الأردن في فييناأية أولويات

الأردن في فيينا...أية أولويات؟!

الأردن في فيينا...أية أولويات؟!

 تونس اليوم -

الأردن في فييناأية أولويات

عريب الرنتاوي

من بين الملفات السورية الشائكة والمتداخلة، يتعين على الدبلوماسية أن تولي جُلّ اهتمامها لملفين اثنين رئيسين: الأول، استغلال نافذة الفرص المفتوحة لإنشاء “مناطق آمنة توافقية” على الأرض السورية ... والثاني، ويتصل باحتمالات فتح الجبهة الجنوبية على نطاق واسع، خصوصاً مع توسيع سلاح الجو الروسي نطاق عملياته جنوباً، وتزايد المؤشرات على فتح جبهة تدمر الصحراوية، غير البعيدة على البادية الأردنية.
فيما خص الموضوع الأول، واستناداً إلى بيان “فيينا 1”، فقد وضع ملف اللاجئين السوريين على مائدة المحادثات الدولية من جديد، لكن “التوافقات” الإقليمية والدولية اقتصرت على الحديث عن زيادة الدعم الإنساني وضمان وصوله وسرعة تقديمه ... هنا يتعين على الديبلوماسية أن تذهب أبعد من ذلك، وأن تشرع في التحضير لمبادرة جدية كبرى، بالتنسيق مع روسيا والولايات المتحدة، لإخراج فكرة “المناطق الآمنة التوافقية” إلى حيز التنفيذ.
ومن أجل إعطاء هذه الفكرة زخماً أكبر، يمكن التنسيق مع لبنان، الذي يواجه مشكلة مماثلة، بل وأشد تعقيداً، وأثقل حملاً، بالمعنى النسبي والمطلق على حد سواء ... الأمر قد لا يكون سهلاً أو قريب المنال فيما خص تركيا التي تعتمد مقاربة مختلفة للأزمة السورية، وتعاني بدرجة أقل من ثقل أزمة اللجوء وتداعياتها، بل وقد ذهبت مؤخراً إلى “توظيف” ظاهرة اللجوء السوري، من أجل “ابتزاز” القارة العجوز فيما خص عضويتها في النادي الأوروبي، والضغط على المجتمع الدولي من أجل ترجمة طموحها بفرض إقامة مناطق عازلة مشفوعة بحظر جوي.
اجتماعات فيينا أظهرت الحاجة الدولية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، وقد بدا واضحاً أن عناصر هذا الحل الأساسية متوفرة، من وحدة سوريا وسيادتها واستقلالها، إلى ديمومة مؤسسات الدولة وصيانتها من الانهيار، لا أحد يتحدث عن إسقاط النظام أو تغييره، بعد أن اختصرت المسألة أو كادت، فيما بات يعرف بـ”عقدة الأسد” ... مثل هذه التوافقات، تسمح للأردن ببلورة هذه الفكرة وطرحها على المجتمع الدولي وتحميله مسؤولياته لحلها، بدءاً بالعاصمتين الكبريين: موسكو وواشنطن.
وسيكون بمقدور الدبلوماسية الأردنية توفير ما قد يشجع موسكو وحلفاءها على مساعدة الأردن في مسعاه هذا، إن أقدمت عمّان على طرح “وساطتها” بين وحدات الجيش الحر والجيش النظامي في المنطقة الجنوبية، مستفيدة من علاقتها و”دالتها” على العديد من الفصائل المسلحة من جهة، والقنوات التي لم تقطع مع دمشق من جهة ثانية، والعلاقة الطيبة وقنوات التواصل السياسي والأمني والعسكري المفتوحة مع موسكو من جهة ثالثة.
من دون ذلك، قد نواجه احتمال استمرار تدفق اللاجئين، وإن بمعدلات محدودة، والأهم أننا سنضطر للتعامل مع هذا التحدي لسنوات عديدة قادمة، ومع “جزء منه”، ربما إلى الأبد ... من مصلحة الأردن تحريك هذا الملف، وتحويله إلى محور من محاور تحرك الدبلوماسية الأردنية في المرحلة المقبلة.
الملف الثاني، وهو وإن كان من طبيعة عسكرية وأمنية بامتياز، إلا أن حقائق الصراع على الأرض في سوريا، أظهرت بالملموس أن أكثر الملفات، بما فيها العسكرية والأمنية، هي ملفات سياسية بامتياز ... وهنا مرة أخرى، تبدو مفاتيح الحل بيد موسكو، وبيدها وحدها ... وبمقدور عمان أن ترشح حلفاءها وأصدقاءها من الجبهة الجنوبية إلى قوائم التنظيمات المستهدفة بالمصالحة والمشاركة في حوارات فيينا القادمة ... فموسكو شأنها شأن واشنطن، تدركان أن معارضة الخارج لا نفوذ لها ولا تأثير على الأرض، وهما تبحثان عن معارضة ذات ثقل ونفوذ وتمثيل، بمن فيها المسلحة منها، وموسكو بالذات، أعلنت استعدادها للحوار مع الجيش الحر، بل وتأمينه بالدعم والغطاء الجويين، وهذا أمر يمكن أن يشكل مدخلاً، لحفظ أمن المنطقة الجنوبية، وتمرير مشروع “المناطق الآمنة التوافقية”، وقد يساعد الأردن على توفير حاجز صد منيع في مواجهة “داعش” و”النصرة”، أقله في المحافظات الجنوبية، من دون أن يتحمل كثيرا من الأعباء المادية والبشرية المباشرة.
هذا الملفان هما الأولى بالرعاية من وجهة نظر المصالح الأردنية الراهنة، وإذا كانت هناك من قيمة أو أهمية لجلوس الأردن على مائدة المحادثات متعددة الأطراف في فيينا أو غيرها، فأحسب أنها تكمن هنا، وهنا بالذات، حيث يمكن للأردن أن يحدث فرقاً أو يترك بصمة ... أما بقية الملفات السورية، وتحديداً أكثرها تعقيداً، والمتصلة بمستقبل النظام ودور الأسد، فأحسب أن الأردن لا يمتلك “القول الفصل” بشأنها، والأرجح أنه لا يمتلك صوتاً مرجحاً بخصوصها.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأردن في فييناأية أولويات الأردن في فييناأية أولويات



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia