أيوه منّا إرهابيون كثيرون

أيوه.. منّا إرهابيون كثيرون

أيوه.. منّا إرهابيون كثيرون

 تونس اليوم -

أيوه منّا إرهابيون كثيرون

معتز بالله عبد الفتاح

اليوم، أغلب المسلمين ليسوا إرهابيين، لكن أغلب الإرهابيين مسلمون. مسلمون يقتلون مسلمين وغير مسلمين بأعداد كبيرة فى مناطق كثيرة من العالم.

أعلم أن هتلر وموسولينى وستالين وبول بوت وشارون والعصابة الصهيونية ليسوا مسلمين.

ولكن أعلم كذلك أن باسم الإسلام ارتكب كثيرون منا جرائم لا يقبلها الإسلام.

لماذا؟

النص + العقل = التفسير.

والتفسير يتأثر بالبيئة الحاضنة والظرف التاريخى وهو مقدمة للفعل.

النص، على الأقل النص القرآنى، واحد يقرأه شيخ الأزهر ويقرأه أيمن الظواهرى، لكن بيننا من يفسره دون النظر إلى سياقه. ونحن أساتذة فى نزع السياقات وتلوين الآيات ولى عنق النصوص.

نعم بيننا إرهابيون حين يستدعون الآية التى تقول: «قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صاغرون».

ولكنهم لا يعرفون أنها حكم مطلق قيده فى آية أخرى تقول: «وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا، إن الله لا يحب المعتدين».

ويذهب هؤلاء إلى أن الآية الأولى التى نزلت فى سورة التوبة (وهى من أواخر ما نزل من القرآن الكريم) نسخت الآية الثانية التى نزلت فى سورة البقرة، وكأن الله، بزعمهم، أصبح فى آخر حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم) يحب المعتدين. وحب الاعتداء ظلم، والظلم نقص والله تعالى منزه عن كل نقص.

والإسلام ليس مختلفاً عن غيره؛ فداخل الدين الواحد وداخل النص المقدّس الواحد يتفاعل العقل البشرى على نحو يغلب آية على آية أو سياقاً على سياق. ففى التوراة، هناك نص يدعو اليهود أن «أحبوا جيرانكم كما تحبون أنفسكم» (Leviticus 19: 18) وهناك نص آخر يدعوهم أن: «اقتلوا كل رجل وكل امرأة، طفل ورضيع، خراف وماشية، جمال وحمير ممن يعبدون رباً آخر» (Sam 15: 3).

وفى الإنجيل، يقول السيد المسيح (عليه السلام) لحوارييه: «أدر خدك الآخر لمن يضربك» (Matthew 5: 39)، لكن هناك نصاً آخر يقول لهم «أنا لم آتِ كى أجلب السلام، بل جئت للسيف» (Matthew 10: 34)، ثم يقول لهم «من لم يشترِ سيفاً، فعليه أن يبيع ما يملك ويشترى سيفاً» (Luke 22: 36).

وفى القرآن الكريم: «مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً»، وهناك آية أخرى فى سورة «التوبة» تقول: ««فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ».

مفهوم لكل معتدل فى تديّنه أن لكل آية سياقها، وأن آيات القرآن الكريم التى نزلت لحض المؤمنين على القتال نزلت وهم أقرب إلى ساحة المعركة، بل ربما وهم فيها. وبالتالى لا مناص من الحرب. ومفهوم كذلك لكل معتدل فى تديّنه أن الآيات التى تحضّ المؤمنين على السلام هى الأصل الذى يكون الخروج عليه حين يحدث اعتداء.

النص ثابت لم يتغير منذ قرون طويلة، ولكن ما يتغير هو العقل المتفاعل والبيئة الحاضنة، فنجد الشخص نفسه حينما يسافر من بيئة إلى أخرى قد يتغير فهمه للنص. ونجد داخل البيئة نفسها شخصين لكل منهما فهمه للنص.

وعلى هذا فإن ناقدى الأديان عليهم دائماً أن يفرّقوا بين الأديان المختلفة، بل وأن يفرقوا بين الفرق والمدارس والحركات المختلفة داخل الدين الواحد، بل أزعم أننا نعيش عصراً يمكن أن يزعم فيه الإنسان أن هناك من أنماط الدين بقدر ما فيه من منتسبين للدين. بل إن الكثيرين ينتسبون إلى الدين انتساب «الهوية والتعريف» وليس انتساب «الإيمان والتصديق».

القساوسة الأوروبيون جمعوا الأموال للحملات الصليبية ضد بلدان المسلمين، فلجأوا للنص الذى يدعم شراء السيف. واتخذوا من حادثة حرق إحدى الكنائس المهمة فى عهد الفاطميين ذريعة لإعلان الحرب المقدسة على المسلمين الذين كانوا يضطهدون المسيحيين فى الشرق.

ولكن حين بدا أن الانتصار التام على المسلمين كان مشكوكاً فيه إلا بتكلفة مبالغ فيها، لجأوا إلى الآيات التى تتحدث عن السلام ومهادنة المسالم وإدارة الخد الأيسر إذا ضُربت على خدك الأيمن.

علينا ألا نخدع أنفسنا وعلينا ألا نجمل الصورة، علينا أن نواجه بشجاعة مرض التطرف الذى أصابنا.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أيوه منّا إرهابيون كثيرون أيوه منّا إرهابيون كثيرون



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia