً ومقدماً، الحرب على سوريا، تتسابق الدول العربية المجاورة في إعلان رفضها استخدام أراضيها وأجوائها منطلقاً للضربة العسكرية الأمريكية الأطلسية لسوريا، ... لا أدري إن كانت واشنطن أو أي من حلفائها في الحرب المقبلة، قد طلب تسهيلات من هذه النوع، من أي دولة من الدول المذكورة، ذلك أن مختلف المصادر العسكرية، تؤكد أن الضربة القادمة، صاروخية بامتياز، وأنها ستنطلق من المدمرات والغواصات، ولن يتغير الحال إن تطلب الأمر استخدام القاذفات العملاقة في العملية. هي محاولة بائسة، لـ"إبراء الذمة" أمام الرأي والعام و"التاريخ"، لا أكثر ولا أقل ... ولقد كان يتعين على قادة هذه الدول، وكل الدول العربية التي اجتمع مندوبوها في القاهرة، أن يشددوا على الحاجة لانتظار نتائج التحقيق الدولي في جريمة كيماوي الغوطة، وأن يأخذوا زمام الموقف في سوريا بأيديهم بدل تسليم الرايات للقوى الدولية ... بيد أنهم، وكثيرٌ منهم يتمنى لو أن "الضربة العسكرية" تتطور إلى "حرب شاملة"، سارعوا إلى توفير البضاعة المطلوبة من عواصم "العدوان الثلاثي" الجديد، وسارعوا إلى إصداء الاتهامات الجاهزة والأحكام المسبقة، فكانوا بذلك يوفرون الغطاء السياسي للعدوان، وهو أكثر ما تحتاجه واشنطن وحلفاؤها، إلى جانب البترودولار، لتمويل على أية حال. ولأنه موقف متحلل من أي معنى للعروبة أو التزام بها، فقد اقتضى الحال، ومن باب الإجراء الاستباقي، اتهام النظام السوري بفقدانه هويته العربية ...ما يعني أن حرب أمريكا – الأطلسي الخامسة في الشرق الأوسط "الكبير" خلال عقدين من الزمان فقط، ليست موجهة ضد العرب والعروبة، وإنما ضد من فقدوا عروبتهم، وربما صاروا فرساً وأعاجم ومجوسيين، الله أعلم. ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإن "العروبة" و"الهوية القومية الجامعة، ليستا فقط أبرز ضحايا حروب المذاهب والطوائف التي تجتاح المنطقة، وتقسّمها إلى جبهات ومحاور ومعسكرات، بل أنهما تتعرضان لأبشع محاولات التشويه وإعادة التعريف والتموضع ... فالعروبة اليوم، هي كل فعل مناهض لإيران، حتى وإن استقوى بواشنطن والأطلسي وإسرائيل، والهوية القومية، بات قوامها وعمودها الفقري، الانتماء لأهل السنة والجماعة، وعلى مذهب السلفية والجهادية والوهابية، بطبعته البدوية المدججة برائحة النفط والغاز. ومرة أخرى، تظهر الجامعة العربية بـ “زعامة" نبيل العربي، أنها باتت ملحقاً ذليلاً بدوائر الاستخبارات والمال والدبلوماسية في حفنة قليلة من الدول العربية، أما أمينها العام، فيثبت يوماً بعد يوم، أن ليس له من اسمه نصيب، وقد أرتضى أن يكون شاهد زور على أخطر القرارات و"التغطيات" التي تصدر عن جامعته، وبتوقيعه، وتحت مظلته الشوهاء. سوريا، بعيد العراق وليبيا والسودان والصومال واليمن، ستكون قبل مطلع الأسبوع القادم، سادس ساحة تعربد في سمائها صواريخ الـ"توما هوك" وطائرات الشبح وكل أدوات القتل والدمار ... وسيسقط من بين أبنائها أضعاف من سقطوا في "جريمة الغوطة النكراء"، في استباحة عزّ نظيرها للسيادة والحقوق والثروات والحاصر والمستقبل العربي، ودائما بغطاء من قمم عربية واجتماعات يرأسها نبيل العربي لمن كان نظيرهم أو كانوا نظرائه من وزراء الخارجية العرب، ذات يوم ... وإن ظل الحال العربي على هذا المنوال، فلن تمضي سوى بضع سنوات، حتى يكون "نصاب" الدول المستباحة بـ"التوما هوك"، قد اكتمل. ولأن قادة أمة "إقراء" لا يقرأون، بل ولا يريدون القراءة أبداً، فإن أحداً منهم لم يلتفت إلى حصاد سياساته الحمقاء والمتخاذلة (اقرأ المتواطئة) حيال جميع الدول المنكوبة بالغزوات والعدوانات، والتي تشاء الأقدار، أن تحيلها إلى مصادر "دائمة"، لتهديد أمنهم واستقرارهم ... فالذين استعجلوا الغزو الأمريكي للعراق، وصفقوا مطولاً لكولن بأول، وتناولوا بإعجاب ويقين لافتين، براهينه المعروضة من على منبر مجلس الأمن حول امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل وصلات مع القاعدة، هم أنفسهم الذي يذرفون اليوم دموع التماسيح على العراق، وينظرون إليه بوصفه مصدراً رئيساً من مصادر التهديد القومي، وكذا الحال في ليبيا واليمن والصومال، وغداً لن يختلف الحال في سوريا أو معها، إذا ما قدر للضربة العسكرية الأمريكية أن تحدث فرقاً جوهرياً. على أية حال، هي حالة تفكك ومسلسل انهيارات، لا قعر مرئياً لهما حتى الآن، فمن يظن أن كرة اللهب ستوقف تدحرجها ضمن الحدود الجغرافية لسوريا، واهم تماماً، وغداً ستحتل أقطار عربية جدية صدارة الأولويات والاهتمامات السياسية والإعلامية، وستُجرى بشأنها "مشاورات" في مجلس الأمن وقيادة الأطلسي، و"مبدأ الدومينو" الذي حكم تطورات وانتقالات الربيع العربي من دولة إلى أخرى، هو ذاته المبدأ الناظم لعمليات التفكك والانهيار، وإن غداً لناظره قريب. نقلا عن مركز القدس للدراسات السياسية  

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العرب والحرب على سوريا العرب والحرب على سوريا



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia