هل الدين سبب الحروب

هل الدين سبب الحروب؟

هل الدين سبب الحروب؟

 تونس اليوم -

هل الدين سبب الحروب

معتز بالله عبد الفتاح

هل الدين سبب الحروب؟هذا سؤال تاريخى، أثاره الدكتور محمد عبدالستار البدرى فى مقال حديث له فى جريدة «الشرق الأوسط»، لتكون الإجابة أن الدول كانت عادة ما تلجأ للدين كوسيلة للتعبئة الشعبية تاريخياً.

يقول «البدرى» إنه وجد فى الدراسة العملية لعالم العلاقات الدولية كاليفى هولستى أفضل خريطة لفهم الحروب الدولية خلال الفترة الممتدة من عام 1648 وحتى عام 1989 (أى بُعيد سقوط الاتحاد السوفياتى). وتعكس هذه الدراسة بوضوح أن الدين أو الأيديولوجية لم يلعبا دوراً محورياً كسبب أساسى لاندلاع الحروب على المستوى الدولى، وتستند الدراسة فى ذلك إلى أهم التحليلات التالية:

أولاً: أن العامل المشترك لأغلبية الحروب على مدار هذه الفترة كان الاستحواذ على الأرض أو نشر النفوذ أو لأسباب استراتيجية مرتبطة بالأرض. ولقد مثل ذلك ما يقرب من 34% من الأسباب المؤدية لاندلاع الحروب خلال الفترة بين عامى 1648 و1814، سواء كسبب منفرد أو ضمن أسباب أخرى. ويلاحظ أن هذا العنصر بدأ يقل تدريجياً بعد هذا التاريخ ليصبح قرابة 20% خلال الفترة من عام 1814 إلى عام 1945 (أى بنهاية الحرب العالمية الثانية). ثم تنحدر هذه النسبة لتصل لقرابة 8% خلال حقبة «الحرب الباردة». وهو ما يعنى أن عامل التوسع الجغرافى بدأ يقل تدريجياً مع انخفاض نسبة الحروب الدولية أخيراً، ويرجع ذلك فى التقدير إلى أن فى العالم اليوم حدوداً دولية معروفة تحظى بالاعتراف والاحترام الدوليين، ومن ثم ما عاد عنصر الأرض يشكّل سبباً قوياً فى الحروب الحديثة.

ثانياً: مثّل عامل التجارة والاستحواذ على الطرق التجارية الدولية قرابة 15% من الأسباب المؤدية للحروب خلال الفترة من عام 1648 وحتى عام 1814، وهو أمر طبيعى بسبب الصراع الدولى على هذه الطرق خلال هذه الفترة وانتشار مفهوم «المركانتيلية» أو قصر التجارة بين الدولة الأم ومستعمراتها. ولكن بمرور الوقت أصبحت هذه النسبة منعدمة مع تطور الظروف الدولية، وإقرار مبدأ حرية التجارة الدولية وانتهاء السيطرة على الطرق الدولية للتجارة.

ثالثاً: مثلت وراثة العروش سبباً ملحوظاً فى بعض الحروب - وبالذات فى أوروبا - خلال الفترة من عام 1648 وحتى عام 1814، وصلت إلى قرابة 12%. ولكن مع تغير السياسة الدولية واستقرار مفهوم الدولة وسبل الحكم فيها اندثر هذا العنصر كسبب للحروب الدولية بشكله التقليدى.

رابعاً: مثل عنصر الحفاظ على الدولة وأنظمتها أكثر العناصر المستقرة على مر الفترات الزمنية بمعدل يصل إلى 7.5% تقريباً. وهذا أمر مفهوم، إذ إن بقاء الدول يعد عاملاً مستمراً فى السياسة الدولية ويؤدى إلى الحروب، فالتحالفات الدولية وأهداف كل دولة تمثل سبباً مباشراً حتى اليوم فى الحفاظ على الدولة أو تغيير نظامها السياسى.

خامساً: لم تمثل الأيديولوجية كعنصر مسبب للحروب إلا نسبة ضئيلة للغاية من أسباب الصراع الدولى لم تتخط فى أحسن الحالات أكثر من 3% من أسباب اندلاع الصراعات. وهذا ما يعكس حقيقة أساسية هى أن الدين وحده ليس محركاً للحروب، بل لا بد من البحث عن المسبب الحقيقى بدل التركيز على الأسباب الشكلية.

سادساً: تشير الدراسة إلى أنه خلال الفترة الباردة تلاحظ وجود تفتّت ملحوظ فى الأسباب المؤدية للصراعات، إذ لم يعد هناك سبب واحد مهيمن على أسباب اندلاع الحروب، فغدا عنصر الإبقاء على الدولة أو النظام الحاكم يمثل قرابة 9%، بينما صارت العناصر الأخرى مثل الأراضى والحركات التحرّرية وبناء الدولة.. إلخ. أكثر ظهوراً من غيرها بنسب غير بعيدة عن الرقم سالف الذكر.

انتهى كلام الدكتور البدرى ويظل الدين موضع استغلال من المشتغلين بالسياسة سواء فى الصراعات الدولية أو الحروب الأهلية أو المنافسات السياسية دون أن يكون بذاته السبب المباشر حتى لو لجأ له كثيرون مثل لجوئهم للدعاية والشعارات التى تستهدف رفع الروح المعنوية للجنود وشيطنة الآخرين.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل الدين سبب الحروب هل الدين سبب الحروب



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia