فاز بوتين وخسر الغرب

فاز بوتين وخسر الغرب

فاز بوتين وخسر الغرب

 تونس اليوم -

فاز بوتين وخسر الغرب

بقلم : معتز بالله عبد الفتاح

ما حدث فى سوريا يلخص وضعاً دولياً سيعيش معنا فى الأعوام المقبلة، حيث القدرة على حشد الموارد والقدرات أهم من كمية هذه الموارد ونوع هذه القدرات. بوتين ومعه إيران انتصر لبشار الأسد على الغرب، ومعه الخليج الذى أراد هزيمة بشار الأسد.

يقول نجم الدين النجم على موقع «ساسة بوست»

ما لبثت أن ودعت أحياء حلب الشرقية آخر ساكنيها، حتى أطل علينا الوزير الروسى «سيرغى لافروف» من موسكو، معلناً عن مخرجات الاجتماع الثلاثى، الذى جرى بين روسيا وتركيا وإيران، لتسوية الأزمة السورية، فى غياب غير مبرر لوجود ممثلى المعارضة السورية والنظام السوري، كونهم أطراف المشكلة الرئيسيين، وفى غياب عربى أوضح اعتزال الدول العربية المعترك السورى، إلى غير رجعة.

وأكد «لافروف» عراب الاجتماع الثلاثى، اتفاق الأطراف على وحدة واستقلال الأراضى السورية كدولة ديمقراطية متعددة الأديان والأعراق، وعلى عقم الحلول العسكرية فى تسوية الأزمة، وضرورة البدء بمحادثات السلام، دون الإشارة إلى عملية انتقال سياسى للسلطة تفضى بإحلال نظام جديد، يلبى تطلعات الشعب السورى بالحرية والكرامة والمساواة، كما تضمن جنيف وما تلاه من مؤتمرات.

إلى هنا تبدو مُخرجات هذا الاتفاق معقولة إلى حد ما، بالنظر إلى الظروف الحالية التى تمر بها الثورة السورية، فى ميادين الحرب والسياسة، ولكن هنالك أسئلة تفرض نفسها بقوة على هذا المشهد، الذى تصدرته روسيا غير آبهة بأمريكا التى تترقب رحيل أوباما وتسلم ترامب دفة قيادة أعظم دولة فى العالم.

السؤال الأول الذى يتبادر إلى الأذهان، هل روسيا ومعها إيران وتركيا، يمكنها حقاً الوصول إلى إيقاف القتال والبدء بمفاوضات سلام تنتهى بحل توافقى ينهى مأساة السوريين المستمرة منذ ست سنوات؟

نظراً لتأثير هذه الدول على البندقيات الساخنة فى سوريا وبكافة ألوانها وراياتها، يمكننا أن نقول إذا صدقت نيتهم بإيقاف القتال، فذلك ممكن، فإذا أوقفت إيران نشاط قواتها والميليشيات التابعة لها على الأرض السورية، وإذا أجبرت تركيا الفصائل التى تدعمها فى الشمال السورى على إيقاف القتال، وإجبار قوى المعارضة السياسية على الحضور والإذعان للمفاوضات، فهاتان خطوتان كبيرتان وجديتان نحو الحل المنشود، لكن ماذا عن روسيا؟

بوتين، الذى استعاد جزءاً كبيراً من هيبة روسيا دولياً من خلال أكبر أزمات هذا القرن، يسعى لأن يكون هو صاحب الفضل فى إنهائها، لتكتمل صورة روسيا الجبارة فى العالم، التى لا تريد، أى روسيا، استنزاف قوتها أكثر من ذلك فى حرب أمسكت بخيوطها كاملة، وقادرة على فك تشابكاتها بالطريقة التى تحب وتشتهى، خصوصاً بعد أن ركب فى سفينتها، كلٌ من تركيا وإيران ومصر والسعودية وأمريكا ترامب.

السؤال الآخر هو أين النظام والشعب السورى من هذه الرؤية الروسية التركية الإيرانية؟ ومن سيضمن رضا هذين الطرفين الرئيسيين عن خطوات الرؤية الثلاثية؟

تدخلت كل من روسيا وإيران فى سوريا لغايات مصلحية بحتة، بعيدة كل البعد فى الجوهر، عن النظام وشخص رئيسه بشار الأسد، ومن المهم أن نؤكد أن الجيوش والمقاتلين لا يمكن أن تتحرك لمنع سقوط نظام بعينه، أو لتأمين سلامة شخص بذاته، وإن كان ما حدث يوحى بعكس ذلك.

إن اجتماع موسكو الثلاثى ما هو إلا تقاسم وتوافق على اقتسام المصالح، واعتراف كل طرف من الأطراف، بمصلحة الأطراف الأخرى فى سوريا، وإلى هنا يبدو أن تركيا تخلت عن مطلبها الدائم بإسقاط النظام السورى إلى أجل ما، وإرضائها بدعم إيرانى وروسى لمصالح الدولة التركية الاستراتيجية فى سوريا، خصوصاً ضمان عدم الوصول لأى كيان كردى فى الشمال السورى، كما كانت تسعى إدارة الرئيس أوباما، ويبدو أيضاً أن إيران رضيت بضمان الوصول إلى نظام جديد يحفظ مصالحها السياسية والمذهبية، ولا يعادى صولاتها المستمرة فى الشرق الأوسط، كما ستحصل روسيا نهاية المطاف على دولة تابعة لها بشكل من الأشكال، قد يكون على شاكلة العراق المقسوم بحرفية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية.

هذه الاستنباطات والقراءات للواقع السورى وما يرتبط به، تملك الفرصة بإقناعنا أن لروسيا ومعها بقية الأطراف مصلحة بإنهاء الأزمة فى شكلها الحالى، والوصول إلى حل يرضى جميع الأطراف التى تخوض الحرب السورية.

المصدر : صحيفة الوطن

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فاز بوتين وخسر الغرب فاز بوتين وخسر الغرب



GMT 07:23 2017 السبت ,25 شباط / فبراير

أكثر ما يقلقنى على مصر

GMT 05:23 2017 الأربعاء ,22 شباط / فبراير

من المعلومات إلى القيم والمهارات

GMT 06:34 2017 السبت ,18 شباط / فبراير

جاستن ترودو: رئيس وزراء كندا - الإنسان

GMT 05:38 2017 الخميس ,16 شباط / فبراير

نصائح للوزراء الجدد

GMT 06:07 2017 الثلاثاء ,14 شباط / فبراير

من أمراضنا الأخلاقية

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia