الجيش السوري في تدمر أين من هنا

الجيش السوري في تدمر... أين من هنا؟

الجيش السوري في تدمر... أين من هنا؟

 تونس اليوم -

الجيش السوري في تدمر أين من هنا

بقلم : عريب الرنتاوي

الاتفاق “الكيماوي” الذي أبرم بين موسكو وواشنطن في أواسط أيلول/سبتمبر 2013، أبقى الرئيس السوري في موقعه لثلاثة أعوام، ومنع ضربة عسكرية أمريكية كان يمكن أن تكون “ماحقة”، ومنح النظام جرعة حياة إضافية، حتى وإن كان الثمن، تجريد سوريا من أنيابها ومخالبها الكيماوية ... اليوم، تبدو الحرب على “داعش”، والانتصارات التي سجلت في سياقاتها من قبل التحالف الروسي – السوري، بمثابة جرعة ثانية من “أكسير الحياة”، تراهن دمشق على “صرفها” على موائد التفاوض في جنيف وغيرها.

وإذ قُدّر للتقدم الذي أحرزه الجيش السوري في تدمر وجوارها، أن يتواصل على المنوال ذاته، وصولاً إلى دير الزور والرقة، فسيصبح بمقدور الأسد أن يزأر بكل طاقته:

أنا وحدي من بمقدوره اجتثاث الإرهاب من سوريا، ومن حقي وحدي أن احصل على “الجائزة الكبرى”، والمساهمة من “مواقعي” كرئيس للجمهورية وقائد أعلى للقوات المسلحة، في تقرير مستقبل سوريا.

الاتصال الذي أجراه الرئيس الروسي بنظيره السوري مهنئاً بالنصر في تدمر، ربما حمل في طيّاته، رسالة من هذا النوع، وإن كان من السابق التكهن بـ “نهاية مطاف” الاحتضان الروسي لشخص الأسد ... الترحيب غير المسبوق، الذي صدر عن الأمين العام للأمم المتحدة باستعادة تدمر، يأتي في سياق “الرضوخ الدولي” للأمر الواقع في الميادين السورية ... وقبل الاتصال والترحيب، كان اللقاء غير المسبوق في جنيف، بين فيدريكاموغريني وبشار الجعفري ... يبدو أن الحبل على الجرار.

في الحرب الدائرة رحاها على “داعش” في سوريا، ثمة ميزة إضافية للتحالف الروسي – السوري، لم تتوافر لواشنطن وتحالفها الدولي الفضفاض ... هنا تتوافر موسكو ودمشق، على مزيج من القوات البرية والجوية، هنا يمكن للضربات الجوية المركزة أن تعطي أكلها، طالما أن هناك قوات على الأرض، تقطف الثمار وتحصد النتائج ...

الأمر مختلف تماماً بالنسبة لواشنطن وتحالفها الدولي. لا تمتلك واشنطن حلفاء “وازنين” عسكرياً على الأرض غير وحدات الحماية الشعبية الكردية وقوات سوريا الديمقراطية ...

وهذه على الرغم من شجاعتها في الميدان، ونجاحاتها المتلاحقة في تحقيق اختراقات على محاور وجبهات عدة ضد “داعش”، إلا أن ثمة قيوداً محلية وإقليمية، تحول دون أن تكون هذه القوات، “فرس الرهان” الذي سيكسب السباق لتحرير المناطق المحتلة من قوات “الخليفة البغدادي”. محلياً، سيجد كثيرون من العرب صعوبة في استيعاب وتقبل الطموحات الكردية الجامحة للتوسع و”التكريد” و”الفدرلة” ... وإقليمياً، سيظل “الفيتو” التركي على قيام كيان كردي ثانٍ على حدود البلاد الجنوبية، عاملاً معرقلاً لتوسع نفوذ وسيطرة الوحدات وقوات سوريا الديمقراطية ... ه

ذا الرهان، محفوف بكثيرٍ من التحديات والمخاطر، وله حدود وسقوف تجعل يد وزير الدفاع الأمريكي مغلولة إلى عنقه... أما الرهانات على “معارضة معتدلة” و”جيش حر”، فقد جربت عشرات المناطق في عشرات المواقع شمالاً وجنوباً، وثبتت خيبتها، وليس هناك ما يدعو للثقة بأن الرهانات المستقبلية، ستكون أوفر حظاً من الرهانات السابقة.

يبقى لواشنطن خياران اثنان، لا ثالث لهما، وكلاهما يبدو مكلفاً وكلاهما يبدو مستبعداً ... الأول؛ استدعاء قوات عربية وإسلامية حليفة لتنفيذ الشق البري من معادلة تطهير شمال شرق سوريا من داعش ... هذا خيار، دونه خرط القتاد، وقد يفتح الباب لحرب إقليمية ودولية، وهو على أية حال، تراجع كثيراً من التداول .

والثاني؛ إرسال قوات برية أمريكية – أطلسية، وهذا أيضاً فرضية مستبعدة، فالرئيس أوباما الذي وصل إلى البيت الأبيض مرتين تحت شعار: لا للحرب ونعم لسحب الجنود من العراق وأفغانستان، برهن في غير منعطف واستحقاق، أنه لن يتورط في سيناريو “إرسال الجنود إلى أرض المعركة”، وهو في موقفه “الصلب” هذا، يلقى تأييداً كبيراً من قبل الأمريكيين، والسنة الراهنة في الولايات المتحدة، هي سنة انتخابات، والخطأ فيها قد يتحول إلى خطيئة. لذلك كله، أحسب أن موسكو ودمشق، هما من سيتولى مهمة تحرير بقية الأراضي السورية من سيطرة داعش، وتصفية وجود التنظيم الأكثر دموية، في المناطق التي سيطر عليها، والتي بلغت ذات يوم، نصف مساحة سوريا تقريباً ... عندها، أو بعدها، سيكون شعار “لا دور للأسد في مستقبل سوريا”، عصياً على “الصرف والنحو”، حتى وإن ظل يتردد على ألسنة “فرسان الائتلاف” ورعاتهم.

من مصلحة المعارضة الوطنية والديمقراطية والعلمانية في سوريا، أن تركز جهدها على إطلاق عملية سياسية ذات مغزى في سوريا، وبضمانات دولية (وبالأخص روسية)، قد تنتهي، وقد لا تنتهي، بخروج الأسد من مستقبل سوريا ... أما الإصرار على “التنحي” و”التنحية” كشرط مسبق، فأحسب أن وقائع الميدان وتطورات الحرب، ستجعله أمراً غير مسلٍ على الإطلاق 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجيش السوري في تدمر أين من هنا الجيش السوري في تدمر أين من هنا



GMT 18:13 2021 الإثنين ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد في دمشق: ما الذي حمله في جعبته؟

GMT 14:13 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 14:38 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و"حرب السفن"

GMT 14:41 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

مدرستان في التفكير الإسرائيل حيال الأردن

GMT 15:57 2021 السبت ,03 إبريل / نيسان

الانتخابات الفلسطينية (1-2)

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 19:19 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مراهق فلبيني يدخل فرّامة كفتة لتنتهي حياته

GMT 20:36 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

أفضل أنواع وتصميمات الأحذية الرياضية وطرق العناية بهما

GMT 05:00 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

مجلس الشيوخ الأميركي يقر تعيين أول مسؤول في إدارة بايدن

GMT 05:13 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

نظام غذاء سري لأكبر أنواع أسماك القرش في العالم

GMT 06:08 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يعزز صدارته بفوز شاق على شيفيلد يونايتد

GMT 12:01 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

رونار وفكر الثوار

GMT 19:05 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 10:09 2021 الجمعة ,02 إبريل / نيسان

Isuzu تتحدى تويوتا بسيارة مميزة أخرى

GMT 18:28 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

مجلس الشعب السوري ينفي إصدار بطاقات هوية جديدة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia