مبادرات رئاسية وتكليفات حكومية

مبادرات رئاسية وتكليفات حكومية

مبادرات رئاسية وتكليفات حكومية

 تونس اليوم -

مبادرات رئاسية وتكليفات حكومية

معتز بالله عبد الفتاح

أزعم أن جموع المصريين ينتظرون من الرئيس سبع مبادرات يكلف بها الحكومة المقبلة كى تضعها كجزء من برنامجها الانتخابى الذى سيعرض على البرلمان.

المبادرة الأولى: برنامج تشغيل الشباب عبر مشروع «كتائب الخدمة المدنية»، أو ما سميته فى مقال سابق الـ«سى سى سى»، الذى تقوم الآن إحدى اللجان المتخصصة التابعة للرئاسة بالتواصل معى من أجل تفعيله.

المبادرة الثانية: برنامج إعداد القيادات الشابة، الذى كتبت عنه من ثمانية أشهر وتحدث عنه السيد الرئيس، لكنه لم يرَ النور حتى الآن، مصر تعانى خللاً كبيراً فى كفاءة القائمين على مفاصل الدولة فيها. حين وجدت فرنسا، والصين، والمكسيك، وغيرها أن هذه المشكلة تؤثر سلباً على كفاءة الجهاز الحكومى، صنعت «مدرسة الإدارة العليا» حيث يدرس الملتحقون بها مقررات عن الدستور والقانون والإحصاء والتاريخ والعلاقات الدولية وأنظمة الحكم والاقتصاد والمالية العامة والإدارة والكمبيوتر، حتى يكونوا مستعدين للمناصب الحكومية، فلا يتولى موقع السلطة على أى مستوى، من العمدة وحتى رئيس الجمهورية، إلا من حصل على حد أدنى من تعليم عالٍ، بما فى ذلك المناصب التشريعية. أتذكر تعليقاً من الرئيس قال فيه: «أنا أتمنى لو أن الحد الأدنى للمستوى التعليمى لأعضاء مجلس النواب يكون الماجستير، أو حتى الدكتوراه، حتى نرفع الكفاءة العلمية للمشرعين، ولكن نحن ملتزمون بالدستور». ولكن من الآن وحتى انتهاء فترة حكم الرئيس يمكن إعداد كوادر شابة كثيرة كى تتولى زمام الإدارة والحكم، لكن عن دراسة وفهم وعلم. المبادرة الثالثة: برنامج التحول الديمقراطى. مصر بحاجة إلى أحزاب وطنية قوية حتى لا تظل الساحة الوطنية المصرية مشاعاً للإخوان ورفقائهم. يوجد فى مصر حالياً 86 حزباً، لكنها لا تملك من وظائف الأحزاب الكثير. وبالمناسبة وظائف الأحزاب الأساسية أربع: تشكيل الحكومة حال فوزها بالأغلبية، معارضة الحكومة وتقديم طرح بديل حال خسارتها، التجنيد السياسى لكفاءات جديدة تضخها فى الحياة العامة، التعبير عن مصالح وقيم المواطنين. على الرئيس السيسى أن يصنع معارضته الحزبية الوطنية القوية. أحزاب ليس لها امتدادات خارج الوطن، تكون فى معظمها حول يمين الوسط ويسار الوسط، وأن يكون النظام الانتخابى، سواء داخل الأحزاب أو بين الأحزاب، يدعم هذه الأحزاب ويشجع وجود الشباب والمرأة فيها بكثافة. ولا بد أن يكون لكل حزب مركز دراسات متخصص فى مجالات العمل العام المختلفة حتى يشخّص المشاكل ويستفيد من الأبحاث والدراسات والتوصيات، بل وخبرات الدول الأخرى فى تكوين رؤية الحزب لمشكلات مصر. لا نتوقع أن يكون لدينا منتخب رياضى قوى ونحن نعتمد على الساحات الشعبية، لا بد من وجود أندية محترفة تقوم بمهام اكتشاف المواهب وصقلها وإعدادها للمهام المختلفة.

المبادرة الرابعة: برنامج للتعليم البديل. الكوريون حين بدأوا نهضتهم الاقتصادية تحت حكم «تشانج بارك هى» كانوا يسألون: «هل لا بد من وجود مدرسة حتى نتعلم؟ أم يمكن أن نتعلم فى أى مكان ويصبح هذا المكان هو المدرسة؟»، كانت إجابة «تشانج بارك هى»: «حيث يوجد العلم والتعلم، تكون هذه هى المدرسة». وكان يقصد بذلك أن المدرس يمكن أن يعلم الطلاب فى أى مكان: فى الشارع، فى الحقل، تحت الشجرة، بجوار بناية قديمة. المهم أن تكون هناك «سبورة، وطباشيرة، ومعلم يريد أن يعلم، وأطفال وشباب يريدون أن يتعلموا». أعلم أن إصلاح أحوال التعليم الحالى فى مصر مسألة تكاد تكون مستحيلة. لكن أشارك مع بعض زملائى فى تجربة جديدة، أقوم فيها بتدريس مقرر التاريخ للثانوية العامة عبر تبسيط المقرر جداً والتركيز على الدروس المستفادة من الحدث التاريخى. التجارب الأولى للمشروع تثبت أن استخدام الإنترنت يمكن أن يكون بديلاً عن الفصل الدراسى التقليدى. مصر بحاجة إلى أن تصنع اختراقاً تعليمياً استثنائياً بعيداً عن الأساليب التقليدية التى لم تعد مجدية.

المبادرة الخامسة، مدونة وطنية للقيم والأخلاق والسلوك. مصر دولة بلا «دماغ»، وبلا بوصلة أخلاقية واضحة. الرئيس انتقد الخطاب الدينى، وانتقد الإعلام، وانتقد الكثير مما يقع فى إطار الوظيفة التربوية للدولة. الدولة مسئولة عن تربية مواطنيها على حد أدنى من مكارم الأخلاق. وهذا جزء مهم من الفارق بين المجتمعات المتقدمة والمجتمعات المتخلفة. الدولة مسئولة عن خمسة خطابات: الخطاب السياسى، الخطاب الدينى، الخطاب التعليمى، الخطاب الإعلامى، الخطاب الثقافى والفنى. وكل هذه الخطابات تتحرك بلا بوصلة توضح ما هو الصواب وما هو الخطأ. هل هذا الكم من الألفاظ البذيئة التى يطلقها الناس على الشاشات تدخل فى إطار المقبول من الدولة أم المرفوض من الدولة؟ واضح أنه مقبول من الدولة، بدليل سكوتها عليه، ولكن ما تسمعه من قيادات الدولة مختلف تماماً عن هذا «القبول»، لأنه «قبول علنى» و«رفض شخصى». هذه النوعية من المدونات الوطنية توضح للقائمين على الخطابات التربوية المختلفة الحد الأدنى مما هو مقبول والحد الأقصى لما هو غير مقبول.

المبادرة السادسة، مبادرة ترشيد الزيادة السكانية لمدة 3 سنوات. الوضع لا يتحمّل المزيد من الإنجاب غير المنضبط. لا بد من حملة تربوية يستخدم فيها: الخطاب السياسى، الخطاب الدينى، الخطاب التعليمى، الخطاب الإعلامى، الخطاب الثقافى، لتوضيح المخاطر وطرق العلاج. وفى أعقاب الحملة التربوية، لا بد من تدخل سيف القانون، حماية لمصر من بعض المصريين الذين لا يدركون الآثار السلبية لقراراتهم الشخصية.

المبادرة السابعة، مبادرة السلم الاجتماعى. وتقوم على مبدأ أساسى، وهو: «من التزم القانون فهو آمن، من التزم السلمية فهو آمن، من يُرد أن يشارك فى العملية السياسية سلمياً فهو آمن. من يرد إسقاط الدولة وإنهاك المجتمع وإفشال الحكم، فقد اختار أن يوضع تحت طائلة القانون». فى الختام أقول.. أعلم أن الاستثمار فى البشر أصعب كثيراً من الاستثمار للبشر، أعلم أن صناعة العقول وتوطين الأخلاق صناعة ثقيلة ومجهدة، لكنها الفريضة الغائبة، ودونها سنظل نحل مشكلات جزئية، فى حين أن القاسم المشترك فى كل مشكلاتنا، وهو الإنسان المصرى، سيظل بعيداً عن التطوير المطلوب.

الرئيس السيسى الآن على مقعد القيادة، وأتوقع منه أن يقودنا إلى حيث قال الدكتور جمال حمدان، رحمة الله عليه: «إن ما تحتاجه مصر أساساً إنما هو ثورة نفسية، بمعنى ثورة على نفسها أولاً، وعلى نفسيتها ثانياً، أى تغيير جذرى فى العقلية والمثل وأيديولوجية الحياة قبل أى تغيير حقيقى فى حياتها وكيانها ومصيرها.. ثورة فى الشخصية المصرية وعلى الشخصية المصرية.. ذلك هو الشرط المسبق لتغيير شخصية مصر وكيان مصر ومستقبل مصر». (د. جمال حمدان، شخصية مصر: دراسة فى عبقرية المكان). قولوا يا رب.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مبادرات رئاسية وتكليفات حكومية مبادرات رئاسية وتكليفات حكومية



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia