مصر والسعودية

مصر والسعودية

مصر والسعودية

 تونس اليوم -

مصر والسعودية

بقلم : معتز بالله عبد الفتاح

كتبت من قبل هذا الكلام، وأكرره لأهميته فى ضوء ما أرصده من علامات اختلاف قد يؤدى إلى خلاف.

دون السعودية فلا قيامة للعرب، ودون مصر فلا وجود للعرب.

إذاً ما المطلوب؟ المطلوب هو التطابق فى إدراك مصادر التهديد المشترك، لأن مصادر التهديد فعلاً مشتركة ومتطابقة. قلت من قبل إن العاهل السعودى والرئيس المصرى رجلان يعيان خطورة المأزق الذى تعيشه الأمة العربية.

نحن بصدد «سايكس بيكو» جديدة، سواء بالمعنى الحرفى أو بالمعنى المجازى، سواء كان هناك من يجلس فى مكان ما على بُعد آلاف الأميال، كى يعيد تقسيم حدود المنطقة، أو من تقاطعت مصالحه والتقت أهدافه مع أهداف قوى محلية أو إقليمية، قد يكون لها أهداف مشروعة على المستوى الإنسانى، لكن يمكن استغلال أهدافها هذه لتحقيق مخطط أكبر، هى لم تكن على وعى به. الرجلان يعلمان أن الأمة العربية تعيش اختباراً لا يقل قسوة أو خطورة أو أثراً عن اختبار رسم حدود المنطقة الذى حدث من مائة عام، حين تم الاتفاق ودياً بين المستعمرين على إطلاق يد فرنسا فى المغرب العربى، مقابل أن تبتلع إنجلترا مصر والسودان، وأن يتم تقسيم إرث الدولة العثمانية إلى مناطق نفوذ، بحيث تكون سوريا ولبنان من نصيب فرنسا، والعراق من نصيب إنجلترا، وهكذا. هناك خطر إقليمى داهم لا يتجاهله إلا ساذج، وهو ما سماه الملك الأردنى منذ فترة «الهلال الشيعى» الممتد من إيران إلى المنطقة الشرقية فى الجزيرة العربية، امتداداً إلى العراق إلى سوريا إلى لبنان. نحن، العرب، فى أضعف أحوالنا يقيناً. وما كان متماسكاً، حتى لو شكلياً قبل 2011، تعرّت عنه ورقة التوت بعد أن أصبح ضعف دولنا ومجتمعاتنا حقيقة يعلمها من لا يريدون لنا خيراً ويروننا فريسة سهلة كى يعيدوا تشكيل حدود دولنا. هناك أربع دول عربية انتهت فعلياً؛ هى الآن أشباه دول داخل كيانات جغرافية ودبلوماسية لها أعلام وحكومات شكلية احتفالية أكثر منها كيانات سياسية وقانونية قادرة على أن تُسيطر على أمنها وحدودها، وهى فلسطين المحتلة، ولبنان المنقسمة، والصومال المنسية، والسودان المهدّدة. وتسير فى الوجهة نفسها، وبدموية أكثر أربع دول أخرى: العراق، وسوريا، وليبيا، واليمن. هم يريدون منا أن نظل نتقاتل ونتقاتل، نتفتت ونتفتت.

ولو بدت علامات هدنة أو هدوء أو تسوية فسيفعلون كل ما يستطيعون من أجل استمرار الحرب والاقتتال والاستنزاف. وهذا ما فعله الأمريكان حين كانوا يعقدون صفقات الأسلحة مع العراق ويبلغون إيران، عبر وسطاء، بأماكن تخزينها. مصر بحاجة إلى دعم أشقائها فى فترة صعبة نعيشها ولا ينبغى أن تطول. والمملكة تدعم مصر، ليس فقد باحتياطيها النقدى المهول الذى يتخطى 750 مليار دولار، لكن بحشد الطاقة لمؤتمر أصدقاء مصر، نتمنى أن يتمخض عنه فى النهاية مشروع مارشال عربى مصرى، كى لا تكون مصر دُولةً بين الأغنياء أو الأقوياء من دول المنطقة. أكرر إن مصر آخر عمود فى المنطقة العربية؛ كان شائعاً أنه دون مصر فلا حرب مع إسرائيل، ودون سوريا فلا سلام مع إسرائيل. ويمكن أن أعيد صياغتها لأقول: دون السعودية لا قيامة للعرب، ودون مصر لا وجود للعرب.

وبناءً عليه فإن محور «القاهرة - الرياض» مطلوب منه أن ينتشل بقية أمتنا العربية مما هى فيه. «التطابق فى إدراك مصادر التهديد المشترك، لأن مصادر التهديد فعلاً مشتركة ومتطابقة» عبارة قد تبدو إنشائية لمن لا يعرف الكثير عن العلاقات الدولية. هذا هو مثلاً نمط العلاقة بين الولايات المتحدة وإنجلترا.

نحن بحاجة إلى أمر من هذا فى واقعنا هذا وفى وقتنا هذا. المعادلة بسيطة: التحالف أو الانهيار.

اللهم ألّف بين قلوبنا، واجمع شتات أمرنا، واجعل غدنا أفضل من يومنا.. آمين.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر والسعودية مصر والسعودية



GMT 07:23 2017 السبت ,25 شباط / فبراير

أكثر ما يقلقنى على مصر

GMT 05:23 2017 الأربعاء ,22 شباط / فبراير

من المعلومات إلى القيم والمهارات

GMT 06:34 2017 السبت ,18 شباط / فبراير

جاستن ترودو: رئيس وزراء كندا - الإنسان

GMT 05:38 2017 الخميس ,16 شباط / فبراير

نصائح للوزراء الجدد

GMT 06:07 2017 الثلاثاء ,14 شباط / فبراير

من أمراضنا الأخلاقية

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia