خمسة تحديات أمنية كبرى فى الشرق الأوسط

خمسة تحديات أمنية كبرى فى الشرق الأوسط

خمسة تحديات أمنية كبرى فى الشرق الأوسط

 تونس اليوم -

خمسة تحديات أمنية كبرى فى الشرق الأوسط

بقلم معتز بالله عبد الفتاح

كجزء من محاولاتها للتخطيط لسياساتها فى المستقبل، تقوم مراكز الدراسات الغربية بتقييم الأوضاع فى منطقتنا. وقد قدمت مجموعة عمل استراتيجية الشرق الأوسط التابعة للمجلس الأطلسى، وبالتعاون مع مؤسسة بروكنجز، تقريراً بعنوان: «الأمن والنظام العام»، حيث استعرض التقرير أبرز التهديدات فى منطقة الشرق الأوسط، والسياسات التى يمكن اتباعها لمواجهة هذه التهديدات. وقد قامت الباحثة منى مصطفى برصد أهم ما جاء فى هذا التقرير كجزء من نشرات مركز المستقبل للدراسات.

يركز التقرير على خمسة تحديات كبرى تواجه الشرق الأوسط:

أولاً: تصاعد الحروب الأهلية

تعانى منطقة الشرق الأوسط تصاعد الحروب الأهلية بشكل مستمر، مما يهدد مصالح الدول الغربية، التى يجب عليها أن تقوم بتدخلات مباشرة لإنهاء هذه الحروب، بيد أنه من الممكن أن تؤدى مثل هذه التدخلات لمزيد من الفوضى فى المنطقة إذا ما تم الانحياز لطرف على حساب طرف آخر، وذلك طبقاً لما ذكره التقرير.

وفى هذا الصدد، تشير إحدى الدراسات إلى أن 75% من الحروب الأهلية على مستوى العالم قد انتهت بانتصار أحد الأطراف مع تدمير الطرف الآخر بشكل كامل، فيما بلغت نسبة الحروب الأهلية التى انتهت عن طريق التفاوض بين أطراف المعركة، والتوصل إلى تسوية سلمية، نحو 5%، وقدر عدد الحروب الأهلية التى انتهت عن طريق وساطة طرف خارجى بحوالى 20%.

ويستبعد التقرير نجاح أى جهود للوساطة الخارجية فى منطقة الشرق الأوسط إذا لم يصاحبها تدخل خارجى مباشر يجعل جميع الأطراف متعادلين فى القوة، على أن يتم بعد هذا التدخل ضمان تمثيل مناسب وعادل فى المناصب السياسية المختلفة لجميع الأطراف. ويقترح التقرير أن تكون هذه الوساطة الخارجية بقيادة أمريكية.

ثانياً: التمدد الإيرانى الإقليمى

لم تتوقف محاولات طهران لزعزعة استقرار المنطقة منذ سنوات طويلة؛ ففى عام 1980 قامت إيران بقصف المدن الحدودية العراقية، مما أدى إلى قيام حرب الخليج الأولى، كما دعمت الجمهورية الإسلامية حزب الله بعد الغزو الإسرائيلى للبنان، فضلاً عن غيره من التنظيمات فى المنطقة.

ويرى التقرير أن إيران استطاعت استغلال الفوضى المنتشرة فى الإقليم، وانهيار العديد من أنظمة الحكم من أجل تنفيذ مشروعها للتمدد الإقليمى. كما يتوقع التقرير أن يؤدى الاتفاق النووى الإيرانى مع الغرب إلى دعم الاقتصاد الإيرانى، مما يشجع طهران على الإبقاء على سياستها العدوانية، ويحفز الاستقطاب فى المنطقة والمشاعر العدائية ضدها.

ثالثاً: الصراع العربى - الإسرائيلى

على مدار سنوات طويلة، ظل الصراع العربى - الإسرائيلى القضية المحورية، التى تستحوذ على اهتمام المعنيين بشئون المنطقة، بيد أنه منذ عام 2011 تراجع هذا الاهتمام بعض الشىء. ويؤكد التقرير ضرورة إعادة الاهتمام بهذه القضية، لا سيما من جانب الدول الغربية التى تتعرض للمقاطعة الاقتصادية، وسحب الاستثمارات العربية منها بسبب دعمها إسرائيل.

ويرى التقرير أن الفترة الحالية تعد الأكثر ملاءمة للتوصل إلى تسوية سلمية للصراع العربى - الإسرائيلى؛ حيث إنه فى الفترة الأخيرة شهدت كل من حركتى حماس وحزب الله تراجعاً واضحاً، كما تراجعت قوة العديد من الأنظمة العربية التى تعادى إسرائيل. ومن وجهة نظر مُعدى التقرير أيضاً، أصبح ثمة أعداء مشتركون لكل من العرب وإسرائيل، وهم: إيران، و«داعش». ويطالب التقرير بأن تراعى أى تسوية مستقبلية لهذا الصراع، قضية اللاجئين الفلسطينيين.

وحسب التقرير، لا يتعامل العرب مع الصراع الإسرائيلى من المنظور البراجماتى الغربى نفسه، ومن ثم فإنه على الدول الغربية أن تقوم بالوساطة بين الطرفين، مع توضيح الفرص والمزايا للدول العربية فى حال تحقق السلام.

رابعاً: انخفاض أسعار النفط

تعتمد العديد من دول الشرق الأوسط على النفط كأحد مصادر دخلها الرئيسية، بيد أن السوق العالمية تشهد انخفاضاً ملحوظاً فى أسعار النفط، وهو الانخفاض الذى يتوقع التقرير أن يستمر لعدة سنوات مقبلة، وهو ما سيؤدى إلى خلل واضح فى موازنات بعض دول المنطقة.

وفى السياق ذاته، يحذر التقرير من أن يؤدى استمرار تراجع أسعار النفط إلى تفاقم المشكلات الأمنية، وزيادة عدد الدول الفاشلة فى الإقليم، وتصاعد الحروب الأهلية. ويزداد هذا الأمر حدة فى الدول التى تعانى مشكلات هيكلية بالأساس، مثل العراق، والتى لن تستطيع تحمل تكلفة الحرب على جماعات إرهابية، مثل «داعش»، وهو ما سوف يؤدى لاستمرار تمدد هذه التنظيمات.

من ناحية أخرى، فإن انخفاض أسعار النفط قد يؤدى إلى لجوء بعض دول المنطقة للاستدانة المشروطة من الدول والمؤسسات الغربية، وغالباً ما سوف ترتبط شروط هذه القروض ببرامج إصلاح سياسية واقتصادية واجتماعية.

خامساً: تحدى مكافحة الإرهاب

يعد الشرق الأوسط من أكثر المناطق التى ينتشر بها الإرهاب؛ وهو ما يرجعه التقرير إلى الإحباط الاقتصادى والاجتماعى الذى يواجهه سكان هذه المنطقة. ومن ثم فإن أى استراتيجية لمكافحة الإرهاب فى الشرق الأوسط يجب أن تبدأ بإنشاء برامج إصلاح اقتصادى وإدماج اجتماعى، إلا أن أغلب حكومات الإقليم تتعامل مع هذه المقترحات باعتبارها نوعاً من الرفاهية، وتكتفى بالاعتماد على الأداة العسكرية بشكل مركزى.

كذلك يعتبر التقرير أن إنشاء التحالفات مثل «الناتو» NATO قد أسهم فى الحفاظ على أمن القارة الأوروبية، بل ودفعها للتطور قُدماً. ومن ثم، فإنه يقترح إنشاء تحالف يجمع بين الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط، بما فيها إيران، بحيث يقوم هذا التحالف على تدابير واتفاقيات لمنع استخدام القوة المسلحة بين دوله، مع وجود آليات فعَّالة لتسوية الصراعات بالطرق السلمية، والسعى نحو التوصل إلى اتفاقيات للحد من التسلح.

وقد تسعى إيران لإفشال هذا التحالف فى البداية. وطبقاً للتقرير، فإن مراجعة تصريحات بعض المسئولين الإيرانيين المعتدلين تكشف عن قبولهم هذه الفكرة وترحيبهم بها، ومنهم جواد ظريف، وزير الخارجية الإيرانى، فى حوار له مع جريدة نيويورك تايمز عندما كان سفيراً لإيران فى الأمم المتحدة.

كما يشير التقرير إلى أنه قد تحدث بعض المحاولات لإفشال التحالف المقترح من جانب الدول التى لديها مصالح سياسية واقتصادية فى المنطقة مثل: الصين، والهند، وروسيا، لكن يتعين على الولايات المتحدة احتواء تخوفات هذه القوى الدولية، ودعوتها للمشاركة فى هذا التحالف، إلا أن وجود روسيا سوف يثير غالباً القلاقل، وقد يؤدى إلى إفشال التحالف، ومن ثم يجب تحييدها تماماً.

إجمالاً، يؤكد التقرير أن التهديدات الأمنية التى تواجه دول الشرق الأوسط تتجه نحو مزيد من التشابك والتعقيد المستمر، ولم يعد يجدى معها الحلول التقليدية، وأصبحت هناك حاجة ضرورية لإيجاد أساليب إبداعية وابتكارية لإنهاء هذه التهديدات، أو ما يمكن أن يطلق عليه «الأمن الابتكارى».

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خمسة تحديات أمنية كبرى فى الشرق الأوسط خمسة تحديات أمنية كبرى فى الشرق الأوسط



GMT 07:23 2017 السبت ,25 شباط / فبراير

أكثر ما يقلقنى على مصر

GMT 05:23 2017 الأربعاء ,22 شباط / فبراير

من المعلومات إلى القيم والمهارات

GMT 06:34 2017 السبت ,18 شباط / فبراير

جاستن ترودو: رئيس وزراء كندا - الإنسان

GMT 05:38 2017 الخميس ,16 شباط / فبراير

نصائح للوزراء الجدد

GMT 06:07 2017 الثلاثاء ,14 شباط / فبراير

من أمراضنا الأخلاقية

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 17:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 14:26 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت الخميس29-10-2020

GMT 14:52 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 13:46 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الثور الخميس 29-10-2020

GMT 18:06 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 18:37 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 09:37 2020 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

إليك وجهات سياحية رخيصة يمكن السفر إليها في بداية العام

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 22:42 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

هاني شاكر يشارك جمهوره أول أغنية له في 2021 "كيف بتنسى"
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia