كيف نفسر ما يحدث للمنطقة

كيف نفسر ما يحدث للمنطقة؟

كيف نفسر ما يحدث للمنطقة؟

 تونس اليوم -

كيف نفسر ما يحدث للمنطقة

بقلم : معتز بالله عبد الفتاح

كتب محمد الدجانى الداودى مقالاً عن كيف يستخدم الغرب ثقافة المنطقة العربية لتفسير ما يحدث فيها:

ترى السيدة هيام نواس، المحللة السياسية المقيمة فى واشنطن العاصمة، أن المصدر الأساسى للأزمة الحالية فى العالم العربى هو «الثقافة»، وهذا ما يعزز ادعاء «جيمس كلابر» بأن الولايات المتحدة «لا يمكنها إصلاح» منطقة الشرق الأوسط. ورغم هذا التحليل، فإن حل المشكلات الأساسية للمنطقة يتطلب تشخيصاً سليماً يحيط بكل الجوانب، لا أن يلقى اللوم كله على «الثقافة»، إذ إنها لا تمثل سوى جزء صغير من معادلة شديدة التعقيد. ومثلها مثل أى قضية معقدة، لا يوجد فقط مصدر واحد يمكن أن نعزو إليه تلك الاضطرابات الحالية فى الشرق الأوسط، بل هناك عوامل أخرى عديدة ومتشعبة.

من جهة أخرى، لا يمكن الادعاء بأن التفسير الموحد «للإسلام» هو المسئول عن حالة الضيق المتفشية فى العالم العربى، إذ حتى إذا ما تجاهلنا شريحة كبيرة من العرب الذين يعتنقون ديانات أخرى، فإنه سيتكشَّف لنا أن العرب يمارسون الإسلام بطرق كثيرة ومتعددة، هذا إلى جانب مسألة تعدد الفصائل الفكرية السنية والشيعية، التى يبدو الاختلاف بينها واضحاً للعيان.

إن الفوضى الحالية فى الشرق الأوسط لها عدة جذور متشعبة، تحمل فى طياتها العديد من التحديات الهيكلية التى يجب أن يجابهها سكان المنطقة. ومن ثم، فإن الإشارة إلى «الثقافة» على أنها كبش الفداء، هو أسلوب شديد التجرد، وشديد التبسيط، ولا يمكن الاعتماد عليه لشرح تلك القضايا بشكل أوسع وأعمق.

وفى واقع الأمر، فإن عقود الخيارات السياسية المدمرة التى مر بها العالم العربى، قد نُسِبَ إليها الكثير من الإخفاقات الثقافية التى مرت بها المنطقة. ومن ناحية أخرى، يواجه العرب بعض الانتقادات الخارجية التى تتهمهم بنقص التعاطف، ويبرز ذلك الانتقاد كرد فعل ضد الإنكار المستمر أو الجهل بوجود المحرقة فى بعض المجتمعات.

لقد أدى فشل النظم التعليمية العربية إلى قيام العديد من الفئات ذات التعليم المحدود بالبحث عن حلول صفرية، فى الوقت الذى ترى فيه النخب أن التعاون والتسوية مع دول أخرى هو خيار أفضل، بل وأكثر استدامة على المدى الطويل، حتى ولو كان هذا الخيار مؤلماً. فالمجتمع العربى مثله مثل كثير من المجتمعات، يتحتم عليه القيام بنقد ذاتى لمراجعة تقاليده وعاداته العتيقة؛ بغية تحسين حالة الجمود الحالية. وهذا لا يعنى بالضرورة أن التقاليد هى جوهر الأزمات العربية، بما فيها حمام الدم الذى يجرى حالياً فى الشرق الأوسط. إذ إن جذور العنف المتفشى فى المنطقة تعود إلى التاريخ السياسى المؤسف والفريد الذى مرت به المنطقة. وهناك أيضاً، مسألة الأخلاق، حيث يعتبر عدم فهم مفهوم الأخلاق، المسئول عن الوضع الحالى فى المنطقة؛ ذلك لأن العالم العربى يتميز بخصوصيته التقليدية، إذ هناك بعض القيم العربية العتيقة مثل جرائم الشرف، التى لا يستسيغها العالم الإنسانى. ولا يوجد مجتمع حضارى يفضل الانتقام على التسوية، والرجال على النساء، والجماعات على الأفراد، والتى يصعب العثور عليها فى مجتمعات أخرى. لكن، وبالمقابل هناك أفراد من كلا الجنسين من العرب يتسمون بالشجاعة، ويقاتلون من أجل حقوق المرأة، سواء الحقوق القانونية والمجتمعية، ويناهضون الأفعال الانتقامية التى تتم خارج نطاق النظام العام، ويدعمون الحرية الشخصية فى كثير من الأحيان، وغالباً ما يشنون معاركهم ضد الدولة.

ومن جهة أخرى، يواجه العديد من المواطنين فى الدول العربية فى إطار نظام الدولة الاستبدادية تحديات كبرى من أجل الحصول على تعليم جيد وحر، وحتى من أجل حق التعبير عن الحرية الفردية. إلا أنه غالباً ما تنسب أسباب الفشل للعرب الذين لا يختلفون الكثير عن بقية العالم. وحتى لا نكون متحاملين على العرب، فإن هذه السمة ليست سمة عربية فحسب، ولكنها فى الأساس سمة عامة فى البشرية، فحتى العالم الغربى أصبح يعانى منها حالياً، وذلك فى ظل انتشار حركات واسعة، تدعو إلى استئصال «الآخر»، من أجل حل أزمة العجز والفشل الداخلى. وهذا دليل على أن المحاولات الغربية لا تبدو أكثر استنارة من المحاولات العربية التى تعمل على مقاومة ومنع «التغريب»، باعتباره مفسدة «لتقاليدهم».

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف نفسر ما يحدث للمنطقة كيف نفسر ما يحدث للمنطقة



GMT 07:23 2017 السبت ,25 شباط / فبراير

أكثر ما يقلقنى على مصر

GMT 05:23 2017 الأربعاء ,22 شباط / فبراير

من المعلومات إلى القيم والمهارات

GMT 06:34 2017 السبت ,18 شباط / فبراير

جاستن ترودو: رئيس وزراء كندا - الإنسان

GMT 05:38 2017 الخميس ,16 شباط / فبراير

نصائح للوزراء الجدد

GMT 06:07 2017 الثلاثاء ,14 شباط / فبراير

من أمراضنا الأخلاقية

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia