هل أخطأت الدولة مع أمناء الشرطة

هل أخطأت الدولة مع أمناء الشرطة؟

هل أخطأت الدولة مع أمناء الشرطة؟

 تونس اليوم -

هل أخطأت الدولة مع أمناء الشرطة

معتز بالله عبد الفتاح

لا أنكر على أى من الأصدقاء الذين أخذتهم الحمية فى مطالبة الدولة بالضرب بيد من حديد أو الدفاع عن هيبة الدولة وتطبيق القانون بصرامة وبدون التفكير فى العواقب.ينصح المفكر الصينى صن تسو، صاحب كتاب «فن الحرب» الذى ألفه منذ 2500 سنة، من يخوض معركة بما يلى: «اختر معاركك ولا توحد أعداءك ضدك، ولا تصنع أعداء جدداً وأنت فى وسط معركة مع أعداء أصليين».هى ليست «عركة» فى حارة.البلد بالفعل فى معركة واضحة مع الإرهاب، وأخرى مع ملفات الدولة الرثة، وفتح ملفات الإهمال والفساد تباعاً.حين يكون الجسد مريضاً بعدة أمراض، تكون الأولوية للمرض الأكثر فتكاً وتهديداً لحياة الإنسان، ثم تأتى المعارك والأمراض الأخرى.إذن الدرس: لا توحد أعداءك ضدك يا ريس.ما الذى فعله الدكتور مرسى؟دخل فى معارك غير محسوبة مع أهم أجهزة الدولة، وفئات المجتمع المختلفة حتى توحدنا جميعاً ضده وضد جماعته.ما الذى فعله صدام حسين؟وحد جيوش 33 دولة ضده من الولايات المتحدة انتهاء بالسنغال التى أرسلت 500 جندى.ما الذى فعله هتلر فى الحرب العالمية الثانية؟خاض معارك ضد كل أوروبا من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، وظن أنه قادر على الانتصار على جيوش فرنسا وإنجلترا وروسيا وأمريكا وغيرها من بقية دول العالم التى تحالفت ضده فانتصرت عليه.ما الذى فعله مبارك بعد انتخابات 2010؟حوّل منافسيه إلى خصوم تكتلوا ضده، فقضوا على نظامه.ما الذى فعله النبى محمد، صلى الله عليه وسلم؟دخل فى صلح الحديبية لتأمين الجبهة الجنوبية للمدينة، ثم دخل فى معارك وغزوات مع أعدائه فى الشمال والشرق والغرب.هذا وحى السماء أو عبرة التاريخ أو إلهام القيادة، لكنها خاصية مشتركة لكل الناجحين فى قيادة الأمم وسياسة الشعوب.هل معنى كلامى ألا نواجه الفساد والإهمال والخروج على القانون؟يقيناً هذه من أولى أولويات الإصلاح، ولكن افعل ذلك دون أن تعرض الدولة والمجتمع لعوامل عدم استقرار تجعل تكلفة الإصلاح أكبر من تكلفة الفساد والإهمال والخروج على القانون. بعبارة أخرى، علينا أن نقود السيارة بأسرع سرعة ممكنة دون أن نتعرض لحادثة تقضى علينا، أو نهدد حياة من هم داخل السيارة.لا أنكر على من يرى أن يد الدولة كانت «رخوة» فى تعاملها مع قضية أمناء الشرطة، فهم أخذتهم الحمية والأمل فى دولة القانون.وهو ما أحلم به وأتمناه وأعمل من أجله كذلك.ولكن دعونا نرتب أولوياتنا فى حدود إمكاناتنا.الطريق إلى دولة بلا سيادة (أى أمن الوطن والمواطن، استقرار المجتمع، استقلال القرار الوطنى، تماسك المؤسسات) مفروش بالنوايا الحسنة والشعارات الرنانة والاندفاع غير المدروس. ولولا أن سترها الله مع مصر، لكان زمان مصر ساحة معركة لقرارات وأسلحة تأتى لفصيل فى مواجهة فصيل من الخارج.وما أشقاؤنا فى الدول العربية، عنا ببعيد.أكرر أن دولة القانون لا بد أن تعلو فوق كل المواطنين، بمن فيهم القائمون على إعمال القانون من ضباط وأمناء الشرطة وكل مؤسسات الدولة. هذا موقفى الثابت الذى لا رجعة فيه.ولكن لا ينبغى لعاقل أن يفتح جبهة جديدة إلا بعد أن يضمن أن الجبهات الأخرى أصبحت تحت السيطرة.أكتب بعد أن هدأت الأمور، حتى نستوعب الدرس. أكتب بعد أن هدأت الأمور، حتى نفرق بين السياسة كأحداث وردود أفعال، وفلسفة السياسة كرؤية لعملية إصلاح تهدد مراكز فساد وإهمال وإرهاب مستقرة.إذن، الحذر الحذر، فإن العقبة كؤود، والحمل ثقيل، والسفر طويل، والعدو خبيث.والله أعلم.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل أخطأت الدولة مع أمناء الشرطة هل أخطأت الدولة مع أمناء الشرطة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia