هل تخلفنا بسبب ديننا

هل تخلفنا بسبب ديننا؟

هل تخلفنا بسبب ديننا؟

 تونس اليوم -

هل تخلفنا بسبب ديننا

بقلم : معتز بالله عبد الفتاح

جوهر الخلل فى خطابنا الإسلامى يأتى من الانفصال المختلق بين واجباتنا الدينية وواجباتنا الدنيوية. كتبت من قبل عن واحدة من أعظم مقولات الزكى النجيب محمود فى كتابه «رؤية إسلامية»، وهو حديثه عن أن المسلمين فقدوا «الحس الإسلامى» الذى يزرعه الإسلام فى العقل المسلم. ويبدو أن هذا الحس الإسلامى هو أساسيات الحياة الدينية والدنيوية السليمة وما فيها من أولويات واضحة. وهو ما عبر عنه الشيخ محمد الغزالى فى كتابه «مشكلات فى طريق الدعوة الإسلامية» بالكثير من الأمثلة. فقد جاءه صيدلانى يبحث قضية «صلاة تحية المسجد» فى أثناء خطبة الجمعة، فسأله: «لماذا لا تنصر الإسلام فى ميدانك، وتدع هذا الموضوع لأهله؟ إن الإسلام فى ميدان الدواء مهزوم! ولو أراد أعداء الإسلام أن يسمموا أمته فى هذا الميدان لفعلوا، ولعجزتم عن مقاومتهم! أليس من الأولى بك أن تصنع شيئاً لدينك فى ميدان خلا منه، بدل الدخول فى موازنة بين الشافعى ومالك؟».

يقول الشيخ: «كثير من الشباب يظنون التقوى هى بذل وقت أكبر فى سماع الخطب والدروس الدينية والأخذ بقدر يسير من شئون الدنيا وعلوم الحياة، إن الإسلام لا يكسب خيراً من هذا المسلك، ولا تنتصر عقائده إذا كان أهله فى بلاهة الهنود الحمر مهما كانوا حسنى النية؛ املك أيها المسلم ناصية الحياة بعلم واقتدار تقدر على نصر الحق الذى تعتنق». التقى الشيخ الغزالى رجلاً رغب أن يحج للمرة الثالثة فقال له: كم تتكلف هذه الحجة؟ فقال الرجل: قرابة ألف جنيه (آنذاك)، فرد الشيخ: سأدلك على عمل أفضل: إن فلاناً تخرّج وهو فقير يحتاج أن يبدأ مشروعاً، فضع فى يد الشاب المتخرج هذا المبلغ يبدأ به حياة تنفعه وتنفع أمته، ولك عند الله ثواب أكبر من ثواب حجتك هذه!! فرفض الرجل. يرد الشيخ الغزالى: إن جمهوراً غفيراً من المسلمين لا يدرى أبعاد المأساة التى تعيش فيها أمته، ولا مدى التخلف الرهيب الذى يهدد يومها وغدها، ومن ثم فهو يتخبط فى دينه بعشوائية تقدم النافلة على الفريضة. ويستغرب الشيخ الغزالى من أنه «يوجد بين المتدينين من يعتبر الدساتير بدعة مردودة، لأن ضبط نواقض الوضوء أهم عنده من ضبط العلاقة بين الحاكم والمحكوم!». وعن التكلف فى الدعوة يقول الشيخ: «الذى رأيته فى ميدان الدعوة من أربعين سنة أو يزيد، أن أكثر المعارف الدينية المتداولة بيننا زيادة عن الذى نحتاجه، وأن عُشر ما يعلم المسلمون يكفيهم فى فقه الإسلام كله، ويبقى عليهم بعد ذلك أن ينصرفوا إلى العمل المثمر».

من أسف، نحن نمنا فى نور مبادئ عظيمة أرسلها رب عظيم على قلب رسول كريم فى كتاب مكنون، واستيقظ غيرنا فى ظلام غياب كل هذا، فانتصر المخلص فى مبادئه حتى لو كانت خاطئة على المتهاون فى مبادئه حتى لو كانت صحيحة. لا شك عندى أن سياسات النظام السابق قد وسعت من الفجوة بين قيم الدين الحنيف وسلوكيات أفراده. ولكن المعضلة أن أخلاق ما بعد الثورة لا تؤكد أن هناك عودة سليمة لجوهر الإسلام بعد.ربما تكون فوضى المرحلة الانتقالية، أو ربما هو «عيب مصنع» يحتاج لأن نعيد التفكير فى الماكينة التى أنتجته.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تخلفنا بسبب ديننا هل تخلفنا بسبب ديننا



GMT 07:23 2017 السبت ,25 شباط / فبراير

أكثر ما يقلقنى على مصر

GMT 05:23 2017 الأربعاء ,22 شباط / فبراير

من المعلومات إلى القيم والمهارات

GMT 06:34 2017 السبت ,18 شباط / فبراير

جاستن ترودو: رئيس وزراء كندا - الإنسان

GMT 05:38 2017 الخميس ,16 شباط / فبراير

نصائح للوزراء الجدد

GMT 06:07 2017 الثلاثاء ,14 شباط / فبراير

من أمراضنا الأخلاقية

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia